2015-12-22 10:22:00

رسالة المطران كريكور أوغسطينوس كوسا لمناسبة عيد الميلاد المجيد 2015


تحت عنوان "بميلاد المسيح فاضت النعمة بالمحبّة والرّحمة" وجّه المطران كريكور أوغسطينوس كوسا أسقف الإسكندرية للأرمن الكاثوليك رسالته بمناسبة عيد الميلاد المجيد قال فيها: وُلِد المسيح ليفتدينا، وجاء ليصالحنا مع الله ومع الذات ومع بعضنا. فالميلاد هو بدء الفداء الذي هو سرّ المسيح والإيمان المسيحي، حيث كشف عن محبّة الله العظمى لنا، وقدّم ذاته قرباناً لأجلنا، ولا نحصل على نعمة الفداء إلاّ بالتوبة. فالإنسان لا يفتدي ذاته بذاتِهِ من خطاياه، لكنه يُفتدى عندما يتقبّل المغفرة التي يمنحه إيّاها الفادي.

تابع المطران كريكور أوغسطينوس كوسا يقول في هذه الحقبة من الزمن ونحن نعيش سرّ الميلاد والتجسّد تتجه البشرية بالعقل والقلب نحو المسيح محور الكون والتاريخ وفادي الإنسان. في هذه السنة تحتفل الكنيسة والعالم بسنة يوبيل الرّحمة الإستثنائي، الذي يحمل إلينا حقيقة إيمانية أولية: "الكلمة صار جسداً وحلّ فينا" (يوحنا 14:1). هو الله الذي ننتظره يأتي إلينا كما يشرح لنا القدّيس بولس إلى العبرانيين. وهكذا كان القصد الإلهي مشبعاً بالمحبّة. فبالتجسّد أضفى الله بُعداً على الحياة البشرية. إن المسيح يسوع بتجسّده وإظهاره محبّة الآب يكشُف بجلاءٍ ووضوح الإنسان للإنسان ويبيّن له سمو دعوته ويعيد إليه ما شوّهته الخطيئة، ويرفع الطبيعة البشرية إلى مقامٍ عظيم.

أضاف أسقف الإسكندرية للأرمن الكاثوليك يقول هذا هو البُعد البشري لسرّ التجسّد والفداء: إكتشاف عظمة وكرامة الإنسان الذي دخله في المسيح، أعطاه هذا الحقّ. ففي سرّ التجسّد يتم الفداء. وسرّ المسيح هذا هو رسالة الكنيسة والمسيح. فالمسيح هو المبدأ الثابت والمحور الدائم لهذه الرسالة: هو الغنى "الذي في متناول كل إنسان وثماره خيرٌ لكل إنسان". إن كلمة يوبيل تعني الفرح، لا الفرح الداخلي فقط بل الفرح الذي يظهر ويشع في الخارج أيضاً، لأن مجيء ابن الله تمّ في الظاهر وعلى الملأ، وهو يُرى ويُسمع ويُلمس كما قال القدّيس يوحنا في رسالته الأولى: "ذاك الذي كان منذ البدء، ذاك الذي سمعناه، ذاك الذي رأيناه بعينينا، ذاك الذي تأمّلناه ولمسته يدانا من كلمة الحياة – لأن الحياة ظهرت فرأينا ونشهد ونبشّركم بتلك الحياة الأبدية التي كانت لدى الآب فتجلّت لنا – ذاك الذي رأيناه وسمعناه نبشّركم به أنتم أيضاً، لتكونَ لكم أيضاً مشاركةٌ معنا ومشاركتنا هي مشاركةٌ للآبِ ولابنه يسوع المسيح... ليكون فرحُنا تاماً." (يوحنا الأولى 3:1)، فيجدر إذاً أن تظهر في الخارج كل علامة فرح ينشئها هذا المجيء. وهذا دليل على أن الكنيسة تفرح بالخلاص وتدعو الجميع إلى الفرح الذي يذكّرنا بحدث عظيم ليس فقط لنا بل للبشرية جمعاء، وهو حدث سرّ التجسّد، أي سرّ دخول ابن الله تاريخ البشر، وصار إنساناً مثلهم ما عدا الخطيئة، وشاركهم في تحمُّل أثقال وأعباء حياتهم اليومية، سواء كانت فرحاً أو حزناً، جوعاً أو عطشاً، ألماً أو خيانةً ونكراناً للجميل.

وختم المطران كريكور أوغسطينوس كوسا أسقف الإسكندرية للأرمن الكاثوليك رسالته بمناسبة عيد الميلاد المجيد بالقول ننتهز جميعنا سنة يوبيل الرّحمة لنعيد النظر في حياتنا من خلال ولادتنا الروحية الجديدة مع المسيح وبالمسيح وفي المسيح بسرّ تجسّده وبالأسرار المقدّسة ونعمل على تعميق إيماننا بالله، ومبادرة بعضنا البعض بالمغفرة والمصالحة الصادقة النابعة من القلب، وتوثيق عرى التضامن والمحبّة فيما بيننا، لنتمكن ونحن متكاتفين متعاضدين لكي نسهم في المحبّة والرّحمة والشفقة إنقاذ بلادنا والعالم مما تتخبط فيه الشعوب والدول من حروب وصعوبات إقتصادية وسياسية وثقافية، ليحلّ السلام في شرقنا ليبقى بشفاعة العذراء مريم أمّ الله، أمّ الرّحمة والرأفة، أرض إيمانٍ وقداسة، وقيم وحرية، وسلام.

 

  








All the contents on this site are copyrighted ©.