2015-04-15 13:20:00

في مقابلته العامة البابا فرنسيس يتحدث عن الاختلاف والتكامل بين الرجل والمرأة


أجرى قداسة البابا فرنسيس صباح الأربعاء مقابلته العامة مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس واستهلّ تعليمه الأسبوعي بالقول: إن تعليم اليوم مكرّس لجانب أساسيّ من موضوع العائلة: تلك العطيّة الكبيرة التي أعطاها الله للبشريّة من خلال خلق الرجل والمرأة وسرّ الزواج. هذا التعليم والتعليم المقبل متعلقان بالاختلاف والتكامل بين الرجل والمرأة، ذروة الخلق الإلهي.

تابع الأب الأقدس يقول نبدأ بتعليق صغير حول قصّة الخلق الأولى من سفر التكوين. نقرأ أن الله، وبعد أن خلق الكون وجميع الكائنات الحيّة، خلق التحفة الرائعة، أي الإنسان الذي صنعه على صورته: "على صورة الله خلقه، ذكرًا وأنثى خلقهم" (تك 1، 27). كما نعلم جميعًا إن الاختلاف الجنسي حاضر في جميع أشكال الحياة وفي تصنيفها ولكنه يحمل صورة الله ومثاله في الرجل والمرأة فقط! فالرجل ليس وحده على صورة الله ومثاله وكذلك المرأة بل هما معًا كزوجين أيضًا على صورة الله ومثاله. لذلك فالاختلاف بين الرجل والمرأة ليس بالتباين أو بالتبعيّة والخضوع بل بالشركة وإعطاء الحياة، دائمًا في إطار صورة الله ومثاله.

أضاف الحبر الأعظم يقول تعلمنا الخبرة أن الكائن البشري بحاجة للمبادلة بين الرجل والمرأة ليعرف نفسه وينمو بتناغم. وعندما لا يتمّ الأمر على هذا النحو يمكننا رؤية التبعات. لقد خُلقنا لنصغي إلى بعضنا البعض ونساعد بعضنا البعض، ويمكننا القول إنه بدون هذا الإثراء المتبادل في هذه العلاقة – بالفكر والتصرّف، في العواطف والعمل والإيمان أيضًا – لا يمكن للمرء أن يفهم عمق معنى أن يكون رجلاً أو امرأة. لقد فتحت الثقافة الحديثة والمعاصرة فسحات جديدة وحريات جديدة وآفاقًا جديدة للاغتناء من فهم هذا الاختلاف. لكنها أدخلت أيضًا الكثير من الشك والارتياب. أتساءل على سبيل المثال إن لم تكن "نظريّة الجنس" مجرّد تعبير عن إحباط واستسلام يهدف إلى إلغاء الاختلاف الجنسي لأنها لم تعد تعرف كيف تتعامل مع هذا الاختلاف. لكنَّ إلغاء الاختلاف في الواقع هو المشكلة وليس الحل. لحل مشاكلهم العلائقية ينبغي على الرجل والمرأة أن يتحاورا ويصغيا إلى بعضهما أكثر، أن يتعرفا على بعضهما البعض أكثر ويحب واحدهما الآخر أكثر؛ كما وينبغي عليهما أن يحترما بعضهما البعض ويتعاونا بصداقة. بهذه الأسس البشرية – تعضدها نعمة الله – من الممكن تخطيط الاتحاد الزوجي والعائلي لمدى الحياة. فالرابط الزوجي والعائلي هو أمر مهمّ للجميع وليس للمؤمنين فقط. وبالتالي أحث المفكّرين على عدم إهمال هذا الموضوع كما ولو أنّه أصبح أمرًا ثانويًّا للالتزام في سبيل مجتمع أكثر حرية وعدالة.

تابع البابا فرنسيس يقول لقد أوكل الله الأرض إلى العهد بين الرجل والمرأة: وفشله يُضعف عالم العواطف ويظلم سماء الرجاء. إن العلامات مقلقة ويمكننا أن نراها، وبالتالي أرغب أن أشير إلى نقطتين أعتقد بأنه ينبغي عليهما أن يلزماننا بشكل ملح. النقطة الأولى: ينبغي علينا بلا شك أن نقوم بالكثير لصالح المرأة إذا أردنا إعطاء قوة أكبر للمبادلة بين الرجال والنساء. من الضروري، في الواقع، أن يتم الإصغاء إلى المرأة بشكل أكبر، وأن يكون لصوتها ثقل حقيقيّ وصلاحية مُعترفٌ بها في المجتمع والكنيسة. إن الأسلوب الذي تعامل به يسوع مع المرأة، في زمن أقلّ إيجابية وتشجيعًا من زمننا لأن المرأة في ذلك الزمن كانت في المرتبة الثانية ويسوع قد تعامل معها بطريقة تعطي نورًا قويًّا وينير دربًا تقودنا بعيدًا. فنحن لم نفهم بعد عمق الأمور التي يمكن للذكاء الأنثوي أن يقدمها لنا، والأمور التي يمكن للمرأة أن تقدمها لنا وللمجتمع، فهي تنظر إلى الأمور بأعين تكمِّل نظرة الرجال. إنها درب ينبغي السير عليها بإبداع وشجاعة أكبر.

أما النقطة الثانية فتتعلّق بموضوع الرجل والمرأة المخلوقَين على صورة الله ومثاله. وبالتالي أتساءل إن لم تكن أزمة الثقة الجماعية بالله، والتي تسبب لنا ألمًا كبيرًا، وتسبب الاستسلام لعدم الإيمان والتهكُّم، مرتبطة أيضًا بأزمة العهد بين الرجل والمرأة. في الواقع، إن القصة البيبليّة، بلوحتها الرمزيّة حول الجنة الأرضيّة والخطيئة الأصليّة، تخبرنا أن الشركة مع الله تنعكس في الشركة بين الزوجين البشريين وبأن فقدان الثقة بالآب السماوي تولّد انقسامًا وخلافًا بين الرجل والمرأة.

وختم البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعي بالقول: من هنا تأتي مسؤولية الكنيسة الكبيرة ومسؤولية المؤمنين جميعًا وبشكل خاص مسؤولية العائلات المؤمنة لإعادة اكتشاف جمال مُخطط الخالق الذي يطبع صورة الله أيضًا في العهد بين الرجل والمرأة. فالأرض تفيض بالتناغم والثقة عندما يُعاش العهد بين الرجل والمرأة على نحو جيّد. ويسوع يشجعنا بوضوح لنشهد لهذا الجمال: جمال صورة الله!       








All the contents on this site are copyrighted ©.