2015-02-25 12:55:00

الأب سيكوندين: الارتداد يتطلّب منا أولاً اكتشاف حقيقة أنفسنا


لكي نقوم بمسيرة ارتداد صحيحة ينبغي علينا أولاً أن نكتشف عُمق حقيقة أنفسنا ونخرج إلى العلن وننزع عنّا كل الأقنعة والإلتباسات: هذا هو الموضوع الذي تمحورت حوله عظات الأب برونو سيكوندين عصر الاثنين وصباح الثلاثاء في الرياضة الروحية التي يقيمها بمشاركة الأب الأقدس وأعضاء الـ "كوريا" الرومانية.

استوحى الأب سيكوندين تأمله انطلاقًا من خبرة إيليا التي يقدّمها لنا الكتاب المقدّس وقال ينبغي علينا أن نخرج من السرّ إلى العلن على مثال إيليا وألا نختبئ وراء أقنعة ديانة خارجيّة تنقصها شجاعة الحقيقة. انطلق الأب سيكوندين من الفصل الثامن عشر من سفر الملوك الأول والذي نقرأ فيه عن المجاعة التي ضربت شعب إسرائيل وأحآب الملك لأنهم قدموا القرابين إلى آلهة بعل وعن خروج إيليا للقاء الملك ليعيده على الدرب الصحيح.

تابع الأب سيكوندين يقول إن إيليا هو أول مَن خرج من سرّه إلى العلن، قال له الرب: "إمض وأرِ نفسك لأحآب" فانطلق ومضى لرؤية الملك بالرغم من الخطر الذي كان يُحدق به لأن أحآب كان يعتبره عدوًّا له. يشكل موقف إيليا هذا تحدٍّ لجميع الذين ينتمون للكنيسة ويحسبون كلّ شيء وينظمون كلّ شيء لأنهم يعيشون ضحية الكلمات والدبلوماسيات ولذلك يخافون وينسحبون. فيما ينبغي على المسيحي أن يكون مستعدًّا على الدوام لمغامرات جديدة دون أن يهرب منها بحجّة "تهديدات ملك ما" أو بسبب أحكام مُسبّقة أو مصالح صداقات وشبكات.

أما الشخصية الثانية التي تخرج من سرّها، تابع الأب برونو سيكوندين يقول، فهي عوبديا خادم الملك أحآب. يمثل عوبديا الضمير "المُمزّق" الذي لا ينسى أبدًا أنه ينتمي إلى تقليد مختلف ولكنه في الوقت عينه لا يتخلى عن فوائد السلطة ومنفعتها. وإليه أيضًا يوجّه إيليا الدعوة القويّة التي وجهها لشعب إسرائيل: "إلى متى أنتم تعرُجون بين الجانبين؟"، وهذه الدعوة يوجهها الرب إلينا اليوم أيضًا من خلال النبي. وهنا يظهر أمامنا واقع أليم وهو صمت الشعب! صمت الشعب لأن النظام قتل ضميره! كم من مرّة نرى أنظمة وأحكامًا تُدمي الشعوب ونقف مكتوفي الأيدي كمجرّد مشاهدين خائفين أمام هذه الحروب التي تُشنّ بالنيابة، وإذا عدنا إلى الإطار الديني كم من مرّة نسمح لمبانٍ ضخمة وحياة عظمة أن تسحرنا وننسى الفقراء الذين من حولنا.

بعدها دعا الأب برونو سيكوندين المشاركين للتأمل حول بعض خيارات الكنيسة في زمننا الحاضر وتساءل: "هل لدينا الشجاعة لكي نشمل الشعب بأسره أم أننا نناقش الأمور المهمّة في مجموعة من المُقرّبين؟" وقال: لا ينبغي علينا أن نخفي فضائحنا ومن الأهميّة بمكان أن نحمل الشفاء لضحايا الظلم من اعترافنا المتواضع بأخطائنا.

وفي ضوء موقف إيليا العنيف إزاء أنبياء بعل انتقل الأب سيكوندين للحديث عن الأخطاء التي ارتكبتها الكنيسة خلال التاريخ وقال إن العنف يمكن أن يظهر تحت أشكال عديدة وأن الكلمة أحيانًا تقتل أكثر من السيف. بعدها تابع الأب سيكوندين شارحًا – في ضوء قراءة لأحداث حياة إيليا – موقفًا آخر ضروريًّا للارتداد وقال: بعد الشجاعة للخروج إلى العلن وقول الحقيقة عن أنفسنا ونزعنا للقناع الذي يخدّر ضمائرنا، تأتي ضرورة السير على "دروب الحريّة" وإزالة المواقف التي تجعلنا نتأرجح من جهة إلى أخرى ونفسح المجال لله ليدخل في حياتنا، فنحطم على مثال إيليا الأصنام التي بنيناها لأنفسنا: "الكبرياء والطموح، الثقافة والمراكز"، فيأتي جواب الله لنا بنار رحمته التي تحوّل كلّ شيء.

وختم الأب سيكوندين تأمّله بالقول لقد رمّم إيليا مذبح الربّ وأعاد بناء ما تهدّم منّه مذكرًا الشعب بهذا الشكل بهويّته وبأمانة الله ورحمته وقال علينا نحن أيضًا أن نوقظ بدورنا ضمائر الشعب ولنتمكن من ذلك ينبغي علينا أولاً أن نسأل أنفسنا: هل ينتمي قلبنا حقًّا لله أم أننا نكتفي بمظاهر تقويّة خارجيّة؟ هل صلاتنا شجاعة وتطلب خير الشعب؟ هل تترافق بحسّ كنسيّ؟ وأخيرًا هل نشعر بضرورة عيش خبرات قويّة ومميّزة تطبع حياتنا أم أننا نكتفي بالقليل؟                








All the contents on this site are copyrighted ©.