2015-06-19 12:59:00

البابا فرنسيس: "اكنِزوا لأَنفُسِكُم كُنوزًا في السَّماء"


"إن الكنوز الذي نكنزها لأنفسنا هي في أساس الحروب ودمار العائلات وفقدان الكرامة، فيما أن الجهاد اليومي يقوم على إدارة الكنوز التي نملكها وكنوز الأرض من أجل الخير العام" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الجمعة في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان.

قال البابا الكنوز ليست كالتماثيل أي أنها لا تؤثر على حياة الأشخاص، بل على العكس لأنها تنمو وتتحرك لتأخذ مكانًا كبيرًا في حياة الإنسان وقلبه. وإذا كان هدف الإنسان الادخار والاحتفاظ بالمال فستسيطر هذه الكنوز على قلبه ويصبح فاسدًا. ولكن ما ينقذ القلب من الفساد هو استعمال الغنى والكنوز التي نملكها من أجل الخير العام. استهل الأب الأقدس عظته انطلاقًا من الإنجيل الذي تقدمه لنا الليتورجية اليوم من القديس متى والذي نرى فيه يسوع يعلّم تلاميذه هذه الحقيقة: "حَيثُ يكونُ كَنزُكَ يكونُ قلبُكَ" ويحذّرهم قائلاً: " لا تَكنِزوا لأَنفُسِكُم كُنوزًا في الأَرض، حَيثُ يُفسِدُ السُّوسُ والعُثُّ، ويَنقُبُ السَّارِقونَ فيَسرِقون. بلِ اكنِزوا لأَنفُسِكُم كُنوزًا في السَّماء".

قال الحبر الأعظم لا شك أنه في أساس الادخار هناك الرغبة بالحصول على ضمانات، ولكن قد نواجه أحيانًا خطر الادخار لأنفسنا الذي قد يحولنا إلى عبيد. ففي النهاية لا يمكن لهذه الكنوز أن تعطيك ضمانات إلى الأبد. لا بل هي تسلبك كرامتك، وهذه ما نراه غالبًا في العديد من العائلات المنقسمة. حتى في أساس الحروب نجد هذه الرغبة التي تدمّر وتُفسد. ففي عالمنا هذا وفي هذه اللحظات بالذات تدور حروب بسبب الجشع للسلطة والمال. يكفي أن نفكر أيضًا بالحرب التي تدور في قلوبنا، فالرب يقول لنا: "ابتعدوا عن الجشع"، لأن الجشع يحملنا قدمًا شيئًا فشيئًا... ويدفعنا بعدها إلى الغرور – فنعتقد بأننا مهمّين وأقوياء... لنصل بعدها إلى الكبرياء الذي منه تنبع جميع الرذائل. فالأمر يشبه صعود درج، وأول درجة هي الجشع والرغبة بادخار الكنوز والمال.

تابع الأب الأقدس يقول إن الادخار هو من ميزات الإنسان وصفاته، وهو يرغب أيضًا بالسيطرة على العالم وبالتالي يضعنا هذا الأمر في جهاد يوميّ حول كيفيّة إدارة موارد الأرض بشكل صالح لكي تكون موجّهة نحو السماء وتصبح كنوزًا في السماء. هناك أمر صحيح وهو أنه عندما يبارك الرب شخصًا ما بالمال والغنى فهو يجعله مدبّرًا لهذا الكنز من أجل الخير العام وخير الجميع وليس فقط من أجل مصالحه الخاصة. ليس بالأمر السهل أن يُصبح المرء مدبِّرًا صادقًا إذ أن هناك على دوام تجربة الجشع وتجربة أن نصبح أشخاصًا مُهمّين، لأن هذا ما يعلّمنا إياه العالم وهذه هي الدرب التي يقودنا فيها، فيما ينبغي علينا أن نفكّر بالآخرين وأن نفكّر أن ما أملكه هو لخدمة الآخرين وأنني لن آخذ معي شيئًا من هذه الحياة. ولكن إذا استعملت، كمدبر، ما وهبني الرب إياه من أجل الخير العام فهذا الأمر سيقدِّسني وسأصبح قديسًا.

وختم البابا فرنسيس عظته بالقول غالبًا ما نسمع أعذار الأشخاص الذين يدّخرون المال والكنوز. ولكن من جهتنا ينبغي علينا أن نسأل أنفسنا يوميًّا: أين هو كنزك؟ في المال والغنى أو في تدبيرك لهذه الثروة وخدمة الخير العام؟ إنه أمر صعب ويشبه اللعب بالنار! هناك العديد من الأشخاص الذين يريحون ضمائرهم في عمل الخير مقدمين ما يفيض عنهم. ولكن هذا ليس ما يقوم به المدبّر، فالمدبر لا يعطي ما يفيض عنه بل يعطي كل شيء. المدبّر هو الذي يتخلّى باستمرار عن مصالحه الشخصيّة ولا يضع خلاصه في المال والغنى. ليس من الخطأ أن ندخر لنا الكنوز ولكن لنكنز الكنوز القيّمة، تلك التي تفيدنا في "بورصة السماء"! نعم ادخروا هذه الكنوز!








All the contents on this site are copyrighted ©.