2015-06-19 15:50:00

رسالة المجلس البابوي للحوار بين الأديان إلى المسلمين لمناسبة حلول شهر رمضان


لمناسبة بداية شهر رمضان واقتراب عيد الفطر وجه المجلس البابوي للحوار بين الأديان رسالة إلى لمسلمين كما جرت العادة سنويا. وحملت الوثيقة توقيع رئيس المجلس الحبري الكاردينال جان لوي توران وأمين السر الكاهن ميغيل أنخيل أيوزو كيغسوت وجاءت تحت عنوان "المسيحيون والمسلمون معا لمواجهة العنف المرتكب باسم الدين". وجاء فيها ما يلي:

أيها الأخوة والأخوات المسلمون الأعزاء، يسرني أن أقدّم لكم، باسم الكاثوليك جميعا في بقاع العالم، وباسمي، أحرّ التمنيات بعيد فطر ملؤه السلام والبهجة. تقومون طوال شهر رمضان المبارك بأفعال دينية واجتماعية عديدة مثل الصوم والصلاة، الزكاة ومساعدة الفقراء، وزيارة الأقارب والأصدقاء. أرجو وأصلّي أن تُثري هذه الأفعال الخيّرة حياتكم.

تُلقي بظلالها على بهجة هذا العيد، بالنسبة للبعض منكم ولآخرين أيضا من جماعات دينية مختلفة، ذكرى الأشخاص الأعزاء الذين فقدوا حياتهم أو عانوا جسديا ونفسيا، بل وحتى روحيا، جرّاء العنف. لقد تعرّضت جماعات عرقية ودينية في عدد من دول العالم إلى أشكال مختلفة من معاناة شديدة وظالمة: قتْل بعض أعضائها، تدمير إرثها الديني والثقافي، تهجيرها القسري من مساكنها ومدنها، التحرش بنسائها واغتصابهن، استعباد بعض أفرادها، الاتجار بالبشر، الاتجار بالأعضاء، بل وحتى بيع الجثامين!

إننا نعي خطورة هذه الجرائم في حد ذاتها، إلا أن ما يجعلها أشدّ كراهة هو محاولة تبريرها باسم الدين؛ وهذا تعبير واضح عن استغلال الدين من أجل بلوغ السلطة والثراء. ما من حاجة للتذكير بأن من واجب المسؤولين عن الأمن والنظام العام حماية الأشخاص والممتلكات من عنف الإرهابيين الأعمى. وإلى جانب هذا، هناك أيضا مسؤولية ملقاة على عاتق المكلفين بالتربية: العائلات، المدارس، المناهج التربوية، القادة الدينيين، الخطاب الديني ووسائل الإعلام؛ فالعنف والإرهاب يتشكلان أولا في عقول المنحرفين، قبل تنفيذهما على أرض الواقع.

على كل من يسهم في تربية الشباب، كما على كافة الأوساط التربوية، تعليم الطابع المقدس للحياة وكرامة كل شخص كونها ناتجة عن هذه القدسية، وذلك بغض النظر عن الانتماء العرقي أو الديني أو الثقافي، الوضع الاجتماعي أو الخيارات السياسية. ما من حياة أكثر قيمة من سواها بسبب انتمائها إلى عرق محدد أو دين بعينه. لذلك، لا يمكن لأحد أن يقتل. ولا يمكن لأحد أن يقتل باسم الله؛ فهذه جريمة مزدوجة، ضد الله وضد الشخص نفسه. 

يجب ألا يشوب التربية أي غموض، كما لا يمكن بناء مستقبل شخص أو جماعة، أو مستقبل البشرية بكاملها، على الغموض أو على شبه حقيقة. إن المسيحيين والمسلمين، كلاّ حسب تقاليده الدينية، ينظرون إلى الله تعالى ويعبدونه على أنه الحق؛ وعلى حياتنا وتصرفاتنا كمؤمنين أن تعكس هذه الحقيقة.

يؤكد البابا القديس يوحنا بولس الثاني أن المسيحيين والمسلمين يتمتعون بـ "امتياز الصلاة" (الخطاب إلى القادة الدينيين المسلمين في كادونا، نيجيريا، في 14 شباط 1982). والحاجة إلى هذه الصلاة ملحة: من أجل العدالة، السلام والأمن في العالم، ومن أجل كل مَن حاد عن صراط الحياة المستقيم وارتكب العنف باسم الدين، كي يغيّر سلوكه ويعود إلى الله؛ من أجل الفقراء والمرضى. إن أعيادنا، بالإضافة إلى أمور أخرى، تُنمّي في داخلنا الرجاء في الحاضر والمستقبل. بهذا الرجاء نتطلع إلى مستقبل الإنسانية، وبخاصة حين نبذل قصارى جهدنا لتحقيق أحلامنا المشروعة. مع البابا فرنسيس، نتمنّى أن تحمل لكم ثمار شهر رمضان المبارك وفرحة عيد الفطر السلام والرخاء، معزِّزةً نموكم الإنساني والروحي.

عيدا سعيدا لكم جميعا!








All the contents on this site are copyrighted ©.