2018-06-06 14:56:00

المطران يوركوفيتش في مؤتمر العمل الدولي: يحب النظر إلى العمل بشكل مختلف من أجل بناء مجتمع مدمِج


شارك مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى مكاتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف رئيس الأساقفة إيفان يوركوفينتش في الدورة الـ 107 لمؤتمر العمل الدولي التي بدأت أعمالها في 4 حزيران يونيو الجاري. وفي مداخلته في أول أيام المؤتمر تحدث عما يشهده عالم اليوم من تغيرات بنيوية تتطلب تحليلا عميقا وإعادة التفكير في العمل وما يعنيه بالنسبة للاقتصاد والمجتمع واتخاذ القرارات السياسية. وتابع مؤكدا أن العمل في زمن التنمية المستدامة يجب أن يظل القناة الأساسية من أجل بناء مجتمع مدمِج يبتعد عن المعايير السطحية للترقي البشري على أساس النمو الاقتصادي وتراكم الثروات المادية فقط. يجب للعمل حسب الكرسي الرسولي المشاركة والإسهام في مجتمع مدمِج للجميع، ويصبح هكذا من الضروري للتنمية البشرية المتكاملة أن تقوم على ثلاثة أسس هي التنمية الاقتصادية والدمج الاجتماعي والاستدامة البيئية. وانطلاقا من هذا المفهوم نحن في حاجة إلى إعادة تقييم للعمل والنظر إليه باعتباره تعبيرا أساسيا عن الشخص البشري لكونه وسيلة تمَكنه من تحقيق الذات.

وفي سياق حديثه عن العمل الكريم ذكر مراقب الكرسي الرسولي الدائم أنه يعني أيضا الأجور العادلة والتي لا يمكن ترك تحديدها لنزوات السوق، بل يجب أن تقوم على العدالة والمساواة لتمكين الأشخاص من عيش حياة بشرية حقيقية ومن الحصول بشكل ملائم على كافة الخيور المخصصة للاستخدام المشترك. وذكَّر في هذا السياق بحديث البابا فرنسيس عن أهمية الأجور العادلة إلى المشاركين في اللقاء العالمي الثاني للحركات الشعبية، وذلك خلال زيارته الرسولية إلى بوليفيا في تموز يوليو 2015.

تحدث رئيس الأساقفة بعد ذلك عن التطور التكنولوجي السريع في عالم اليوم والذي يشكل تحديا جديدا، وأشار إلى أن الاقتصاد يقبل هذا التطور مفترِضا أن له تبعات إيجابية فقط على المجتمع، بينما يؤكد الواقع أن التكنولوجيا والعولمة يلعبان دورا كبيرا في الاستقطاب المتزايد لسوق العمل، وذلك في الدول المتقدمة والنامية على حد سواء، ما يشكل عبئا على الدول التي لم تخرج بشكل كامل بعد من الأزمة المالية. وتحدث المراقب الدائم عن أن الخوف من تأثير سلبي للتكنولوجيا على العمل كمَّا ونوعا ليس بالأمر الجديد، لكننا اليوم في حاجة إلى فهم أكثر تعمقا لمعنى التطور التكنولوجي وتبعاته المحتملة، وشدد في هذا السياق على أن استبدال الإنسان بآلات من أجل تقليص التكلفة يفرض تحديات أخلاقية كبيرة، وذلك لأنه يضع الفعالية الاقتصادية والإنتاجية في مرتبة أعلى مقارنة بالكرامة البشرية.

ومن بين القضايا الأخرى التي طرحها المراقب الدائم الشباب ومستقبلهم، فشدد على ضرورة الاعتماد على الأجيال الجديدة وإشراكها من أجل بناء مستقل مستدام، بينما نرى شباب اليوم في حالة تهميش وضعف، ويعجز الاقتصاد العالمي رغم نموه عن خلق فرص عمل جيدة وخاصة للشباب. ودعا بالتالي إلى وضع الشباب في مركز قضايا العمل وذلك لبناء مستقبل مدمِج، مشددا على أهمية التعليم والتنشئة المهنية، كما تحدث عن الحاجة إلى نظرة مختلفة إلى الشباب.

توقف رئيس الأساقفة بعد ذلك عند المرأة فأكد الحاجة العاجلة إلى الاعتراف بحقوق المرأة في سوق العمل، وأخْذ بعين الاعتبار تطلعات النساء سواء في العائلة أو المجتمع. وتحدث عن حرمان المرأة من العمل في عالم اليوم وعن اضطرار نساء كثيرات إلى الاختيار ما بين العمل والعائلة، بينما لكل امرأة، حسب ما أكد، الحق في أن تكون أمًّا وتواصل مسيرتها المهنية في الوقت نفسه. وشدد في هذا السياق على كون العائلة الخلية الأساسية للمجتمع ويجب حمايتها. تحدث رئيس الأساقفة من جهة أحرى عن قضية أساسية لمساعدة المرأة في مجال العمل، ألا وهي التربية، وأشار إلى أن ملايين الفتيات يحرَمن من التعليم وخاصة في الدول النامية. كرر المراقب الدائم أيضا إدانة الكرسي الرسولي لأشكال العبودية الجديدة التي يتعرض لها أكثر الأشخاص ضعفا بما في ذلك النساء والفتيات، في إشارة إلى العنف والعمل القسري والاتجار بالبشر وغيرها.

وفي ختام مداخلته خلال أعمال مؤتمر العمل الدولي في جنيف دعا المطران يوركوفيتش باسم الكرسي الرسولي المجتمع الدولي إلى تحقيق مساواة حقيقية في مجالات العمل كافة، مؤكدا أن الاحترام الكامل للمرأة وكرامتها يتجاوز مجرد إدانة التمييز والظلم، بل يجب في المقام الأول تعزيز المرأة بدءًا من الاعتراف بكرامتها.           

 








All the contents on this site are copyrighted ©.