2017-02-27 10:53:00

البابا فرنسيس يزور كنيسة جميع القديسين الأنغليكانيّة في روما


زار قداسة البابا فرنسيس عصر أمس الأحد كنيسة جميع القديسين الأنغليكانيّة في روما بمناسبة الذكرى المئويّة الثانية على تأسيسها حيث بارك قداسة البابا أيقونة للمسيح المخلّص وألقى كلمة للمناسبة قال فيها لقد دعوتموني لأبارك الأيقونة الجديدة للمسيح المخلِّص. إن المسيح ينظر إلينا ونظرته تقع علينا. إنّها نظرة خلاص ومحبّة وشفقة. إنّها نظرة الرحمة عينها التي اخترقت قلب الرسل الذين بدؤوا مسيرة حياة جديدة لإتباع المعلم والتبشير به. في هذه الصورة المقدّسة وإذ ينظر يسوع إلينا يبدو وكأنّه يوجِّه لنا دعوة: "هل أنت مستعدٌّ لترك ماضيك من أجلي؟ هل تريد أن تكون رسول محبتي ورحمتي؟"

تابع الأب الأقدس يقول إن الرحمة الإلهيّة هي ينبوع كل خدمة مسيحيّة. وهذا ما يقوله لنا القديس بولس الرسول إذ يتوجّه إلى أهل كورنتس في الرسالة التي سمعناها ويكتب: "وأَمَّا وقَد أُعَطِينا تِلكَ الخِدمَةَ رَحمَةً، فلا تَفْتُرُ هِمَّتُنا" (2 كور 4، 1). في الواقع إن علاقة القديس بولس بجماعة كورنتس لم تكن سهلة أبدًا. ولكن هذا المقطع يُظهر لنا أن الرسول يتخطى اختلافات الماضي، وإذ يعيش خدمته بحسب الرحمة التي نالها لا يستسلم أمام الانقسامات بل يبذل نفسه في سبيل المصالحة. كيف قام بولس بهذه المهمّة ومن أين بدأ؟ من التواضع الذي ليس مجرّد فضيلة جميلة وإنما هي مسألة هويّة: إن بولس يفهم نفسه كخادم لا يعلن نفسه وإنما يسوع المسيح الرب. ويقوم بهذه الخدمة بحسب الرحمة التي نالها وليس بناء على شجاعته وقواه الشخصيّة. أن نُصبح متواضعين يعني ألا نكون محور أنفسنا ونعترف بحاجتنا لله وبأننا متسولي رحمة: هذه هي نقطة الانطلاق لكي يتمكّن الله من العمل. لقد كان القديس بولس يشعر أنّ الرحمة قد أشبعته وبالتالي أصبحت أولويّته مشاركة خبزه مع الآخرين أي فرح أن يحبّنا الرب ونحبّه.

أضاف الحبر الأعظم يقول هذا هو خيرنا الأثمن وكنزنا وفي هذا الإطار يستعمل القديس بولس إحدى صوره الشهيرة والتي يمكننا أن نطبِّقها على كل فرد منا: "هذا الكَنزَ نَحمِلُه في آنِيَةٍ مِن خَزَف". نحن مُجرّد آنية من خزف ولكننا نحمل في داخلنا أكبر كنز في العالم. إن بولس، الخاطئ الذي نال النعمة، يعترف بتواضع أنّه ضعيف كآنية خزف، ولكنّه اختبر ويعرف أنَّه حيث ينفتح البؤس البشري على عمل الله الرحوم، يصنع الرب العظائم؛ هكذا تعمل قُدرة الله الفائقة. وإذ وثق بهذه القوّة المتواضعة خدم بولس الإنجيل؛ وفي حديثه عن بعض أعدائه في كورنتس يسمّيهم، وبنوع من السخرية، "الرُّسُلِ الأَكابِر" لأنّهم انتقدوا ضعفه الذي كانوا يعتبرون أنفسهم مستثنون منه. لكن بولس يعلّم أنّه فقط من خلال اعترافنا بأننا آنية من خزف ضعيفة، وخطأة يحتاجون على الدوام للرحمة يفيض علينا كنز الله ويفيض من خلالنا على الآخرين. وإلا سنكون فقط ممتلئين بكنوزنا التي تفسد وتُعفِّن في أواني جميلة خارجيًّا؛ أما إن اعترفنا بضعفنا وطلبنا المغفرة فستسطع في داخلنا رحمة الله الشافية وستظهر أيضًا للآخرين الذين سيرون من خلالنا جمال وجه المسيح اللطيف.

تابع الأب الأقدس يقول كاثوليك وأنغليكان، نحن ممتنّون بتواضع لأننا، وبعد عصور من الشك المتبادل، أصبحنا قادرين على الاعتراف بأن نعمة المسيح الخصبة تعمل أيضًا في الآخرين. لنرفع الشكر إلى الرب لأن الرغبة بالاقتراب قد نمت بين المسيحيين وهي تظهر من خلال الصلاة معًا والشهادة المشتركة للإنجيل ولاسيما من خلال أشكال الخدمة المتعدّدة. قد يبدو التقدّم في مسيرتنا نحو ملء الشركة أحيانًا بطيئًا ومتردِّدًا ولكنّ يمكننا أن ننال التشجيع من هذا اللقاء اليوم إذ يزور أسقف روما جماعتكم لأول مرّة. إنها نعمة ومسؤوليّة في الوقت عينه: مسؤوليّة تعزيز علاقاتنا لمجد المسيح وخدمة الإنجيل في هذه المدينة.

وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول لنُشجّع بعضنا البعض لنصبح تلاميذًا أمناء أكثر فأكثر للمسيح وأحرارًا من أحكام الماضي تحرّكنا رغبة الصلاة مع الآخرين ومن أجلهم. فحيث نجتمع باسم يسوع يكون هو هناك أيضًا، وإذ يوجّه نظرته الرحيمة إلينا يدعونا لنبذل أنفسنا في سبيل الوحدة والمحبّة. ليسطع وجه الله عليكم وعلى عائلاتكم وجماعتكم بأسرها!  








All the contents on this site are copyrighted ©.