2016-04-03 09:15:00

البابا فرنسيس يترأس أمسية صلاة عشية الاحتفال بعيد الرحمة الإلهية


عشية الاحتفال بعيد الرحمة الإلهية، ترأس البابا فرنسيس أمسية صلاة في تمام الساعة السادسة من مساء أمس السبت في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان بحضور مؤمنين يعانقون روحانية الرحمة الإلهية. وألقى البابا كلمة استهلها بالقول: نتقاسم بفرح وامتنان لحظة الصلاة هذه التي تُدخلنا في أحد الرحمة الذي شاءه القديس يوحنا بولس الثاني تلبية لطلب القديسة فوستينا. إن الشهادات التي قُدمت ـ ونحن ممتنون لها ـ والقراءات التي استمعنا إليها تفتح ثغرات من النور والرجاء بغية ولوج المحيط الكبير لرحمة الله. كم هي وجوه رحمته التي يلاقينا بها؟ إنها كثيرة حقا؛ ومن المستحيل أن نصفها كلها، لأن رحمة الله تتنامى باستمرار. والله لا يكلّ أبدا من التعبير عنها وينبغي ألا نعتاد على الحصول عليها والبحث عنها والتوق إليها. إنها شيء جديد دائما يُحدث الدهشة والإعجاب من خلال رؤية الخيال الخلاق لله عندما يلاقينا بمحبته.

أضاف البابا فرنسيس: لقد أظهر الله نفسه كاشفا عن اسمه أكثر من مرة، وهذا الاسم هو رحوم (راجع خروج 34، 6). كما هي كبيرة ولامتناهية طبيعة الله هكذا أيضا كبيرة ولامتناهية رحمته، لحد أن وصفها بكل أبعادها يبدو مهمة صعبة. من خلال قراءة صفحات الكتاب المقدس، نجد أن الرحمة هي قبل كل شيء قرب الله من شعبه. وهذا القُرب يتجلى أساسا بشكل مساعدة وحماية. إنه قرب أب وأم ينعكس بصورة رائعة قدمها النبي هوشع: "بِحِبالِ البَشرِ، بِرَوابِطِ الحُبِّ اجتَذَبتُهم وكُنتُ لَهم كمَن يَرفَعُ الرَّضيعَ إِلى وَجنَتَيه وانحَنَيتُ علَيه وأَطعَمتُه" (هوشع 11، 4). إنها صورة تعبيرية للغاية: إن الله يأخذ كل واحد منا ويرفعنا إلى وجنتيه. كم من الحنان والحب تعبر عنهما هذه الصورة! فكرتُ بكلمة النبي هذه عندما رأيتُ شعار اليوبيل. إن المسيح لا يحمل البشرية على كتفيه وحسب، بل إن وجنتيه متلاصقتان مع وجنتي آدم إذ يبدو أن الوجهين يذوبان في وجه واحد. 

تابع الأب الأقدس قائلا: إلهنا ليس إلها لا يعرف كيف يفهم ضعفنا ويشعر معه (راجع عبرانيين 4، 15). بل على العكس! فبفعل رحمته صار الله واحدا منا. "بتجسُّدِهِ اتَّحَدَ ابن الله نوعاً ما بكلِّ إنسان. لقد اشتغل بيدي إنسانٍ وفكر كما يُفكر الإنسان وعمل بإرادة إنسانٍ وأحبَّ بقلبِ الإنسان. لقد وُلِدَ من العذراء مريم وصار حقاً واحداً منا شبيهاً بنا في كلِّ شيء ما عدا الخطيئة" (فرح ورجاء، 22). ففي يسوع لا يمكننا أن نلمس رحمة الآب لمس اليد وحسب بل نُدفع كي نصير نحن أيضا أدوات للرحمة. قد يكون الحديث عن الرحمة سهلا، لكن من الأصعب أن نكون شهودا حقيقيين. إنها مسيرة تستمر مدى الحياة ويجب ألا تتوقف إطلاقا. لقد دعانا يسوع لأن نكون "رحماء كالآب" (راجع لوقا 6، 36).

أضاف البابا فرنسيس يقول: كم هي عديدة أوجه رحمة الله! إننا نتعرف عليها بشكل قرب وحنان، وأيضا كرأفة ومقاسمة، وعزاء وغفران. من ينال الرحمة أكثر من غيره مدعو إلى تقديمها ومقاسمتها أكثر من الآخرين، لا ينبغي أن نخبأها أو نحتفظ بها لذواتنا. إنها شيء يحرق القلب ويدفعه على المحبة، والتعرف على وجه يسوع المسيح في أوجه الأشخاص البعيدين والضعفاء والمتروكين والمربكين والمهمشين. إن الرحمة تذهب للبحث عن الخروف الضال، وعندما تجده تعبّر عن فرح معدٍ. الرحمة تعرف كيف تنظر في عيني كل شخص؛ إن كل شيء ثمين بالنسبة لها لأن كل شخص فريد من نوعه.

وفي ختام كلمته في أمسية الصلاة عشية الاحتفال بأحد الرحمة الإلهية، قال البابا فرنسيس: أيها الأخوة والأخوات الأعزاء، الرحمة لا تتركنا أبدا هامدين. إن محبة المسيح "تقلقنا" لغاية بلوغ الهدف. إنها تدفعنا لضم ومعانقة كل المحتاجين إلى الرحمة كي يتصالح الجميع مع الآب (راجع 2 كورنتوس 5، 14-20). يجب ألا نخاف، إنها محبة تلاقينا وتجتذبنا لحد الخروج من ذواتنا، كي تسمح لنا بالتعرف على وجهها في وجوه الأخوة. لندع هذه المحبة تقودنا بوداعة فنصبح رحماء كالآب. إذا لا بد أن يقود الروح القدس خطواتنا: إنه المحبة، إنه الرحمة التي تدخل قلوبنا. دعونا لا نضع عراقيل أمام عمله المحيي، بل نتبعه بوداعة على الدروب التي يرشدنا إليها. ولنُبقي قلوبنا منفتحة كي يبدلها الروح القدس؛ وهكذا وبعد حصولنا على الغفران والمصالحة نصبح شهودا للفرح النابع من لقاء الرب القائم من الموت والحي في وسطنا.








All the contents on this site are copyrighted ©.