2017-02-24 13:19:00

البابا فرنسيس: يسوع هو حقيقة الآب ورحمته


"لا يمكن للمسيحي أن يفاوض على الحقيقة ولكن ينبغي علينا أن نكون عادلين برحمة" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الجمعة في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان وحذّر المؤمنين من الرياء ومن خداع إيمان يتحوّل إلى مجرّد منطق قانون مبني على أحكام وسوابق قضائية.

قال الأب الأقدس: "هَل يَحِلُّ لِلزَّوجِ أَن يُطَلِّقَ امرَأَتَهُ؟" هذا هو السؤال الذي نقرؤه في الإنجيل الذي تقدّمه لنا الليتورجية اليوم من القديس مرقس والذي وجّهه معلمو الشريعة ليسوع خلال بشارته في اليهوديّة، وقد سألوه ذلك ليحرجوه مرّة أخرى. ومن الجواب الذي قدّمه لهم يسوع استهلَّ البابا عظته ليشرح ما هو أكثر أهميّة في الإيمان وقال لم يجبهم يسوع إن كان يحلُّ أو لا لِلزَّوجِ أَن يُطَلِّقَ امرَأَتَهُ؛ ولم يدخل في منطقهم منطق القانون المبني على أحكام وسوابق قضائية. وذلك لأنّهم كانوا يفكّرون بالإيمان فقط كلائحة أشياء يحل أو لا يحلُّ القيام بها، ولذلك لم يدخل يسوع في منطقهم. وأجابهم موجّهًا لهم سؤالاً آخر: "بِماذا أَوصاكُم موسى؟". قالوا: "إِنَّ موسى رَخَّصَ أَن يُكتَبَ لَها كِتابُ طَلاقٍ وَتُسَرَّح"، وبالتالي سقطوا في الشرك الذي نصبوه له لأنَّ يسوع أجابهم واصفًا إياهم بقساة القلوب وقال: "مِن أَجلِ قَساوَةِ قُلوبِكُم كَتَبَ لَكُم هَذِهِ الوَصِيَّة" وهذه هي الحقيقة!

أضاف الحبر الأعظم إن يسوع يقول الحقيقة دائمًا ويشرح الأمور كما هي وفي هذا السياق سلَّط البابا الضوء على حقيقة الكتاب المقدّس وحقيقة شريعة موسى، ويشدّد عليها أيضًا عندما سَأَلَهُ التَّلاميذُ في ٱلبَيتِ أَيضًا عَن ذَلِك. فَقالَ لَهُم: "مَن طَلَّقَ امرَأَتَهُ وَتَزَوَّجَ غَيرَها، فَقَد زَنى عَلَيها. وَإِن طَلَّقَتِ المَرأَةُ زَوجَها وَتَزَوَّجَت غَيرَهُ، فَقَد زَنَت". ولكن إن كانت هذه الحقيقة والزنى هو أمر خطير كما يؤكِّد يسوع فكيف يمكننا أن نشرح حديث يسوع مع الزانية ومع السامريّة؟ كيف نشرح أنّه شرب من وعائها الذي لم يكن مطهّرًا؟ أو أنّه قال للخاطئة: "وأنا لا أحكم عليك. إذهبي ولا تعودي بعد الآن إلى الخطيئة"؟

تابع البابا فرنسيس يقول مسيرة يسوع هي مسيرة الحقيقة والرحمة. هو يترك خارجًا القوانين المبنيّة على أحكام وسوابق قضائية. ويصف بالتالي الأشخاص، الذين يعيشون بحسب منطق الـ "يحلُّ لي ولا يحلُّ لي"، والذين أرادوا أن يحرجوه، بالمرائين. وهكذا أيضًا مسيرة المسيحي لا تستسلم للقوانين المبنيّة على أحكام وسوابق قضائية وإنما تجيب بالحقيقة التي تترافق بالرحمة على مثال يسوع، تجسيد رحمة الآب الذي لا يمكنه أن ينكر ذاته لأنّه حقيقة الآب ورحمته. وهذا هو الدرب الذي يعلّمنا إياه يسوع والذي قد يبدو لنا صعبًا تحقيقه إزاء تجارب الحياة.

أضاف الأب الأقدس يقول عندما تلمس التجربة القلب يصبح درب الخروج من قانون الأحكام والسوابق إلى الحقيقة والرحمة صعب جدًّا ونحتاج بالتالي لنعمة الله لتساعدنا للمضي قدمًا؛ وعلينا أن نطلبها على الدوام: "أعطني يا رب نعمة أن أكون عادلاً برحمة، على مثالك أنت العادل والرحوم". ليساعدنا الرب لنفهم هذه المسيرة التي ليست سهلة غالبًا ولكنّها ستسعدنا وتُسعد العديد من الأشخاص.  

 








All the contents on this site are copyrighted ©.