2015-12-12 18:30:00

البابا فرنسيس يحتفل بالذبيحة الإلهية في عيد العذراء مريم سيّدة غوادالوبي


ترأس قداسة البابا فرنسيس عصر السبت في بازيليك القديس بطرس القداس الإلهي بمناسبة الاحتفال بعيد العذراء مريم سيّدة غوادالوبي شفيعة أمريكا اللاتينية وللمناسبة ألقى الأب الأقدس عظة استهلّها بكلمات النبي صفنيا وقال: "في وسطك الرب إلهُك... يسرّ بك فرحًا ويجدّدك بمحبّته ويبتهج بك بالتهليل كما في أيام العيد" (صفنيا 3، 17- 18). إن كلمات النبي صفنيا هذه والموجّهة لإسرائيل يمكنها أن تشير أيضًا إلى العذراء مريم والكنيسة وكل شخص يحبّه الله بمحبة رحيمة.

تابع البابا فرنسيس يقول نعم إن الرب يحبّنا كثيرًا ويفرح ويبتهج بنا. يحبنا حبًّا مجانيًّا بدون حدود وبدون مقابل. هذا الحب الرحوم هو ميزة الله المدهشة وملخَّص الرسالة الإنجيلية وإيمان الكنيسة. إن كلمة "misericordia" أي رحمة هي مؤلفة من كلمتين "miseria" أي بؤس و "cuore" أي قلب. إن القلب يشير إلى القدرة على الحب، والرحمة هي المحبة التي تعانق بؤس الشخص البشري. إنه حب يشعر بضعفنا وبؤسنا كما ولو كان ضعفه وبؤسه ويحررنا منهما. "ما ظَهَرَت بِه مَحبَّةُ اللهِ بَينَنا هو أَنَّ اللهَ أَرسَلَ ابنَه الوَحيدَ إِلى العالَم لِنَحيا بِه. وما تَقومُ عَلَيه المَحَبَّة هو أَنَّه لَسنا نَحنُ أَحبَبنا الله بل هو أَحَبَّنا فأَرسَلَ ابنَه كَفَّارةً لِخَطايانا" (1 يوحنا 4، 9- 10).

أضاف الأب الأقدس يقول "الكلمة صار جسدًا" لقد أراد أن يشاركنا هشاشتنا، أراد أن يختبر حالتنا البشريّة إلى أن أخذ على عاتقه في الصليب جميع آلام الحياة البشريّة. هذه هو عمق رأفته ورحمته: إتحاد ليرافق ويخدم البشريّة المجروحة. ما من خطيئة بإمكانها أن تزيل قربه الرحيم أو أن تمنعه من أن يحقق فينا نعمة الارتداد شرط أن نطلبها. إن الخطيئة عينها هي التي تجعل محبّة الله الآب تشع بقوّة أكبر لأنّه ضحّى بابنه ليفتدي العبد. إن رحمة الله هذه تصل إلينا مع عطيّة الروح القدس الذي، ومن خلال المعموديّة، يخلق ويغذّي الحياة الجديدة لتلاميذه. فمهما كانت خطايا العالم كبيرة وخطيرة فإن الروح القدس الذي يجدّد وجه الأرض، يجعل ممكنة أعجوبة حياة أكثر إنسانيّة مليئة بالفرح والرجاء.

تابع البابا فرنسيس يقول نحن أيضًا نهتف بفرح: "الرب إلهي ومخلّصي!". يقول لنا القديس بولس إن الرب قريب وبالتالي فلا ينبغي لأي شيء أن يقلقنا. والرحمة الأعظم تقوم في أنه في وسطنا وأنّه حاضر معنا ويرافقنا. يسير معنا ويرينا درب الحبّ، يرفعنا عندما نسقط ويعضدنا عندما نتعب ويرافقنا في جميع ظروف حياتنا. يفتح لنا أعيننا لكي نرى بؤسنا وبؤس العالم ولكنّه يملؤنا بالرجاء في الوقت عينه. "إِنَّ سلامَ اللهِ...يَحفَظُ قُلوبَكم وأَذْهانَكم في المسيحِ يسوع" (فيليبي 4، 7). هذا هو مصدر حياتنا المُطمئنّة والسعيدة وليس باستطاعة أحد أن يسلبنا هذا السلام وهذا الفرح بالرغم من آلام وتجارب الحياة. لنعزز خبرة الرحمة والسلام والرجاء هذه لاسيما خلال مسيرة المجيء التي نقوم بها في ضوء سنة اليوبيل. ولنعلن البشرى السارّة للفقراء على مثال يوحنا المعمدان ولنقم بأعمال رحمة، إنها طريقة جيّدة لننتظر مجيء يسوع في الميلاد.

أضاف الحبر الأعظم يقول إن الله يفرح ويبتهج بمريم بشكل خاص. في إحدى الصلوات المحببة على قلب المسيحيين "السلام عليك أيتها الملكة" ندعو مريم "أمّ الرحمة". فهي قد اختبرت الرحمة الإلهيّة واستقبلت في حشاها ينبوع هذه الرحمة: يسوع المسيح. هي التي عاشت على الدوام اتحادًا عميقًا بابنها تعرف أفضل من أي شخص آخر ما يريده: أن يخلص جميع البشر وألا يُحرم أي إنسان من حنان الله وعزائه. لتساعدنا مريم، أمّ الرحمة لنفهم مقدار محبة الله لنا.

وختم البابا فرنسيس عظته بمناسبة الاحتفال بعيد العذراء مريم سيّدة غوادالوبي بالقول نكل إلى مريم الكليّة القداسة آلام وأفراح شعوب القارة الأمريكية بأسرها الذين يحبونها كأم ويكرمونها كشفيعة تحت اسم سيّدة غوادالوبي. ليرافقنا نظرها العطوف في هذه السنة المقدسة، كي نتمكّن جميعًا من إعادة اكتشاف فرح حنان الله. ولنطلب منها أن تكون سنة اليوبيل هذه بذرة حبّ رحيم في قلب الأشخاص والعائلات والأمم. فنصير بدورنا رحماء وتصبح الجماعات المسيحيّة واحات وينابيع رحمة وشهودًا لمحبّة لا تستثني أحدًا. أسألها أن ترافق خطى شعبها، الشعب السائر الذي يبحث عن أم الرحمة ويطلب منها أن تريه ابنها يسوع.    

  

 

 








All the contents on this site are copyrighted ©.