2016-06-10 13:25:00

البابا فرنسيس: الإيمان لا يعطى لنا لنحتفظ به لأنفسنا، وإنما لننطلق ونعطيه للآخرين


"إن حياة المسيحي تتلخَّص بثلاثة مواقف: الوقوف لاستقبال الله، بصمت صبور للإصغاء إلى صوته والخروج لإعلانه للآخرين" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الجمعة في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان وقال يمكنك أن تكونَ خاطئًا تائبًا قد قرّر أن يبدأ مجدّدًا علاقته مع الله أو يمكنك أن تكون أحد مختاريه الذين كرّسوا له حياتهم، ولكن في جميع الأحوال وفي أي لحظة يمكنك أن تشعر بالخوف من عدم النجاح أو أن تدخل في حالة من اليأس عندما يضعف الإيمان.

تابع الأب الأقدس يقول لنتعمّق في هذا الجانب ونجد طريقًا للخروج من هذا النفق يمكننا أن نستعيد صورة الابن الضال اليائس فيما كانَ يَشتَهي أَن يَملأَ بَطنَه مِنَ الخُرنوبِ الَّذي كانتِ الخَنازيرُ تَأكُلُه، فلا يُعطيهِ أَحَد، ولكن يمكننا أيضًا أن نتأمل بشخصيّة إيليا الذي تقدّمه لنا الليتورجيّة اليوم في القراءة الأولى من سفر الملوك الأول. إنّه شخص منتصر وقد كافح طويلاً في سبيل الإيمان، تغلّب على المئات من أَنبِياءِ البَعلِ على جبل الكرمل، وبعد العديد من الاضطهادات التي تعرّض لها يئس وهرب إلى البريّة حتى بلغ شجرة وزَّالٍ قعَدَ تَحتَها وتمَنَّى الموتَ، ثُمَ نامَ تَحتَ الشَّجرةِ، لكن الله لم يتركه في حالته هذه بل أرسل له ملاكًا قال له: "قُم فكُل. فالطَّريقُ بعيدةٌ أمامَكَ".

أضاف الحبر الأعظم يقول لكي نلتقي بالله ينبغي علينا أن نعود إلى الحالة التي كان فيها الإنسان عند الخلق: واقفًا وفي مسيرة. هكذا خلقنا الله: على صورته ومثاله وفي مسيرة، وقال للإنسان: "أُنْموا واَكثُروا واَمْلأوا الأرضَ، وأَخضِعوها"، أي أُخرج وانطلق! وقال لإيليا: "أُخرُج، وَقِف عَلى الجَبَلِ أَمامَ ٱلرَّبّ"، فَلَمّا سَمِعَ إيلِيّا، َخَرَجَ وَوَقَفَ بِمَدخَلِ المَغارَة. "فَإِذا بِصَوتٍ إِلَيهِ يَقول: "ما بالُكَ هَهُنا يا إيلِيّا؟".

إذًا، أولاً الخروج، ومن ثم الإصغاء لصوت الله. لكن كيف يعبر الرب؟ وكيف يمكنني أن ألتقيه وأتأكّد أنّه هو؟ تابع البابا فرنسيس متسائلاً. يخبرنا كتاب سفر الملوك بوضوح أن الملاك قد دعا إيليا ليخرج من المغارة على جبل حوريب ليقف في حضرة الله. ولكن ما دفعه للخروج من مخبئه لم تكن الريح العَظيمَة وَالشَديدَة التي تُصَدِّعُ الجِبالَ وَتُحَطِّمُ الصُّخورَ، ولا الزلزلة ولا النار بعدها. فالرَّبُّ لم يكن في الرّيح، ولا في ٱلزَّلزَلَة، ولا في ٱلنّار وإنما في صَوت نَسيمٍ لَطيف، وبالتالي لنلتقي بالله ينبغي علينا أن ندخل إلى أنفسنا ونصغي إليه يحدثنا في الصمت.

تابع الأب الأقدس يقول أما الطلب الثالث الذي وجّهه الملاك لإيليا فكان بالخروج والانطلاق. لقد دعاه ليعود أدراجه ويسير نحو الصحراء لأنها قد أُوكلت إليه مهمّة جديدة، وفي هذه الدعوة يمكننا أن نقرأ التشجيع للسير إلى الأمام وعدم الإنغلاق في أنانيتنا ورفاهيّتنا ولكي نكون شجعانًا في حمل رسالة الرب للآخرين، أي أن ننطلق في الرسالة. ينبغي علينا أن نبحث عن الرب. جميعنا قد اختبرنا لحظات سيئة: لحظات إحباط وخالية من الإيمان ومُظلمة، لحظات لم يكن بإمكاننا أن نقف ونرى فيها الأفق. جميعنا اختبرنا هذه اللحظات! لكن الرب يأتي ويُعيد إلينا قوانا بالخبز وبقوّته ويقول لنا: "قم وأنطلق! سرّ إلى الأمام!"

وختم البابا فرنسيس عظته بالقول لكي نلتقي بالرب علينا أولاً أن نكون في مسيرة، ومن ثم أن ننتظر بقلب منفتح كي يكلّمنا، وبعد أن نسمعه يقول لنا "هذا أنا" سيتقوّى إيماننا؛ ولكن الإيمان لا يعطى لنا لنحتفظ به لأنفسنا، وإنما لننطلق ونعطيه للآخرين ونمسحهم أي للرسالة!








All the contents on this site are copyrighted ©.