2016-12-26 11:57:00

عظة المدبّر الرسولي للبطريركيّة اللاتينية في القدس لعيد الميلاد المجيد


ترأس المدبّر الرسولي للبطريركيّة اللاتينية في القدس المطران بييرباتيستا بيتسابالا قداسا احتفاليا في كنيسة المهد ببيت لحم في منتصف ليل السبت لمناسبة الاحتفال بعيد الميلاد وألقى عظة أكد فيها أن عيد الميلاد هو دخول كلمة الله الأزلي إلى العالم. المسيح يدخل العالم، ويسكن بين الناس. وأمامه تُفتَح الأبواب أو تُغلَق. نقبله أو نرفضه. بعد أن أغلقنا باب يوبيل سنة الرحمة، يمكن أن نرى في عيد الميلاد بابًا أبقاه الله مفتوحًا دائمًا أبدًا، يعبر منه الله ويدعو الإنسان إلى الحياة معه.

في عيد الميلاد يُفتَح باب الله، فيتقدَّم الابن، الذي اسمه عمّانوئيل، أي الله معنا، للقاء الإنسان. منذ وُلِد المسيح، انفتحت أبواب السماء مرارًا وتكرارًا، انفتحت يوم عماده في نهر الأردن فجاء الملائكة يبشّرون ويهيِّئون مجيء الروح. انفتحت، فجاء يسوع المسيح، يفتح قلبه الإلهي والإنساني للبشرية. بيد أن هيرودوس الملك أغلق باب قلبه. بيوت بيت لحم في الماضي أغلقت أبوابها، لم يكن لله فيها مكان؛ أصحاب مال أو مشاريع، أو مواقف مختلفة لا يرون، فيغلقون اليوم بابهم دون الله. صورة الباب هذه تذكِّر بحرية الإنسان الذي يقبل أو يرفض. تذكّر بالإنسان الذي يغلق قلبه أو يفتحه، فيجعل السلام الذي ننتظره جميعا أمرًا ممكنًا أو مستحيلا. وكذلك يجعل اللقاء مع المخلّص والخلاص أمرًا ممكنًا أو مستحيلا.

تابع سيادته يقول: عيد الميلاد للمسيحيين ليس عيد مظاهر أو مشاعر، نعيش معها منغلقين في بيوتنا، آمنين ضمن جدراننا العائلية أو الاجتماعيّة. ليس فرح المسيحي شيئًا خاصًّا، لامباليًا. ليس هربًا من حياة يومية مضنية، ليس فترة زينة وأضواء عابرة في حياة رمادية. الميلاد بشارة خلاص، لكل من يصغي ويسمع ويستقبل ويحقِّق. إننا مدعوّون إلى أن نبدأ مسيرة جديدة. مدعوّون إلى أن نحزم أمرنا فنلتزم ونخرج من كسلنا ومن كل تحليل أو تعليل يمنعنا من العمل. "لنذهب إلى بيت لحم"، لندخل فسحة الحياة والسلام الجديدة، لندخل الملكوت الذي جاء المسيح يبشّر به. أبواب السماء فُتِحت، وعلينا أن نجيب.

كلُّنا أصبحنا، في هذه الأيام، ضحايا شعور متزايد بعدم الأمن والثقة. آمال توقَّعَت السلام وأُحبِطَت مرارًا وتكرارًا. والعنف مستمر. وخطابات كثيرة لا فعل فيها، حملت الكثيرين على التمترس في ذاتهم والانغلاق وراء أبوابهم. أُحبِطنا فأغلقنا الأبواب، ورُفِعَت أبراج مراقبة، والبعيد بقي بعيدًا، بدل المقاومة الفاعلة بالثقة والأمل. فينا نحن أيضًا، وفي العالم خوف من الغريب الذي يطرق باب بيتنا أو حدود بلدنا. الأبواب المغلقة، والحدود المغلقة، تلك خيارات سياسيّة، نعم، ولكنّها في الحقيقة تعبّر عن الخوف الذي تولِّده قوى الموت المسيطرة في زمننا على العالم.

ونحن، يمكننا، إن شئنا، أن نبدّل أيديولوجيا العداء أو عقدة العدوّ، بمنطق الأخُوّة. الله سبحانه وضع ثقته بالإنسان. الله سبحانه لم يأنف ولم يحتقر الإنسان: نحن أيضًا يمكننا أن نتعلّم من الله الثقة الجريئة التي تفتح باب الحوار واللقاء مع الغير. خلاص وسلام، لقاء ووفاق، هذه نعم نطلبها في هذه الليلة المقدسة من "أمير السلام".








All the contents on this site are copyrighted ©.