2015-12-19 14:00:00

رسالة البطريرك يونان لعيد الميلاد المجيد 2015


تحت عنوان "إذ لم يكن لهما موضعٌ...": هل للطفل الإلهي موضع في قلوبنا وحياتنا وعائلاتنا؟" وجه بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي صاحب الغبطة مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان رسالته بمناسبة عيد الميلاد المجيد 2015 قال فيها:  في مستهل رسالتنا الميلادية هذه، يسرّنا أن نقدّم أطيب التهاني لكم جميعًا أيها الإخوة والأبناء الأعزاء في لبنان وفي بلدان الشرق الأوسط وعالم الانتشار، بميلاد الرب يسوع، فاديًا ومخلّصًا لجميع الشعوب. وفيما يشهد شرقنا الصراعات التي سبّبت الكثير من المعاناة، من قتل وتشريد، نتذكّر أنّ مريم ويوسف لم يجدا لهما موضعًا في بيت لحم، فوُلد المسيح المنتظَر غريبًا مهجَّرًا في مغارة!. ونضرع إلى الطفل الإلهي، عطية السماء لأرضنا المعذَّبة، أن يحلّ علينا العام الجديد 2016 بفيض النعم والبركات، فيسود السلام الحقيقي والدائم، بانتشار المحبة والعدالة.

وممّا جاء في رسالة البطريرك يونان نقلا عن الموقع الإلكتروني لبطريركية السريان الكاثوليك: إن كان زمن الميلاد زمن السلام والرجاء والأمل بولادة جديدة للإنسان، فإن عالمنا الحاضر بأمسّ الحاجة لكلّ بصيص أمل نوفّره لبلداننا وشعبنا المضطهَد والمهجَّر والمقتلَع قسراً من أرض الآباء والأجداد ليس لذنب سوى أنه مؤمن بمعجزة الميلاد، لقاء الله مع الإنسان. نحن، رعاة هذا الشعب المضطهَد، نقف اليوم أمام مفترق تاريخي في مسيرة شعبنا الذي وُلد وعاش على هذه الأرض، ونراه اليوم يهجرها مُكرَهًا، تاركًا وراءه تاريخًا متجذّرًا تجذُّر المسيحية في هذا الشرق، وفي أحسن الأحوال تعصف به الأزمات لتدفعه إلى الهجرة.

وأضاف غبطته: فإن نظرنا إلى لبنان، وإلى المسيحيين فيه، تحسّرنا على ما آلت إليه الأمور. صحيحٌ أنه لا يزال بمنأىً عن الحروب التي تعصف حوله، ما عدا مناطق محدودة فيه أصرّ أعداؤه الإرهابيون على تهديدها، إلا أنّ انقسامات السياسيين أدّت إلى الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية منذ أكثر من سنة ونصف، وهو الموقع المسيحي الوحيد في هذا الشرق، والقادر أن يعيد إلى الجمهورية عنفوانها وكرامتها وموقعها بين الدول، وأن يجدّد الحياة السياسية السويّة في النظام اللبناني. إنّنا نكرّر مطالبتنا، مع جميع المخلصين لميثاق لبنان ودستوره، بانتخاب رئيس للبلاد، وإقرار قانون عادل للانتخابات النيابية، يُنصِف السريان ويعطيهم حقّهم في التمثيل النيابي أسوةً بالطوائف الأخرى.

أمّا في سوريا، فقد دخلت الأزمة عامها الخامس، وكانت سببًا في تدمير لا مثيل له للأرض والبنيات التحتية والمعالم الحضارية وحملت معها قتل مئات الآلاف وتشريد الملايين، وزرعت البغض في النفوس، ونشرت التعصّب الطائفي بين المكوّنات التي كانت عنوان غنى هذا البلد المحبوب في التعدّدية والتسامح والإشعاع. إنّنا نناشد المجتمع الدولي التوقّف عن تأجيج الاقتتال الداخلي في سوريا، فلا يكون هذا الشعب وحريته وحياته أهدافاً لصراعات الدول ومصالحها الاقتصادية والسياسية. فليتّحد العالم، وليطرد الإرهابيين من سوريا... إنّنا نتضرّع إلى طفل المغارة ليكون ميلاده نورًا يشعّ في العقول والقلوب، فتتوقّف هذه الحرب العبثية، ويتّحد الشعب السوري لبناء دولته، دولة حديثة ديمقراطية.

وأضاف البطريرك يونان: فيما نشكر الله فرحين لعودة الأب جاك مراد إلى الحرية، لا يسعنا إلا أن نعلي الصوت مع جميع أصحاب النيّات الحسنة، فنجدّد مطالبتنا بالإفراج عن جميع المخطوفين، وفي مقدّمتهم المطرانان مار غريغوريوس يوحنّا ابراهيم وبولس اليازجي، والآباء الكهنة ميشيل كيّال واسحق محفوظ وباولو داللوليو، والمدنيون وبخاصة أبناء شعبنا في القريتين وحلب وقرى الخابور. أمّا العراق، فقد مرّت سنةٌ ونيّف على طرد أبناء شعبنا من مدينة الموصل وقرى وبلدات سهل نينوى، وتدمير الكنائس والمعالم الدينية والآثار التي تشهد على عمق تجذُّر شعبنا في أرض العراق الغالي، ولعلّ أحد أبرزها دير مار بهنام الشهيد الذي يضمّ ضريحه. كلّ هذا يحدث والمجتمع الدولي لا يحرّك ساكنًا، بل يبقى صامتاً غير مبال تجاه هذه الجرائم ضدّ الإنسانية.

 في خضمّ هذا كلّه ـ أضاف البطريرك يونان ـ تقف الكنيسة مع شعبها، فهي لن تتركه ولن تتنازل عن حقوقه. ونحن معها نصلّي للرب يسوع، الطفل الإلهي، حامل الرجاء إلى البشرية، طالبين منه أن يعزّز إيمان القيّمين على هذا الشعب بأرضهم ووطنهم، ليكونوا قدوةً له، وأمناء لتراث بلاد الرافدين وتاريخها. في هذا العيد، نتوجّه بالقلب والفكر إلى أبنائنا الذين يكابدون آلام النزوح والهجرة والاقتلاع، من العراق وسوريا، إلى لبنان والأردن وتركيا، وإلى ما وراء البحار والمحيطات، إذ أضحوا، مثل الطفل الإلهي، لا موضع لهم ولا منزل يأويهم، مؤكّدين لهم تضامننا الأبوي واستعدادنا الدائم لتأمين حاجاتهم ومساعدتهم بكلّ الإمكانات المتاحة... وخير ما ننهي به رسالتنا، هذه التعزية الروحية التي منحنا إيّاها الرب بلسان قداسة البابا فرنسيس في مستهلّ رسالته بمناسبة اليوم العالمي للسلام 2016، بعنوان: "تغلَّبْ على اللامبالاة واكسب السلام"، إذ يقول: "الله ليس غير مبالٍ! الله يكترث بالبشرية، الله لن يتخلّى عنها!."








All the contents on this site are copyrighted ©.