2016-10-11 15:08:00

البابا فرنسيس: يسوع يطلب منا أن نصنع الخير بتواضع متحاشين حبّ الظهور


"يطلب منا يسوع أن نصنع الخير بتواضع متحاشين حبّ الظهور والمظاهر والتظاهر بالقيام بعمل ما" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الثلاثاء في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان في عيد البابا القديس يوحنا الثالث والعشرين؛ وحذّر الأب الأقدس المؤمنين من ديانة "الظهور" مشدّدًا على أن درب الرب هي درب التواضع.

قال الأب الأقدس إن الحريّة المسيحيّة تأتي من يسوع ولا من أعمالنا. استهل الحبر الأعظم عظته انطلاقًا من القراءة الأولى التي تقدّمها لنا الليتورجية اليوم من رسالة القديس بولس إلى أهل غلاطية لينتقل بعدها إلى الإنجيل الذي يقدّمه لنا القديس لوقا اليوم والذي نقرأ فيه توبيخ يسوع لفريسي يعيش فقط على المظاهر ولا على جوهر الإيمان.

تابع البابا فرنسيس يقول دَعا أَحَدُ الفريسيين يسوع إلى الغداء عنده. فدخل بيتهُ وجَلَس للطَّعام. ورأى الفِرّيسِي ذلك فعَجب مِن أَنَّهُ لم يَغتَسِل قَبل الغَداء. فقال له الرَّبّ: "أَيُّها الفِرّيسِيّون، إِنَّكُم تُطَهِّرونَ ظاهِرَ الكَأسِ وَالصَّحفَة، وَباطِنُكُم مُمتَلِئٌ نَهبًا وَخُبثًا" وهذا القول قد كرّره يسوع مرارًا لهؤلاء الأشخاص كمن يقول لهم: إن داخلكم شرّير وغير صالح وغير حرّ؛ أنتم عبيد لأنّكم لم تقبلوا البرَّ الذي يأتي من الله، البرّ الذي أعطانا يسوع إياه. وفي مقطع آخر من الإنجيل يطلب منا يسوع: "وإذا صلَّيتُم، فلا تكونوا كالمُرائين، فإنهم يحبّونَ الصلاةَ قائمينَ في المجامعِ وملتقى الشَّوارع، ليراهُمُ النَّاس. الحقَّ أقولُ لكُم إنَّهم أخذوا أَجْرَهم. أمَّا أنتَ، فإذا صلَّيْتَ فادخُلْ حُجرتَكَ وأغلِق عليكَ بابَها وصلِّ إلى أبيكَ الذي في الخُفيَة، وأبوكَ الذي يَرى في الخُفيَةِ يُجازيك". لكن بعض الفريسيين، تابع الأب الأقدس يقول، كانوا "وقحين" ولا يخجلون من شيء وبالتالي كانوا يصلّون ويعملون الإحسان حتى يمدحهم الناس، أما الرب فيشير إلى درب التواضع.

وأضاف الحبر الأعظم يقول لكن ما يهمّ بالنسبة ليسوع هو الحريّة التي منحتنا الفداء والمحبّة والولادة الجديدة من الآب. تلك الحريّة الداخليّة، تلك الحريّة التي تصنع الخير في الخفاء بدون أن تطبل أو تزمِّر في المجامع والشوارع، لأن درب الديانة الحقيقيّة هي درب يسوع عينها: التواضع والإتضاع. ويسوع – يكتب القديس بولس إلى أهل فيليبي – قد وضع نفسه وأخلى ذاته. إنها الدرب الوحيدة لكي نقتلع من ذواتنا الأنانيّة والكبرياء والتبجّح وروح العالم. أما هؤلاء الأشخاص الذين يوبّخهم يسوع فهم يتبعون ديانات المظاهر وحب الظهور، تلك التي تقوم على الإدعاء خارجيًّا ولكنها فارغة من الداخل... ويسوع يستعمل تشبيهًا قويًّا ليصف هؤلاء الأشخاص إذ يقول لهم: "إنكم أشبه بالقبور المكلسة، يبدو ظاهرها جميلا، وأما داخلها فممتلئ من عظام الموتى وكل نجاسة".

تابع الأب الأقدس يقول يدعونا يسوع لنصنع الخير بتواضع، يمكنك أن تصنع كل أعمال الخير التي تريدها ولكن إن لم تقم بها بتواضع كما يعلّمنا يسوع فهذا الأمر لن يفيدك، لأنه خير ينبع من ذاتك ومن ثقتك وليس من الفداء الذي منحنا يسوع إياه. إن الفداء يأتي عبر درب التواضع والإهانات لأنه لا يمكن للمرء أن يصل إلى التواضع أبدًا بدون الإهانات. تمامًا كما نرى يسوع مهانًا على الصليب.

وختم البابا فرنسيس عظته بالقول لنطلب من الرب ألا نتعب أبدًا من السير على هذه الدرب وألا نتعب من رفض ديانة المظاهر وحب الظهور تلك. فنسير بصمت ونصنع الخير مجانًا تمامًا كما نلنا مجانًا حريتنا الداخليّة. ليحفظنا الرب جميعًا في هذه الحرية الداخليّة، لنطلب هذه النعمة.     








All the contents on this site are copyrighted ©.