2015-05-18 15:05:00

البابا فرنسيس للمكرّسين: كونوا فرح وعطيّة الله في العالم


"الحياة المحصّنة ليست هروبًا بل "ساحة معركة" مفتوحة على العالم"؛ "كل راهبة هي "أيقونة" للكنيسة"؛ "على الأساقفة والرهبان أن يتعاونوا في الأبرشيّة من أجل خلق التناغم في الكنيسة": هذه هي بعض الأفكار التي عبّر عنها البابا فرنسيس في لقائه عصر السبت الماضي مع مكرّسي أبرشيّة روما بمناسبة سنة الحياة المكرّسة. وبعد كلمة التحيّة التي ألقاها الكاردينال أغوسطينو فاليني، أجاب الأب الأقدس بعفويّة على بعض الأسئلة التي طرحها عليه بعض المكرسين والتي تتعلّق بمختلف جوانب حياتهم الجماعيّة والرسوليّة.

في جوابه على السؤال الأول الذي تمحور حول "التوازن الحساس" بين حياة الظهور والاختلاء، قال البابا فرنسيس إن المكرّس التأملي يختبئ في الله ولكنه لا يختبئ من العالم، وأكّد الحبر الأعظم أن التوازن لا يقوم فقط على التوازن بين جوانب الحياة الديريّة، وإنما على عيش "الجهد" بين دعوتين "دعوة الله لنا لاعتناق الحياة الخفيّة" و"الدعوة لإظهار الله" من خلال أعمالنا، مشيرًا إلى أن الابتسامة التي نظهرها خلال الخدمة التي نقوم بها تفتح القلب وقد تشبع أكثر من الخبز الذي قد نعطيه للذين يقرعون أبواب الدير طلبًا للطعام.

أما في جوابه الثاني فقد توقف الأب الأقدس عند "أمومة المرأة المكرّسة" وقال نجد في تكرّس المرأة بعدًا زوجيًا" يحمل على تشبيه محبّة المكرسّة للمسيح للحبّ الزوجي بصفاته عينها أي الثبات والأمانة ووحدة القلب، وقال إن الراهبة هي أيقونة الكنيسة والعذراء. ولا تنسوا أن الكنيسة هي امرأة وهي عروسة المسيح. لكن غالبًا ما ننسى هذا الأمر وننسى محبة الراهبة الوالديّة التي هي على مثال محبة الكنيسة والعذراء الوالديّة، وبالتالي ينبغي على الأمانة – وهو تعبير الحب في حياة المرأة المكرّسة – أن تعكس أمانة ومحبّة وحنان الأم الكنيسة وأمنا العذراء. وأشار البابا إلى أن هذا الحب ينبغي أن يكون ملموسًا تمامًا كالحب الذي نقرأ عنه في التطويبات – التي تشكل كما قال البابا فرنسيس أول رسالة عامة في الكنيسة – وكالحب الذي نقرأ عنه في الفصل الخامس والعشرين من إنجيل القديس متى حول الدينونة العامة، وأكّد أن هذين النصين من الكتاب المقدّس يشكلان البرنامج الكامل للمكرسين. وتابع البابا شارحًا حول الصعوبات التي يمكن مواجهتها في الحياة الجماعيّة من غيرة وانتقادات وأشار إلى أن روح المنافسة هذا يظهر أحيانًا أيضًا بين الأبرشيات وبعض الرهبانيات إذ يمكن للتعاون بين الأسقف وإحدى المؤسسات الرهبانية في بعض الأبرشيات ألا يكون على أحسن وجه، وذكّر الحبر الأعظم في هذا الإطار أنه ينتمي إلى هاتين الفئتين الرهبانيّة والأبرشيّة وعاشهما بملئهما وقال إن الكنيسة تفكّر حاليًّا بإستعادة "وثيقة قديمة" وهي "العلاقات المتبادلة" والتي تتعلّق بالعلاقات بين الرهبان والأساقفة.

في جوابه الثالث على سؤال حول موضوع "العيد" في الحياة المكرسة، قال البابا فرنسيس إنه أحد الأمور التي نسيناها نحن المسيحيّون، مشيرًا إلى أن أسلوب العيد هو ما نقرؤه في الفصل السادس والعشرين من سفر تثنية الإشتراع أي أن يقدّم المؤمن بواكيره لله ويشكره على محبته وصلاحه ليعود بعدها إلى بيته ويشارك خيراته مع الأيتام والجيران والعبيد، وأكّد أن العيد يأخذ أيضًا بعدًا لاهوتيًا في الحياة ولا يمكن عيش الحياة المكرسة بدون بعد العيد هذا، وهذا العيد هدفه الصلاة لأنه فرح تذكّر كل ما صنعه الله في حياتنا.

في جوابه على السؤال الرابع، انطلق الأب الأقدس بكلمات شكر وامتنان للأب غايتانو ساراشينو الذي خدم طيلة حياته في سجن الأحداث في كازال مارمو وقال لقد خدم الأب ساراشينو في هذا السجن طاعة لرؤسائه وعاش الصفة الجوهرية التي تميّزت بها حياة يسوع الأرضيّة، وتابع الحبر الأعظم يقول إن سرّ المسيح هو سرّ الطاعة؛ والطاعة هي خصبة على الدوام. صحيح أنها ككل الفضائل يمكن أن تتعرض للتجربة وقد تصبح أحيانًا مجرّد موقف خارجيّ ولكنها تبقى سرًّا. وكما قلت لكم إن المرأة المكرّسة هي أيقونة مريم والكنيسة يمكننا أن نقول أن الطاعة هي أيقونة درب يسوع: فهو تجسّد طاعة لأبيه وأطاع حتى الموت موت الصليب، ولا يمكننا أن نفهم سرّ الطاعة الرهبانيّة إلا في ضوء درب يسوع هذا. وختم البابا فرنسيس مؤكّدًا أن الحياة المكرسة هي عطيّة نبويّة، لأن الدعوة ليست مجرّد التحاق بأسلوب حياة معيّن أو بدرب معّين بل هي تقدمة القلب، وهذه التقدمة غالبًا ما لا تُقدّر وتُثمّن في هويّتها وميزاتها، مما يسبب فقدانًا للهوية لدى المكرسين والمكرسات وبالتالي من الأهميّة بمكان أن يوجد "أشخاص حكماء" لمرافقة هؤلاء المكرسين الذين يعيشون أزمات معيّنة.                      








All the contents on this site are copyrighted ©.