2016-01-07 13:04:00

البطريرك الراعي: نجدّد النداءَ إلى الجماعة السياسيّة لتقوم بالواجب المبرِّر لوجودها


ترأس الكاردينال بشارة الراعي صباح أمس الأربعاء القداس الإلهي بمناسبة عيد الدنح وللمناسبة ألقى صاحب الغبطة عظة استهلها بالقول يسعدنا أن نحتفل معًا بهذه الليتورجيا الإلهية التي نحيي فيها عيد معمودية يسوع ودنحه، وفي الوقت عينه نتذكّر معموديتنا ونجدِّد مواعيدها. بهذا العيد نختتم الأعياد الميلادية التي شملت حياة يسوع الخفية في الناصرة من ميلاده حتى بلوغه عمر الثلاثين. فاعتلن للعالم إلهًا وإنسانًا بمعموديّته، وبدأ في اليوم التالي رسالته الخلاصية وحياته العامّة.

ونقلا عن الموقع الإلكتروني للبطريركية المارونية، أضاف غبطته يقول في عظته: إنّنا نلتمس نعمته لكي على مثاله نخرج من هذه الأعياد مجدَّدين في الإيمان وملتزمين برسالتنا المسيحية في عائلاتنا ومجتمعاتنا والوطن. إنها الرسالة التي استودعنا إيّاها المسيح الربّ في الميلاد: رسالة السلام والرجاء، رسالة التواضع والمحبة، رسالة الأخوّة الشاملة بين الناس. إنّنا نحيّي كلَّ الذين يتفانون في البيت وفي المجتمع وفي الدولة، معتنين بكلّ مَن هم في حاجة بداعي المرض أو الشيخوخة أو الفقر أو اليتم أو أيٍّ من الحاجات الخاصّة الأخرى. ما أكثر هؤلاء الضعفاء والمعوزين مادّيًا واقتصاديًّا ومعيشيًّا! وما أكثر المحرومين واللاجئين والمطرودين من أوطانهم بسبب الحروب والاعتداءات والعنف والإرهاب! وما أكثر المرغمين على الهجرة، المقتلَعين من أرضهم ودفء بيوتهم وتاريخهم، سعيًا إلى إيجاد عمل وتوفير حياة كريمة في أوطان غريبة بداعي الأزمات الاقتصادية والإنمائية والأمنية!

أضاف الكاردينال الراعي يقول إنّنا نجدّد النداءَ إلى الجماعة السياسيّة في لبنان للخروج من دائرة المصالح الذاتية والفئوية، ومن حالة "لحس المبرد"، وتقوم بالواجب المبرِّر لوجودها، وهو بناء دولة المؤسّسات التي تبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية، والتفاني في توفير الخير العام الاقتصادي والاجتماعي والإنمائي والأمني. فنقول للكتل السياسية والنيابية أنّ الشعب اللبناني يرفض بالمطلق هذا النوع من العمل السياسي الهدّام للدولة ولمصالح المواطنين، ويرفضّ طيّ سنةٍ ثانية من دون رئيس للبلاد. فأمام انتخاب رئيسٍ للجمهورية تسقط جميع الاعتبارات، والترفيهات والتسليات السياسية. وينبغي أن تتفكّك أغلال الأسر داخل قضبان المواقف المتحجّرة والمصالح الضيّقة.

تابع البطريرك الراعي يقول ونناشد حكّامَ الدول في العالم العربي والأسرة الدولية العمل الجدّي على إيقاف الحروب الدائرة في فلسطين والعراق وسوريا واليمن، وتجنّب حرب جديدة بين المملكة العربية السعودية وإيران، رحمةً بالمواطنين الآمنين في هذه البلدان، وإدراكًا وإيقافًا لمشروع "الشّرق الأوسط الجديد". ونناشدهم العمل على إيجاد الحلول السياسية السلمية القائمة على العدالة وحقوق الجميع؛ وعلى إعادة جميع النازحين واللاجئين والمهجَّرين والمخطوفين إلى بيوتهم وممتلكاتهم. إنّ البشرية تشجب وتدين كلّ ممارسة سياسية من دول عظمى تتلاعب بمصير شعوب الأرض وتحرمها من رغد العيش، وتذكي الحروب لأهداف اقتصادية واستراتيجية وسياسية، وكأنّها وُجدت للقهر والحرمان. وفي كلّ ذلك عداوة منها لله ورسومه ووصاياه.

وختم الكاردينال بشارة الراعي عظته في عيد الدنح بالقول "لمّا اعتمد يسوع، وهو يصلّي انفتحت السماء". التمس يسوع معمودية يوحنا ماشيًا مع الخطأة التائبين، لا لأنه خاطئ وبحاجة إلى توبة، بل لكي يتضامن مع الخطأة والضعفاء، ويتوب باسمهم، ويصالحهم مع الله. فهو "الحمل الذي يحمل خطيئة العالم"، ويغسلها بدمه المراق على الصليب. فالروح بالمعمودية يطهّر وينقّي من الخطيئة ويتلفها، تمامًا كما تفعل النار؛ ويغسل الخطيئة وأدناسها ويعطي الحياة الجديدة، كما يفعل الماء. يوم معمودية يسوع انفتحت السماء بعد أن أغلقها آدم وحواء بخطيئتهما وجاء الله إلى أرضنا، يوم معموديّته أعتلنت بنوّته الإلهيّة، وأراد أن نصبح كلّنا بالابن الوحيد أبناء وبنات لله، نولد من الماء والروح، فليذكّرْنا هذا الماء الذي سنباركه الآن، ونأخذه إلى بيوتنا، بماء معموديتنا وبوجه المسيح الذي لبسناه حياةً جديدة. وليذكّرْنا بالأخوّة الشاملة بين جميع الناس، وبالرسالة المسيحية الموكولة إلينا.








All the contents on this site are copyrighted ©.