2015-03-20 13:48:00

البابا فرنسيس يستقبل وفدًا من اللجنة الدولية لمناهضة عقوبة الإعدام


استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الجمعة وفدًا من اللجنة الدوليّة لمناهضة عقوبة الإعدام وللمناسبة سّلمهم رسالة جاء فيها: إن تعليم الكنيسة، انطلاقًا من الكتاب المقدس وخبرة شعب الله الطويلة، يدافع عن الحياة منذ الحبل بها وحتى موتها الطبيعي ويحترم كرامة الإنسان صورة الله. فالحياة البشرية مقدّسة لأنها منذ بدايتها، منذ أول لحظة للحبل بها، هي ثمرة عمل خلق الله. ومنذ تلك اللحظة يصبح الإنسان، المخلوق الوحيد الذي أحبّه الله، موضوعًا لمحبة شخصيّة من قبل الله.

تابع الحبر الأعظم يمكن للدول أن تقتل عندما تطبّق عقوبة الموت، عندما تدفع شعوبها إلى الحرب أو عندما تنفّذ عمليات إعدام خارج القضاء. يمكنها أن تقتل أيضًا بسبب التقصير والتواني، عندما لا تؤمّن لشعبها الحصول على الموارد الأساسية للحياة. فكما أن الوصية "لا تقتل" تضع حدًّا واضحًا للتأكيد على قيمة الحياة البشريّة هكذا ينبغي علينا اليوم أن نقول "لا لإقتصاد التهميش وعدم المساواة".

أضاف البابا فرنسيس إن الحياة، ولاسيما الحياة البشرية، هي ملك لله وحده. وبالتالي فحتى القاتل لا يفقد كرامته الشخصيّة والله هو الكفيل، كما يعلمنا القديس أمبروسيوس: فالله لم يُرد أن يُعاقَب قايين لأن الله "لا يريد موت الخاطئ بل أن يتوب ويحيا". من الأهمية بمكان في بعض المناسبات أن يُمنع اعتداء لتفادي بأن يتسبّب معتدي ما بأذى، وقد تسبب ضرورة إبطاله بموت المعتدي وهذا ما يسمّى بالدفاع عن النفس. لكن لا يمكن تطبيق ما يقتضيه الدفاع عن النفس في المجال الاجتماعي دون الوقوع في خطر الانحراف؛ لأنه عندما تُطبّق عقوبة الإعدام، يُقتل أشخاص لا بسبب اعتداءات حالية، وإنما بسبب أذى تمّ ارتكابه في الماضي.

تابع الحبر الأعظم إن عقوبة الموت لم تعد مقبولة اليوم مهما كانت الجريمة المرتكبة خطيرة. إنها جريمة ضدّ قدسيّة الحياة وكرامة الشخص البشري وتتعارض مع مخطط الله للإنسان والمجتمع ومع عدالته الرحيمة. إن عقوبة الموت تفقد شرعيّتها بسبب النقص في التمييز في النظام الجنائي وإزاء إمكانية الخطأ القضائي. العدالة البشريّة ليست كاملة، وعدم الاعتراف بإمكانية الخطأ يمكن أن يحوّلها إلى مصدر ظلم. بتطبيق عقوبة الإعدام يحرم المحكوم من إمكانية التعويض عن الأذى الذي تمّ ارتكابه؛ من إمكانية الاعتراف – الذي من خلاله يعبّر الإنسان عن ارتداده الداخليّ – والندامة، باب التوبة والتكفير عن الذنب للوصول إلى لقاء مع محبّة الله الرحيمة والشافية.

أضاف الأب الأقدس إن عقوبة الموت هي أسلوب تلجا إليه بعض الأنظمة التوتاليتاريّة والمجموعات المتطرّفة، لإبادة معارضين سياسيّين وكلّ فرد مصنّف "كشخص خطير" أو يمكنه أن يشكّل تهديدًا معينًا. وكما في القرون الأولى، تتألم الكنيسة في الحاضر أيضًا بسبب تطبيق هذه العقوبة على شهدائها الجدد. إن عقوبة الموت تتعارض مع روح الرحمة الإلهية التي يجب أن تشكل مثالاً لعدالة البشر، كما وإنها تحمل تصرّفًا وحشيًّا، لا إنسانيًّا ومخزيًا.

في الوقت الحاضر، تابع البابا فرنسيس، لا توجد فقط أساليب لكبح الجريمة بشكل فعّال بدون أن يحرم الذي ارتكبها من إمكانيّة الخلاص لا بل تمّ تطوير إدراك ووعي خلقيّ أكبر فيما يختص بقيمة الحياة البشريّة قاد إلى نفور متزايد من عقوبة الموت ودعم للرأي العام في تدابيره المتعددة التي تتوق إلى إلغائها ووقف تتطبيقها. من جهة أخرى يمكن لعقوبة السجن المؤبّد أن تحرم المحكوم عليه من التخطيط لمستقبل حرّ وبالتالي يمكن أن تُعتبر كعقوبة إعدام خفيّة، لا يحرم من خلالها المذنب من حريته فقط وإنما من الرجاء أيضًا. وأضاف البابا يقول إن عقوبة الموت تحرمنا من محبّة الأعداء التي يبشّر بها الإنجيل، وبالتالي فإن جميع المسيحيين والأشخاص ذوي الإرادة الطيبة مدعوون اليوم إلى النضال من أجل إلغاء عقوبة الموت بكل أشكالها ومن أجل تحسين أوضاع السجون في إطار الاحترام الكامل لكرامة الإنسان وكل سجين.

وختم الأب الأقدس كلمته للجنة الدولية لمناهضة عقوبة الإعدام بالقول: أيها الأصدقاء الأعزاء أشجعكم على الاستمرار في عملكم لأن العالم يحتاج لشهود لرحمة الله وحنانه؛ وأكلكم للرب يسوع الذي لم يُرد، خلال حياته الأرضيّة، أن يتعرض ملاحقوه للأذى: "اغمد سيفك" (متى 26، 52) – بل حُكم عليه بالموت ظلمًا وتماهى مع جميع المسجونين، أكانوا مذنبين أم لا: "كنت سجينًا فزرتموني" (متى 25، 36). والذي أمام المرأة الخاطئة لم يسأل عن ذنبها بل دعا مُتهميها لفحص ضميرهم قبل رجمها. ليمنحكم الرب نعمة الحكمة لكي تُثمر جهودكم في السعي إلى إلغاء هذه العقوبة الوحشيّة.                    








All the contents on this site are copyrighted ©.