2015-03-07 13:47:00

البابا فرنسيس يلتقي بأعضاء حركة شركة وتحرر


إلتقى قداسة البابا فرنسيس ظهر هذا السبت بأعضاء حركة "شركة وتحرّر" في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان بمناسبة الذكرى الستين على تأسيسها والذكرى العاشرة على وفاة مؤسسها الأب لويجي جوسّاني، وللمناسبة ألقى الأب الأقدس كلمة رحّب بها بالحاضرين على رأسهم رئيس الأخوية الأب خوليان كارون.

قال الأب الأقدس: يتوجه فكري أولاً إلى مؤسسكم، المونسينيور لويجي جوسّاني، إذ نحتفل بالذكرى العاشرة لولادته في السماء. إني ممتن للأب جوسّاني لأسباب عدّة. الأول، وهو شخصيّ، من أجل الخير الذي قدّمه هذا الرجل لي ولحياتي الكهنوتيّة من خلال قراءتي لكتبه ومقالاته. أما السبب الآخر فهو أن فكره إنساني بعمق ويصل إلى أعمق رغبة في الإنسان. أنتم تعرفون جيّدًا كم كانت مهمّة بالنسبة للأب جوسّاني خبرة اللقاء: لقاء ليس مع فكرة وإنما مع شخص، مع يسوع المسيح. وهكذا ربّى هذا الأب على الحريّة وقاد الآخرين إلى اللقاء بالمسيح، لأن المسيح هو الذي يعطينا الحريّة الحقيقيّة.

تابع الحبر الأعظم يقول: كل شيء في حياتنا اليوم، كما في أيام يسوع، يبدأ بلقاء. لقاء مع هذا الرجل، نجار الناصرة، رجل كجميع الرجال ولكنه مختلف في الوقت عينه. لنتأمل في إنجيل يوحنا، حيث يخبرنا عن أول لقاء ليسوع مع التلاميذ. لقد شعر أندراوس ويوحنا وسمعان بأنه نظر إليهم في العمق، وبأنه يعرفهم في الصميم، وهذا الأمر ولّد فيهم مفاجأة ودهشة جعلتهم يشعرون للحال بأنهم مرتبطون به... أو عندما سأل يسوع بطرس، بعد قيامته من الموت، "أتحبّني؟" (يو 21، 15). وأجابه بطرس: "نعم"؛ تلك الـ "نعم" ليست نتيجة لقوة الإرادة، ولا تأتي فقط من قرار الرجل سمعان وإنما من النعمة التي تسبقه وتتقدّمه. وهذا كان أيضًا الاكتشاف المُقرِّر بالنسبة للقديس بولس والقديس أغوسطينوس والعديد غيرهم: فيسوع يسبقنا على الدوام وعندما نصل نجده بانتظارنا. إنه كزهر اللوز: يُزهر أولاً معلنًا بداية الربيع.

أضاف البابا فرنسيس يقول لا يمكننا أن نفهم ديناميكية اللقاء هذه التي تولّد الدهشة والإتباع بدون الرحمة. وحده الذي اختبر حنان الرحمة يعرف الرب حقًّا. لأن مكان اللقاء المميّز هو لمسة رحمة يسوع المسيح إزاء خطيئتي. وبفضل عناق الرحمة هذا تولد فيَّ الرغبة للإجابة والتغيير والتي يمكنها أن تبعث حياة مختلفة. الحياة المسيحيّة ليست ثمرة مجهود إرادي، أو مجهود من يقرّر أن يكون صادقًا وينجح في قراره لأنها ليست تحدٍ إزاء العالم. الحياة المسيحية هي جواب إزاء رحمة مُدهشة وغير متوقعة وربما "ظالمة" بحسب معاييرنا البشريّة، إنها رحمة شخص يعرفني ويعرف خياناتي ومع ذلك يحبّني ويقدّرني، يعانقني ويدعوني مجدّدًا، يثق بي ويرجو منّي. الحياة المسيحيّة ليست أبدًا سقوط بل هي نهوض دائم ومستمرّ بفضل يد الله التي تمسكنا.

تابع الأب الأقدس يقول: هذه هي أيضًا درب الكنيسة: أن تسمح بظهور رحمة الله العظيمة. لقد قلت للكرادلة الجدد خلال الأيام الماضية: "درب الكنيسة ليست درب الحكم المؤبد على أحد، بل هي درب نشر رحمة الله لجميع الأشخاص الذين يطلبونها بقلب صادق. درب الكنيسة هي درب الخروج من الحظيرة للانطلاق إلى الضواحي الوجوديّة بحثًا عن البعيدين، إنها درب تبنّي منطق الله بشكل كامل". على الكنيسة أيضًا أن تشعر بالاندفاع الفرح بأن تُصبح كيسوع، زهر اللوز، للبشريّة بأسرها.

تحتفلون اليوم أيضًا بالذكرى الستّين لحركتكم "التي ولدت في الكنيسة – كما قال لكم بندكتس السادس عشر – لا من إرادة تنظيميّة لهرميّة ما وإنما من لقاء متجدد بالمسيح، وهكذا يمكننا أن نقول، من نبض متأت من الروح القدس". وبعد ستين عامًا، لم تفقد موهبتكم الأوّلية نضارتها وحيويّتها. لكن تذكروا على الدوام بأن المحور هو واحد فقط: يسوع المسيح! عندما أضع في المحور أسلوبي الروحي أو مسيرتي الروحيّة أحيد عن الطريق، لأن المحور هو الرب وحده! لذلك عندما يتحدث القديس بولس في رسالته الأولى إلى أهل كورنتس عن المواهب، عن هذا الواقع الجميل في الكنيسة، الجسد السريّ، يختتم حديثه بالكلام عن الحب، أي عما يأتينا من الله وما هو لله ويسمح لنا بالتشبّه به. لا تنسوا هذا الأمر أبدًا!

تابع الحبر الأعظم يقول إن الموهبة لا تُحفظ في وعاء مياه مقطّرة! الأمانة للموهبة ليست بالتحجُّر – الشيطان هو الذي يُحجِّر – وبالتالي لا يمكن للإرث الذي تركه لكم الأب جوسّاني أن يتحول إلى متحف ذكريات، لأن الأمانة للتقليد – كما يقول مالير – "ليست عبادة للرماد بل هي المحافظة على النار متقدة". حافظوا على نار ذاكرة اللقاء الأول حيّة وكونوا أحرارًا! إذا ثبتّم في المسيح وفي الإنجيل فستكونون أياد وأرجل وعقول وقلوب لكنيسة "منطلقة". إن درب الكنيسة هي الانطلاق للبحث في الضواحي عن البعيدين، ولخدمة يسوع في كل شخص مهمّش ومتروك، بدون إيمان وسجين كبريائه. وأضاف البابا يقول: الخروج هو رفض المرجعيّة الذاتية بجميع أشكالها، ويعني أيضًا أن نعرف كيف نُصغي إلى من هو ليس مثلنا فنتعلّم من الجميع بتواضع صادق. لأننا عندما نصبح عبيدًا للمرجعيّة الذاتيّة نسقط في آلاف الفخاخ التي تقدمها لنا والتي تشوّشنا وتحوّلنا إلى مجرّد متعهّدين في منظمة غير حكوميّة.

وختم البابا فرنسيس كلمته لأعضاء حركة "شركة وتحرّر" بالقول: أيها الأصدقاء الأعزاء، أختتم بقولين مهمّين للأب جوسّاني الأول: "المسيحيّة لا تتحقق أبدًا في التاريخ كترسّخ في مواقف ينبغي الدفاع عنها وترى كل جديد كنقيض لها؛ المسيحيّة هي مبدأ فداء، يقبل الجديد ويخلّصه". أما الثاني: "لم تكن لديّ النيّة أبدًا في "تأسيس" أي شيء، لكنني أؤمن أن الحركة التي رأيتها تبصر النور هي جواب على ضرورة العودة إلى الجوانب الأوّلية للمسيحية، أي إلى شغف الواقع المسيحي بعناصره الأصيلة". ليبارككم الرب ولتحفظكم العذراء مريم. ولا تنسوا أن تصلّوا من أجلي!            








All the contents on this site are copyrighted ©.