2016-12-29 09:13:00

رسالة البطريرك غريغوريوس الثالث لمناسبة الميلاد المجيد


كان الوجود المسيحي في منطقة الشرق الأوسط، في مهد المسيحية، محور رسالة عيد الميلاد لغبطة البطريرك غريغوريوس الثالث لحام بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والإسكندرية وأورشليم للروم الملكيّين الكاثوليك. وقال غبطة البطريرك في بداية رسالته: "اليوم الوجود المسيحيّ مهدّد في الشرق الأوسط مهد المسيحيّة. مهدّد بسبب الحروب التي تتسبّب في الهجرة المخيفة، لا سيّما للمسيحيّين. وهذا ما نراه لا سيّما في فلسطين وسوريّة والعراق ولبنان وفي الأردنّ ومصر... هذه البلاد التي تمثّل نواة الحضور المسيحيّ في العالم العربيّ في مشرقنا الحبيب!".

وعقب استعراض أبرز المراحل التاريخية لما وصفه بـ "نموذج فريد للدور المسيحيّ والتواصل المسيحيّ الإسلامي"، واصل غبطة البطريرك مؤكدا ضرورة الحفاظ على الوجود المسيحي في منطقتنا ومواصلة هذه المسيرة، وهو ما يتطلب "أن يكون هناك مجال للغفران، وطلب السماح، والرحمة، والتراحم". ثم أضاف أن هذه هي القيم التي دعت إليها وثيقة المجمع الفاتيكاني الثاني التي مرّ خمسون عامًا على إصدارها (1965)، أي  البيان المجمعي "علاقة الكنيسة بالديانات غير المسيحيّة". وذكَّر في هذا السياق بالفصل المخصص للمسلمين "الذين يعبدون الإله الواحد الحيَّ القيُّوم الرّحيم الضّابط الكلّ، خالق السماء والأرض، المكلِّم البشر. ويجتهدون في أن يخضعوا بكلّيتهم حتى لأوامر الله الخفيّة"... كما أنهم "ينتظرون يوم الدين عندما يُثيبُ الله كلّ البشر القائمين من الموت. ويعتبرون أيضًا الحياة الأخلاقيّة ويؤدّون العبادة لله، لا سيّما بالصلاة والزّكاة والصّوم". كما ودعا المجمع الفاتيكاني الثاني الجميع، وإزاء ما وقع من "منازعات وعداوات عبر الزمان بين المسيحيين والمسلمين"، إلى "أن يتناسَوا الماضي وينصرفوا بإخلاص إلى التفاهم المتبادل، ويصونوا ويُعزِّزوا معًا العدالة الاجتماعيّة والخيور الأخلاقيّة والسلام والحريّة لفائدة جميع الناس". أكد غبطة البطريرك بالتالي في رسالته "أنّ مستقبلنا في هذا الشرق واحد! وعلينا أن نبني مستقبلاً أفضل لأجيالنا الطالعة. والعبرة أنّه قد حان الوقت للعمل معًا لأجل مستقبل أفضل لأجيالنا الطالعة لا سيّما في جوّ العولمة، وأمام موجة الهجرة من البلاد العربيّة والإسلاميّة إلى أوروبا". وفي سياق حديثه عن الهجرة دعا البطريرك غريغوريوس الثالث المسيحيين، ومع تفهمه لأسباب الهجرة والنزوح، إلى "محاولة البقاء والتغلّب على الخوف والهواجس وأخطار الحرب وظروف الحياة الصعبة". أكد من جهة أخرى الصلاة كي تنتهي الحرب ويتمكن المهجرون والنازحون من العودة، كما ذكّر بلقاءاته المتكررة مع النازحين ومساعيه لتأمين الرعاية الروحية لهم.

توقف غبطة البطريرك بعد ذلك لدى اعتبارات ثلاثة يعتبرها دليلا للمسيحيين. الإعتبار الأول هو "كلمة البابا القديس يوحنّا بولس الثاني: إنّ جوهر الإنسان أن يكون مع ولأجل. فالمسيحيّ المشرقيّ بنوع خاصّ مدعوٌّ لتطبيق هذا الشعار لا سيّما في وطنه الأصيل في الشرق، فيكون مع جميع المواطنين من كلّ أطياف أوطاننا العربيّة". الاعتبار الثاني "كلمة البابا فرنسيس ووصيّته للشباب في البرازيل: إنّكم بحاجة إلى أمرين: هويّة وانفتاح! وهذا الشعار على المسيحيّ المشرقيّ أن يعيشه في وطنه في الشرق وفي أيّ مكان ينزح إليه، أن يحمل معه هويّته المشرقيّة، ويعيشها في مجتمعه، في وطنه الأصيل ووطنه الجديد! هويّتنا هو يسوع الطفل الجديد والإله الذي قبل الدهور!". أما الاعتبار الثالث فهو العبارة الشهيرة باللغة اللاتينيّة: من الشرق يأتي النور! حيثُما حللتَ أو رحلتَ تبقى ابن الشرق! ابن كنيسة الشرق أم الكنائس!... من الشرق يأتي يسوع نور العالم بأسره!

وختم غبطة البطريرك مؤكدا أن رسالته لهذه السنة هي "وقفة تأمّليّة أمام مغارة الميلاد.. وقفة أمل ورجاء بأنّ القيامة هي مرحلة ما بعد الصليب". هي "دعاء لكي يشمل سلام الميلاد الإلهيّ بلداننا المعذّبة لا سيّما في فلسطين والعراق ولا سيّما سوريّة الحبيبة". وأضاف: "ولتتحقّق لنا جميعًا نحن المسيحيّين من الشرق والغرب وفي كلّ مكان، تتحقَّق لنا ومن خلالنا أنشودة الملائكة في بيت ساحور وبيت لحم، في ليلة ميلاد السيّد المسيح له المجد: المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرّة".


 

 








All the contents on this site are copyrighted ©.