2015-06-09 14:55:00

لقاء روحي للبطاركة الإنطاكيين في دمشق


"أيها الأحبة، في هذا الوقت الذي يُقتل فيه الإنسان باسم الله نحن مطالبون أكثر من أي وقت مضى بأن نتيقن أن "المحبة أقوى من الموت". فالقتل باسم الله هو طعن في صميم الله. إخلاصنا لمسيحنا القائل "طوبى لفاعلي السلام فإنهم أبناء الله يدعون" يحتّم أن نكون رسل سلام في هذا الشرق. دورنا أن نواجه كل فكر أو إيديولوجية تقدس العنف والقتل والانتقام. إيماننا بالله لا يمكن أن نترجمه إلا محبة وسلامًا للبشر ودفاعًا عن أرضنا وكنائسنا ضمن حرية أبناء الله التي من أبسط قواعدها احترام التعددية والاختلاف. ومن هذه الكنيسة المريمية، نضرع إلى والدة الإله، أمنا جميعًا، والشفيعة الحارة لدى المخلص، أن تنقذنا وأوطاننا من الشدائد المحيطة بنا، وأن تشددنا لكي نكون على صورتها أشخاصًا يشهدون للمسيح في ليل هذا العالم" هذا ما جاء في نداء تم توجيهه في ختام لقاء روحي في الكنيسة المريمية بدمشق في الثامن من حزيران يونيو 2015 بدعوة من غبطة البطريرك يوحنا العاشر بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، وبمشاركة أصحاب الغبطة: مار بشارة بطرس الراعي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، مار إغناطيوس أفرام الثاني بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس والرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم، مار غريغوريوس الثالث لحام بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والإسكندرية وأورشليم للروم الملكيين الكاثوليك، مار إغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، وقد شارك في الاجتماع السفير البابوي في سوريا رئيس الأساقفة ماريو زناري ورؤساء الطوائف المسيحية في دمشق.

ومما جاء في النداء : فرحنا الكبير بلقائنا الأخوي يتجدد وبالتشاور في ما بيننا يتعمق، وبالتعاون يزداد من أجل الشهادة المسيحية الأنطاكية الواحدة في هذا المدى الذي فيه "دعي التلاميذ مسيحيين أولاً" (أعمال الرسل 11: 16)، وحيث أرادنا الله أن نكون له شهودًا. ولذلك ندعوكم وضمن ولائكم الكامل لكنائسكم وعقائدها وتعاليمها أن تتعاضدوا فيما بينكم وتخدموا الفقراء بتفان، وأن تتعرفوا إلى فكر كنائسنا الغني، وأن تكتشفوا القداسة المشعة فيها، وأن تتعمقوا في معرفة التراث الأنطاكي بمختلف روافده، وأن تصلوا "من أجل وحدة المسيحيين". وأضاف النداء: ندعوكم أن تحملوا أوطانكم في فكركم وصلواتكم، وأن تطلبوا بإلحاح أن يعم السلام في ربوعها وأن ينعم أبناؤها جميعًا بالفرح الحقيقي وأن يعيشوا معًا بكرامة "أبناء الله". لا تنسوا أن تعملوا جاهدين من أجل وحدة بلدانكم ورقيها وقيام الدولة المدنية فيها. حافظوا على التعددية بكل ما فيها من غنى ولا تخسروا تمايزكم وفرادتكم. ومما جاء في النداء أيضا: ندعوكم أن تواظبوا على أطيب العلاقات مع إخوتنا المسلمين شركائنا في الوطن والمصير الذين نعيش معهم في هذه الأرض والذين نتقاسم وإياهم في هذه الأيام ويلات العنف والإرهاب الناتجين عن الفكر التكفيري وعبثية الحروب التي تؤججها مصالح الكبار مستخدمة تفسيرًا مغلوطًا للدين. فشركاؤنا هؤلاء يشعرون بوجعكم ويتألمون لآلامكم. وهم يعملون مع مرجعياتهم الدينية والفقهية لاستئصال جذور الفكر التكفيري الذي حصد ولا يزال يحصد في كل مرحلة عشرات الألوف من البشر. ونحن معهم، وبإخلاص الشريك الوفي، نرفع الصوت ونعلن أنه حان الوقت لمواجهة الفكر التكفيري وتجفيف منابعه من خلال تربية دينية تعمم ثقافة الانفتاح والسلام وحرية المعتقد. وفي أزمنة المحنة هذه ـ أضاف النداء ـ التفّوا حول الكنيسة التي هي امتداد المسيح الرب في العالم. واكبوا كنائسكم، فإننا بروح مسؤوليتنا الرعوية، ملتزمون بمضاعفة جهودنا، بالتضامن مع ذوي الإرادة الطيبة من أجل اتخاذ المزيد من المبادرات اللازمة للمحافظة على وجودنا جميعا على أرضنا، ولمواجهة حاجاتكم العائلية والمعيشية وضمانة مستقبل شبيبتنا. صلوا من أجل المضطهدين والمخطوفين من رعاتكم وإخوتكم لاسيما من أجل مطراني حلب بولس يازجي ويوحنا إبراهيم، والكهنة المخطوفين، وكان آخرهم الأب جاك مراد. تعاضدوا واحملوا بعضكم أثقال بعض.

ولأبنائنا في سوريا بعد أن وقع شعبها البريء والمسالم في قبضة إرهاب تستخدمه قوى هذا العالم لتفتيته وطمس حضارته وإخضاع إنسانه وطرده من أرضه، نؤكد تشبثنا بوحدة هذا البلد وبحق أبنائه بالعيش بأمن وحرية وكرامة. ونطالب العالم بالعمل الجدي على إيجاد حل سياسي للحرب العبثية التي تعصف بسوريا، حلٍّ يضمن إحلال السلام وعودة المخطوفين والمهجرين والنازحين وحق الشعب السوري بتقرير مصيره بحرية تامة وبعيدًا عن كل تدخل خارجي. وللعراق، الذي يعاني من ويلات حروب متتالية، اقتلعت شعوبًا بأكملها من أرض أجدادها، كما حصل العام الماضي في الموصل وقرى وبلدات سهل نينوى (حروبٍ) عَرَفت فظائع ذكّرت العالم بهمجية القرون الغابرة، وهي تستمر بتدمير حضارات ضاربة في القدم خدمة لمشاريع عنصرية وطائفية غريبة عن حضارة أبناء البلاد. أما لبنان، البلد الرسالة، فندعو إلى الإخلاص له وحده والتّكرس لخدمته وخدمة مصالح شعبه والعمل على انتخاب رئيس للجمهورية يعيد للمؤسسات الدستورية انتظامها ويعمل على بناء وطن يفرح به أبناؤه. وللأحبة في فلسطين، يؤكد الآباء أنهم سيظلون محور اهتمامهم ولن يخبو صوتهم أبدًا في الدفاع عنهم وعن قضيتهم المحقة مهما حاول العالم تجاهلها وإضعافها من خلال تزكية حروب ونزاعات جانبية. أما للمجتمع الدولي فنطالبه بتحمل مسؤولياته في إيقاف الحروب على أرضنا وإيجاد حلول سلمية وسياسية للنزاعات القائمة والعمل الجدي على إعادة النازحين والمهجرين إلى بيوتهم وممتلكاتهم وحماية حقوقهم كمواطنين. ونقول له إننا أصيلون في هذه الأرض ومتجذرون بترابها الذي سقي بعرق جبين آبائنا وأجدادنا. ونؤكد أكثر من أي يوم مضى أننا باقون فيها لنبنيها مع شركائنا في المواطنة. فنحن مؤتمنون على هذه الأرض التي سالت دماؤنا دفاعًا عنها، وتقدست بدماء شهدائنا. ونحن ندعو كل من يدّعي الاهتمام بمصيرنا إلى أن يساعدنا على البقاء والتجذر في أرضنا، من أجل حراثتها وتنميتها والاستفادة من خيراتها لا أن يسهّل نهب تراثنا وخيراتنا وتدمير حضارتنا واستعباد إنساننا أو إرغامه على الهجرة. ونطلق الصرخة ونطالب أيضاً بإيقاف الحرب على أرضنا ودعم أسس الاستقرار في كل أنحاء المنطقة.








All the contents on this site are copyrighted ©.