2016-02-20 12:22:00

مداخلة الكاردينال توران خلال مؤتمر الدوحة للحوار بين الأديان: مقال صحيفة أوسيرفاتوريه رومانو


استضافت العاصمة القطرية الدوحة خلال الأيام القليلة الماضية المؤتمر الثاني عشر للحوار ما بين الأديان والذي تطرق خلاله المؤتمرون إلى السبل التي تسمح للأديان بالإسهام في بناء السلام وتعزيز التناغم في المجتمع. من بين المشاركين في اللقاء رئيس المجلس البابوي للحوار ما بين الأديان الكاردينال جان لوي توران الذي حثّ القادة الدينيين في مداخلته على تعليم مضامين معتقداتهم الدينية وعدم الخوف من التنديد بتصرفات بعض الفئات والجماعات التي لا تمت بصلة إلى الدين.

اعتبر المسؤول الكنسي الكاثوليكي في مداخلته أن جميع المعتقدات الدينية تعلّم كيفية تعزيز الأخوة والسلام والتضامن تجاه الأشخاص الأشد ضعفا، فضلا عن العدالة وكرامة الكائن البشري وتثمين الأسرة واحترام الموارد الطبيعية للكرة الأرضية. وذكّر الكاردينال توران في هذا السياق بأن اليهود والمسيحيين والمسلمين يدركون أكثر من أي وقت مضى أنهم قادرون معا على إيجاد حلول لتغاضي المجتمع العصري عن الله. ورأى أنه على الرغم من المشاكل الراهنة حاليا لا بد من متابعة اللقاءات والحوار بين الديانات الثلاث من أجل فتح الدرب أمام حوار صادق وعمل مشترك.

واعتبر رئيس المجلس البابوي للحوار ما بين الأديان أن الديانات باتت تحتل اليوم مكانة هامة في النقاش العام، وهذا ما يمكن أن نلحظه في مكتبات المطارات ـ على سبيل المثال ـ التي تبيع العديد من المجلات الدينية والكتب الروحية. من جهة ثانية، تابع الكاردينال الفرنسي يقول، باتت الديانات تشكل مصدر خوف بسبب حالات العنف الهمجي والتي يؤكد منفذوها أن وراءها دوافع دينية. وختم توران مداخلته مؤكدا أن تاريخ الديانات يُظهر أن المستقبل المتقاسم ممكن ودعا إلى العمل على بناء هذا المستقبل في البيوت والمدارس والمساجد والكنائس معربا عن أمله بأن تتمخض عن المؤتمر مبادرات ملموسة كي لا تقف الأديان موقف المتفرج إزاء الظروف الحالية. 

وللمناسبة نشرت صحيفة أوسيرفاتوريه رومانو الفاتيكانية مقالا سلطت فيه الضوء على هذا المؤتمر الهام الذي يُنظمه مركز الدوحة الدولي للحوار ما بين الأديان منذ تأسيسه في العام 2008. وتؤكد هذه الهيئة على ضرورة أن تنطلق الأديان من إرثها من أجل العمل لصالح المجتمع المعاصر وإعادة التأكيد على أهمية البعد الديني. وقد شاء المنظمون خلال لقاء هذا العام أن يتعمّق المؤتمرون في دور الديانات في تحديد العناصر المتقاسمة والمشتركة والكفيلة بتوفير الأمن "الروحي" والفكري في المجتمع. ولا بد من متابعة هذه المسيرة مع الشخصيات السياسية والدبلوماسية وقادة الجماعات الدينية والباحثين في مختلف أنحاء العالم لا من أجل تخطي الأحكام المسبقة وحسب إنما أيضا لتقديم مقترحات عملية وملموسة بشأن الحضور الفاعل للديانات في خضم الأزمة العميقة التي تعيشها مجتمعاتنا.

ولفتت الصحيفة الفاتيكانية إلى أنه تم التطرق خلال مؤتمر الدوحة إلى مكانة وسائل الاتصالات الاجتماعية فيما يتعلق بالإعلام الديني، مع الإشارة إلى أن بعض هذه الوسائل يروّج لفكرة أن الديانة قادرة على تبرير العنف والتمييز، وغالبا ما تُستمد هذه الفكرة من القادة السياسيين المتمسكين بمواقف من هذا القبيل بهدف الحصول على تأييد شعبي واسع دون أن يُدركوا التبعات الاجتماعية لهذه المواقف التي تولّد العنف في غالب الأحيان.

وقد عبّر المشاركون في مؤتمر الحوار ما بين الأديان في الدوحة عن قلقهم البالغ إزاء الصورة التي تُقدم للأجيال الفتية فيما يتعلق بالديانات، وتم عرض بعض الأمثلة الواقعية عندما يتعرض الشبان لنماذج بروباغندا قادرة على توليد ديناميكيات للعنف بين الأديان. وهذا الأمر يتطلب تعزيز الكفاءات المهنية من أجل تحديد القيم المشتركة وتقديم هذه القيم للشبان، وهذه مسألة في غاية من الأهمية بغية مواجهة وعزل أشكال التطرف باسم الدين. هذا واتفق المؤتمرون على أن الديانات مدعوة أيضا إلى وضع إستراتيجيات ترمي إلى حماية الحرية الروحية والفكرية التي تمثل عنصرا مركزيا من أجل إعادة النظر في المجتمعات المعاصرة، التي تتآكل فيها القيم الدينية بصورة منهجية.  








All the contents on this site are copyrighted ©.