2016-09-30 14:36:00

زيارة البابا فرنسيس إلى جورجيا: خطاب البابا إلى السلطات المدنية في تبليسي


وصل البابا فرنسيس إلى مطار تبليسي الدولي عند الساعة الثالثة من بعد الظهر بالتوقيت المحلي ليبدأ زيارته الرسولية إلى جورجيا وأذربيجان وتوجه إلى القصر الرئاسي حيث كان في استقباله رئيس البلاد السيد جورجي مارغ فيلاش فيلي قبل أن يلتقي البابا ممثلين عن السلطات المدنية وأعضاء السلك الدبلوماسي في هذه الجمهورية السوفيتية السابقة. ألقى البابا خطابا للمناسبة استهله مشيرا إلى الزيارة التي قام بها البابا يوحنا بولس الثاني إلى هذا البلد في العام 1999 عندما أكد أن المسيحية أصبحت البذرة التي زهّرت بفضلها الثقافة الجورجية، واعتبر البابا فرنسيس أن هذه البذرة ما تزال تعطي ثمارها حتى يومنا هذا. بعدها ذكّر البابا بالزيارة التي قام بها الرئيس الجورجي إلى الفاتيكان مشيدا بالعلاقات الجيدة القائمة بين الفاتيكان وجمهورية جورجيا.

هذا ثم أثنى البابا على التاريخ العريق الذي تتمتع به جورجيا والذي يعكس تجذّر القيم التي تعبّر عنها الثقافة الجورجية ولغتها وتقاليدها، مشيرا إلى أن هذا البلد هو بمثابة جسر طبيعي بين الشرق والغرب وهو بالتالي يسهل التواصل والعلاقات بين الشعوب وعمل خلال القرون الماضية على إقامة حوار وساهم في تبادل وجهات النظر والخبرات بين وقائع عدة. ولفت إلى أن الوطن هو بمثابة أيقونة تحدد الهوية وترسم خطوط التاريخ. وذكّر البابا فرنسيس بعدها بمرور خمس وعشرين سنة على استقلال جورجيا عندما استعاد البلد حريته التامة وتمكن من بناء وتعزيز مؤسساته الديمقراطية وبحث عن سبل لتعزيز النمو الأصيل والذي يشمل الجميع. وهذا الأمر تطلب تضحيات كبيرة واجهها الشعب بكل شجاعة كي يصل إلى الحرية التي يتوق إليها. وتمنى البابا في هذا السياق أن تستمر المسيرة نحو السلام والتنمية مع الالتزام التضامني لجميع مكونات المجتمع من أجل خلق الظروف الملائمة لتحقيق الاستقرار والمساواة واحترام الشرعية وتعزيز النمو والفرص للجميع.

لم يخلُ خطاب البابا إلى السلطات المدنية في جورجيا من الإشارة إلى أهمية التعايش السلمي بين شعوب المنطقة ودولها، كشرط أساسي لتحقيق النمو الأصيل والمستدام. وهذا يتطلب تنامي مشاعر التقدير المتبادل واحترام سيادة كل بلد في إطار القانون الدولي. ورأى البابا في هذا السياق أنه بغية فتح دروب تقود إلى السلام الدائم والتعاون الحقيقي لا بد أن ندرك أن تكون مبادئ العلاقة المتساوية والمستقرة بين الدول في خدمة التعايش بين الأمم. وأكد أنه في مناطق عدة من العالم يطغى منطق يتعارض مع احترام الاختلافات المشروعة في إطار الحوار الحضاري الذي هو ضروري للغاية في عالمنا المعاصر الذي لا يخلو من التطرف العنيف الذي يشوّه المبادئ المدنية والدينية ليخدم مخططات مظلمة للسيطرة والموت.

تابع البابا فرنسيس خطابه مشددا على ضرورة الاهتمام بالكائن البشري مع بذل كل الجهود اللازمة كي لا تتحول الاختلافات إلى أعمال عنف تدمر الإنسان والمجتمع. كما لا بد أن تشكل الاختلافات اللغوية والعرقية والسياسية والدينية مصدر غنى متبادل لصالح الخير العام. وهذا الأمر يتطلب من كل واحد أن يستثمر خصوصياته ويتمكن من العودة بكل حرية إلى أرضه إذ ما أُرغم على تركها. وعبّر البابا عن أمله بأن يبحث المسؤولون السياسيون عن حلول للمشاكل السياسية العالقة لافتا إلى الحاجة لبعد النظر والشجاعة من أجل الإقرار بخير الشعوب والبحث عنه بعزم وحذر بغية بناء السلام.

وختم البابا فرنسيس خطابه إلى السلطات المدنية في جورجيا لافتا إلى أن الكنيسة الكاثوليكية الحاضرة في هذا البلد منذ قرون تتقاسم أفراح ومخاوف الشعب الجورجي وهي عازمة على تقديم إسهامها من أجل خير وسلام الأمة عن طريق التعاون الفاعل مع السلطات والمجتمع المدني. وأمل أن تتمكن الكنيسة من الإسهام في نمو المجتمع الجورجي بفضل الشهادة المشتركة للتقليد المسيحي التي تجمعها مع الكنيسة الأرثوذكسية المحلية وباقي الجماعات الدينية في البلاد. 








All the contents on this site are copyrighted ©.