2004-10-02 16:06:17

حياة الطوباوي جوزف ـ ماري كاسَّان


  يوم الأحد القادم، الثالث من شهر تشرين الأوَّل /أكتوبر/، يرأس قداسة البابا يوحنَّا بولس الثَّاني في الفاتيكان احتفال إعلان تطويب خمسة من خدام الله، من بينهم خادم الله جوزف ـ ماري كاسَّان الذي وُلِدَ في فرنسا في السادس من شهر آذار /مارس/ من عام 1879 من عائلة كانت تهتم بزراعة الأعشاب، وكان له أخٌ يكبره بتسع سنوات.

   أكمل دروسه، بصعوبة، في مدرسة إخوة القديس جان دو لاسال، وذلك لعدم تمتُّعه بذاكرة قوية للحفظ والاستيعاب، ولكنَّه تلقَّن بين البيت والمدرسة تربية مسيحيَّة صالحة وصلبة نمَّت في داخله، يوماً بعد يومٍ، رغبة الانخراط في السلك الكهنوتي.

   كاهن الرعية كان يهتمُّ به كثيراً ويساعده بدروسه، ولكن مشكلة ضعف ذاكرته حالت دون دخوله المدرسة الإكليريكيَّة الصُّغرى. تميَّز هذا الشاب الناشئ بالصمت وخلوده الدائم إلى التأمُّل والصلاة مما دفع بكاهن رعيته لنُصحه بدخول دير الرهبان المتوحِّدين، فلبَّى الشاب جوزف ـ ماري ودخل في الخامس من كانون الأوَّل /ديسمبر/ من عام 1894 دير العذراء مريم سيِّدة القِفار التابع للرهبان السيسترسيان في أبرشية تولوز الفرنسيَّة، وكان عمره آنذاك ستَّ عشرة سنة.

   قَبِلَه مُعلِّم المُبتدئين بروح أبويَّة لإدراكه طيبة هذه الدعوة الفتية، وطلبَ منه أن يثق به لأنَّه سيُساعده على محبَّة يسوع. كما أن الجماعة الرهبانية قبلته بكلِّ محبَّة وانفتاح لما تميَّز به من روح مَرِحٍ وبسمة دائمة لا تفارق مُحَيَّاه. لم يكن يرضى بأنصاف الحلول، كان جذرياً في خياراته بالرغم من محدوديَّة ذكائه، فاختار أن يُعطي ذاته بكليَّتها للمسيح وأخذ شعاراً له:"كلُّ شيء ليسوع، كلُّ شيءٍ لمريم". وفي الرابع والعشرين من أيار/مايو/ عيد صعود الرَّب يسوع إلى السماء، أبرز نذوره المؤبَّدة في الدَّير.

   بعد النذور المؤبَّدة راح جوزف ـ ماري يستعدُّ للكهنوت بدراسة اللاهوت على يد راهبٍ لم يكن متفهِّماً لمحدوديته ولضعف ذاكرته، مما سبَّبَ له مواجهات مؤلمة جرحت إحساسه المُرهَف. ولكن بالرغم من كلّ ذلك وبمُساعدة معلِّمه واتكاله على يسوع، استطاع تخطي محنة الدَّرس ونجح بامتحانات اللاهوت التي خوَّلته للسيامة الكهنوتية التي تمَّت في الثاني عشر من شهر تشرين الأوَّل /أكتوبر/ من عام 1902.

أصيب بمرض السلّ الخطير فأرسله رئيسه إلى بيت أهله حيث مكثَ مدَّة سبعة أسابيع دون جدوى من تحسُّن صحَّته التي تدهورت سريعاً، فقرَّر الرئيس إعادته إلى الدَّير حيث راح يعتني به ممرِّضٌ مُهمِل زاد من آلامه وعذاباته التي كان يُقدِّمها ليسوع مُردِّداً:"عندما أعجزُ عن إتمام الذبيحة الإلهيَّة، يُمكِنُكَ يا يسوع أن تأخُذَني من هذا العالم".

   وبعد تسع سنوات عاشها في حصن الدَّير مُتمِّماً أبسط أمور الحياة بمحبَّة وأمانة، من صلوات، ودرس، وعمل، وبعد سنة واحدة من نواله سرَّ الكهنوت المُقدَّس، بلغت ساعة رحيله عن أرض الشقاء في السابع عشر من حزيران /يونيو/ من عام 1903 وكان في الخامسة والعشرين من عمره. فلتَكُن صلاته معنا. آمين.

 








All the contents on this site are copyrighted ©.