2016-04-17 11:12:00

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


"في ذلك الزمان قال يسوع لتلاميذه والجموع: "إِنَّ خِرافي تُصغي إِلى صَوتي وأَنا أَعرِفُها وهي تَتبَعُني، وأَنا أَهَبُ لَها الحَياةَ الأَبديَّة فلا تَهلِكُ أَبدًا ولا يَختَطِفُها أَحَدٌ مِن يَدي. إِنَّ أَبي الَّذي وَهَبَها لي أَعظمُ مِن كُلِّ مَوجود. ما مِن أَحَدٍ يستطيعُ أَن يَختَطِفَ مِن يَدِ الآبِ شَيئًا. أَنا والآبُ واحِد" (يوحنا 10، 27- 30).

للتأمّل

في كل سنة يدعونا الأحد الرابع من زمن الفصح والذي يُعرف بـ "أحد الراعي الصالح" لنكتشف مجددًا وبدهشة هذا التعريف الذي يعطيه يسوع عن نفسه إذ نقرؤه في ضوء آلامه وموته وقيامته. "الراعي الصالح يبذل نفسه في سبيل الخراف" (يوحنا 10، 11): هذه الكلمات قد تحققت بملئها عندما أطاع المسيح بملء حريّته مشيئة الآب وبذل نفسه على الصليب. فظهر بوضوح كامل معنى كلمة أنه "الراعي الصالح" الذي قدّم حياته تضحية من أجلنا جميعًا! إنه الراعي الصالح!

المسيح هو الراعي الحقيقيّ الذي يحقق المثال الأسمى في محبة القطيع: هو يبذل حياته برضاه وما من أحد ينتزعها منه، بل يبذلها في سبيل الخراف. بتناقض واضح مع الرعاة المزيّفين يقدّم يسوع نفسه كراعي الشعب الحقيقي والوحيد: فالراعي السيئ يفكر بنفسه ويستغلّ الخراف؛ أما الراعي الصالح فيفكّر بالخراف ويبذل نفسه. وبعكس الأجير، المسيح الراعي هو المرشد المُحب الذي يشارك في حياة قطيعه ولا يبحث عن أي مصلحة أخرى ولا يملك طموحًا آخر سوى قيادة خرافه وتغذيتهم وحمايتهم. وهذا كله بأغلى ثمن: بذل الحياة.

في صورة يسوع الراعي الصالح، نتأمل عناية الله ومحبته الأبوية لكل فرد منا. فهو لا يتركنا أبدًا وحدنا! ونتيجة لهذا التأمل بيسوع الراعي الحقيقي والصالح تأتي صيحة الدهشة التي نجدها في القراءة الثانية التي تقدمها لنا الليتورجية اليوم: "أنظروا أي محبة خصنا بها الآب..."؛ إنها حقًا محبة مدهشة وسريّة، لأن الآب، ومن خلال إعطائه لنا يسوع راع يبذل حياته من أجلنا، قد أعطانا أعظم وأثمن ما بإمكانه أن يعطيه لنا! إنها المحبة الأسمى والأطهر لأنها لا تُحركها أية حاجة، ولا تتأثر بأي حساب، ولا تجذبها أية مصلحة أو رغبة مبادلة. أمام محبة الله هذه نحن نختبر فرحًا عظيمًا وننفتح على الامتنان لما نلناه مجانًا.

لكن التأمل والشكر فقط غير كافيان، بل ينبغي علينا أيضًا أن نتبع الراعي الصالح؛ وبشكل خاص أولئك الذين نالوا مهمة القيادة في الكنيسة – الكهنة والأساقفة والباباوات – فهم مدعوون للتحلّي لا بذهنيّة المدبرين والمدراء وإنما بذهنيّة الخادم والعبد تشبُّهًا بيسوع الذي أخلى ذاته وخلّصنا برحمته.

 








All the contents on this site are copyrighted ©.