2017-08-30 13:58:00

اليوم الدولي ضد الاختبارات النووية. مواقف ونداءات البابا فرنسيس


يصادف هذا الأربعاء اليوم الدولي ضد الاختبارات النووية والذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 2009 بهدف تعزيز مبدأ بذل كل جهد ممكن من أجل وضع حد للاختبارات النووية والقضاء بالتالي على تأثيرها المدمّر على حياة الأشخاص. وكان البابا فرنسيس ـ ومنذ بداية حبريته ـ قد دعا في أكثر من مناسبة إلى القضاء على الأسلحة النووية. ففي السابع من كانون الأول ديسمبر من العام 2014 بعث البابا فرنسيس برسالة إلى المشاركين في مؤتمر عقد في فينا حول الانعكاسات الإنسانية للأسلحة النووية. وأكد فيها البابا أن الأسلحة النووية هي اليوم مشكلة عالمية تعاني منها كل الأمم ولديها أيضا انعكاساتها على الأجيال المستقبلية وكوكب الأرض. وشدد البابا على الحاجة الملحة إلى أخلاقيات عالمية من أجل تخفيض مستوى التهديدات النووية والعمل معا من أجل نزع الأسلحة النووية. ولفت أيضا إلى أن هذا النوع من السلاح يحمل انعكاسات على الصعيد الإنساني في العالم كله، مشيرا إلى وجود أشخاص في عالم اليوم ذهبوا ضحية الأسلحة النووية، وهم يحذروننا من مغبة تكرار الخطأ نفسه الذي ألحق أضرارا جسيمة بالبشر والخليقة. وشجع البابا هؤلاء الأشخاص على أن يطلقوا نداءات نبوية ويحثوا العائلة البشرية على تقدير الجمال والمحبة والتعاون والأخوة مذكرين العالم بمخاطر الأسلحة النووية القادرة على تدمير البشر ومسح الحضارات.

أما في الخامس والعشرين من أيلول سبتمبر من العام 2015 وفي الخطاب الذي ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة فحذر البابا أيضا من المخاطر التي تترتب على انتشار الأسلحة، لاسيما أسلحة الدمار الشامل ودعا إلى الالتزام لصالح عالم خال من السلاح النووي عن طريق تطبيق معاهدة منع الانتشار النووي، نصا وروحا. وقد تطرق البابا أيضا إلى هذا الموضوع في رسالته لمناسبة اليوم العالمي للسلام في الأول من كانون الثاني يناير 2017 عندما توجه إلى الجماعة الدولية مطلقا نداء لصالح نزع السلاح النووي، محذرا من مغبة الاستمرار في منطق الردع النووي والتهديد المتبادل بالدمار.

في الرسالة التي بعث بها البابا إلى المشاركين في قمة عقدتها منظمة الأمم المتحدة في شهر آذار مارس من هذا العام بهدف مناقشة أداة ملزمة قانوناً بشأن حظر الأسلحة النووية شجع المؤتمرين على العمل بحزم من أجل توفير الشروط المناسبة لبناء عالم خال من الأسلحة النووية مشددا على ضرورة الالتزام في بناء عالم لا مكان فيه للسلاح النووي. وتحدث فرنسيس عن التهديدات الرئيسة المحدقة اليوم بالسلام والأمن وعن مختلف أبعادها في هذا العالم المتعدد الأقطاب في قرننا الحادي والعشرين مشيرا إلى الإرهاب والصراعات غير المتزنة والأمن المعلوماتي والمشاكل البيئية والفقر. وأكد أن الرادع النووي لا يسعه الاستجابة إلى هذه التحديات، خصوصا إذا ما أخذنا في عين الاعتبار النتائج الكارثية على الصعيدين الإنساني والبيئي التي تترتب على اللجوء إلى هذا النوع من السلاح. وحث البابا المؤتمرين على التفكير بمدى استدامة التوازنات المرتكزة إلى الخوف وانعدام الثقة بين الشعوب، لافتا إلى أن السلام والاستقرار العالميين لا يمكن أن يرتكزا إلى شعور مزيف بالأمن أو إلى التهديد بالتدمير المتبادل بين القوى.

وشدد فرنسيس في هذا السياق على ضرورة أن يُبنى السلام على أسس العدالة والتنمية البشرية المتكاملة واحترام حقوق الإنسان الأساسية وحماية الخليقة ومشاركة الجميع في الحياة العامة وتعزيز دور المؤسسات المسالمة، وضمان التربية والصحة للجميع فضلا عن الحوار والتضامن. من هذا المنطلق لا بد أن تتبنى الجماعة الدولية إستراتجيات بعيدة النظر من أجل تعزيز هدف السلام والاستقرار والحيلولة دون تبني مقاربات قصيرة النظر لمشاكل الأمن القومي والدولي. ودعا البابا الجميع إلى التفكير بخلقية السلام والأمن التعاوني المتعدد الأطراف والذي يتخطى الخوف والانعزالية معتبرا أن بلوغ هذا الهدف يتطلب تعاونا ملموسا مرتكزا إلى ثقة متبادلة.

وسلط البابا الضوء على ضرورة أن ترتكز هذه الثقة إلى الحوار الموجّه نحو الخير العام لا نحو حماية المصالح الخاصة والمخفية، وينبغي أن يشمل هذا الحوار الجميع: البلدان النووية، وغير النووية، القطاعين العسكري والخاص، الجماعات الدينية والمجتمع المدني والمنظمات الدولية. واعتبر فرنسيس أن البشرية قادرة على التعاون في بناء البيت المشترك، ولديها الحرية والذكاء والقدرة على توجيه التكنولوجيا ووضع نفسها في خدمة تطور إنساني واجتماعي متكامل. في ختام رسالته تمنى البابا أن تشكل هذه القمة خطوة مقررة في المسيرة باتجاه عالم خال من السلاح النووي واعتبر أن هذا الهدف، وعلى الرغم من كونه معقدا، ليس بعيد المنال. وأمل أن تساهم القمة في إعطاء دفع باتجاه خلقية السلام والأمن التعاوني المتعدد الأطراف.         








All the contents on this site are copyrighted ©.