2015-12-31 16:50:00

البابا فرنسيس: هناك قديسون يعيشون ويعملون في الخفاء لكننا لا نراهم


استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح الخميس جوقة الأطفال "Pueri Cantores" في قاعة بولس السادس بالفاتيكان وللمناسبة أجاب الأب الأقدس على ثلاثة أسئلة طرحها عليه الأطفال تمحورت حول حبّه للغناء وعن المهنة التي كان يحلم بالقيام بها في طفولته وعن إن كان العالم سيصبح أفضل.

قال الأب الأقدس على السؤال إن كان غناؤكم يعجبني وإن كنت أحب الغناء، أحب أن أستمع للغناء ولكنني لا أعرف أن أغنّي، وأشار في هذا السياق إلى أن والدته كانت تجمعه مع إخوته الأربعة في كل سبت بعد الظهر للاستماع إلى الأوبرا التي تبث عبر الراديو وكانت تشرحها لهم، بعدها تابع البابا يقول أحب الموسيقى والغناء كثيرًا، والغناء يهذّب النفس ويساعدها، على سبيل المثال عندما تريد الأم أن تجعل ابنها ينام فهي تغني له تهويدة تجعله يهدأ فينام. وفي هذا السياق يقول القديس أغوسطينوس جملة جميلة في حديثه عن الحياة المسيحية والفرح في الحياة المسيحية ويقول: "غنّي وسر"، فالحياة المسيحية هي مسيرة، ولكنها ليست مسيرة تعيسة وإنما فرحة! تذكروا على الدوام هذا القول: غنّي وسر، فتتنعّم روحك أكثر هكذا بفرح الإنجيل.

تابع الأب الأقدس مجيبًا على السؤال الثاني: ما هو السرّ لتكون بهذه الطيبة والصلاح وهل تغضب أبدًا؟ وما هي المقاصد الصالحة التي تريد تطبيقها في العام الجديد؟ وقال في أحد الأيام اقترب شاب من يسوع وسأله سؤالاً يشبه سؤالكم، وقال له "أيها المعلّم الصالح" فنظر إليه يسوع وأجابه "وحده الله صالح" لكن هل هذا يعني أننا أشرار؟ لا ولكننا نملك القليل من كل شيء... فنحن نحمل جرح الخطيئة الأصليّة الذي يمنعنا من أن نكون صالحين على الدوام... لكن تذكروا أن الله وحده صالح وإن أردتم أن تجدوا الصلاح اذهبوا إليه فهناك تجدون الصلاح والمحبّة والرحمة. وهل تعرف ما هو سرّي لأكون صالح؟ قربي من الرب والاعتراف بخطيئتي وضعفي وطلب النعمة منه لأكون صالحًا على الدوام.

أما على السؤال الثاني إن كنت أغضب... نعم أغضب لكنني لا أؤذي! وما يساعدني لكي أسيطر على نفسي هو التفكير بأنني أيضًا أجعل الآخرين أحيانًا يغضبون، وأفكر بأنني جعلت شخصًا آخر يغضب، نعم ومرات عديدة وبالتالي لا يحق لي أن أغضب من الشخص الآخر وإنما يجب علي أن أستدعيه وأكلمه كأخ بدون غضب لأن الغضب كالسم، يُسمّم النفس. وعندما يغضب المرء يبدأ بالصراخ فهو يؤذي غيره ويسيء إليه. وفيما يختص بالمقاصد الصالحة للعام الجديد، في الواقع لقد اتخذت لي خلال هذه الأيام بعض الوقت الشخصي كرياضة روحيّة وأدركتُ أنني بحاجة لأن أصلّي أكثر، لأنه ينبغي على الأساقفة والكهنة أن يعضدوا شعب الله أولاً بالصلاة وهذه الخدمة الأولى التي نقدمها، فلا يمكنني أن أكون أسقفًا في الكنيسة إن لم تكن الصلاة في المقام الأول في حياتي ومن ثمّ هناك أيضًا إعلان الإنجيل والتبشير. ولذلك فكّرت أن المقصد الصالح للعام المقبل هو أن أصلّي أكثر، وقد يكون أيضًا مقصدًا صالحًا بالنسبة لكم خلال هذا العام أيضًا لأن الكنيسة تسير قدمًا بفضل الصلاة.

تابع الأب الأقدس مجيبًا على السؤال الثالث: عندما كنت صغيرًا ماذا كنت تحلم بأن تصبح؟ وعندما أشاهد التلفاز في المساء مع عائلتي أرى العديد من القصص المأساويّة والحزينة، فهل سيبقى العالم هكذا عندما أصبح كبيرًا؟ قال البابا عندما كنت صغيرًا كنت أرافق غالبًا أمي وجدّتي إلى السوق لشراء الأغراض ولكن السوق لم يكن مثل اليوم بل كان كل شيء يعرض في الشارع وكان لكل شيء مكانه للخضار واللحم والسمك. وفي أحد الأيام سُئِلت عما أريد أن أصبح عندما أكبر؟ فأجبت لحامًا لأنني كنت أحب الطريقة التي كان يعمل بها وكأنه نوع من الفن وكنت أحب النظر إليه. أما السؤال الثاني حول إن كان العالم سيبقى هكذا عندما تكبر؟ هناك العديد من الناس الذين يتألّمون في العالم اليوم، وهناك الحروب أيضًا... فكروا كم من الحروب في أفريقيا والشرق الأوسط حيث ولد يسوع، حروب كثيرة وفي أماكن عديدة. وماذا تفعل الحروب؟ تسبب الفقر والألم وتولّد فقط أمورًا حزينة... هناك أطفال في العالم ليس لديهم شيئًا يأكلونه، وأطفال لا يستطيعون الذهاب إلى المدرسة وإذا مرضوا ليس لديهم الإمكانيّة للذهاب إلى المستشفى. صلّوا من أجل هؤلاء الأطفال. وما هو أكيد أن العالم لن يبقى هكذا وأنما يمكنه أن يصبح أفضل! هناك أمر لا احد يحب التحدث عنه وهو الكفاح بين الخير والشرّ في العالم لكنّه موجود!

عندما نشعر برغبة تدفعنا للقيام بعمل سيء أو مؤذٍ فهذا الأمر هو إلهام من الشيطان بسبب الضعف الذي تركته فينا الخطيئة الأصليّة... إنها حرب ضدّ حقيقة الله وحقيقة الحياة وضد الفرح، وهي حرب مستمرّة. وجميعنا نعيش هذه التجارب. لكن هناك أيضًا العديد من الأمور الجيّدة والصالحة في العالم وأتساءل لماذا لا أحد يتحدث عنها؟ لأنه يبدو أن الناس يحبون رؤية الأمور الشريرة أكثر وسماع الأخبار السيّئة. لنفكر على سبيل المثال بأفريقيا، هناك الكثير من الأمور السيئة ولكن هناك أيضًا المرسلين والكهنة والراهبات الذين تركوا كل شيء وذهبوا إلى هناك ليحملوا بشرى الإنجيل ويعيشوا الفقر. صحيح أن الشيطان يعمل ولكن الله يعمل أيضًا وهناك العديد من الأشخاص القديسين ليس فقط في الرسالات وإنما في العائلة والعمل بين الوالدين والأجداد ولكن هذه الأمور لا نراها في التلفاز. لذلك تذكّر على الدوام عندما تشاهد التلفاز أن هناك أمران الكفاح بين الخير والشرّ، والعديد من الأطفال الذين يتألمون ولكن تذكّر أيضًا أن هناك أشخاصًا قديسين يبذلون حياتهم في سبيل الآخرين ويساعدونهم ويصلون من أجلهم. فهناك العديد من الأمور الجميلة لأن أعمال الله عظيمة جدًا، وهناك قديسون يعيشون ويعملون في الخفاء ونحن لا نراهم، لنتذكّر هذا الأمر على الدوام!            








All the contents on this site are copyrighted ©.