2014-12-25 14:05:00

عظة البطريرك فؤاد الطوال في ليلة عيد الميلاد


ترأس غبطة البطريرك فؤاد الطوال، بطريرك القدس للاتين، مساء الأربعاء قداس منتصف الليل لعيد الميلاد في كنيسة القديسة كارترينا الراعوية، بمحاذاة مغارة الميلاد ببيت لحم وللمناسبة ألقى غبطته عظة استهلها بأطيب التمنيات للجميع بميلاد مجيد، ونقلاً عن موقع أبونا الإلكتروني قال البطريرك فؤاد الطوال في عظته: في بيت لحم بلَّغتِ الملائكة الرعاة هذه البُشرى المذهلة: "وُلِد لكم اليوم مخلّص هو المسيح الرب" (لوقا 2: 11). هي البشرى بمخلِّصٍ يصبو الكون لقدومه، وبخلاصٍ يشمل كل مناحي الحياة، خلاصٍ يُخرِجُ الإنسان من كل أنواع الضيق إلى الفرج ومن الظلام إلى النور.

تابع بطريرك القدس للاتين يقول: صحيح أن البشرية تسعى إلى خلاص اقتصادي وسياسي و إجتماعي. ولكن ما أحرانا أن نتكلم أيضا عن خلاص روحي وأخلاقي، لأنه أساس كلِّ تقدُّم وازدهار بشري. فالايمان والأخلاق هما المحرِّك لكل خير وفضيلة. وأضاف: لذا يقوم الخلاص على الندامة والاستغفار أولاً، ويليه نيل الغفران وتجدّد القلب والسلوك. نعم، يكمن خلاص الإنسان بشفائه الروحي من حمّى الخطيئة وبراثن الاثم بكل أنواعه، ولا سيما الكبرياء. والعلاج الشافي، الذي يصفه له طفل بيت لحم، هو الوداعة: "طوبى للودعاء فإنهم يرثون الأرض". ومن رفع نفسه وُضع، ومن وضع نفسع رُفع" (متى 23: 11-12).

وإلى جانب الوداعة، تابع غبطة البطريرك فؤاد الطوال يقول، يُعلّمنا طفل بيت لحم قيمة وسموّ الحياة الإنسانية منذ الحبل بها حتى الموت، لأن الإنسان مخلوق على صورة الله ومثاله. لذا وجب احترام كل إنسان ولا سيّما الشيوخ والأطفال. وكم يؤلمنا أن نرى ملايين الأطفال يتألمون بشكل مأساوي في مختلف بقاع العالم، في سوريا والعراق وافريقيا، ناهيك عن أطفال غزة. لقد نشأ طفل بيت لحم في حضن أسرة متحدة وسعيدة. وهو يعلمنا قيمة المؤسَّسة العائلية، الخليّة الأساسية في المجتمع، والمدرسة الأولى التي نتعلم فيها بامتياز، معرفةَ الله عز وجل ومنظومةَ الفضائل الإنسانية.

أضاف صاحب الغبطة يقول: أيها الإخوة والأخوات، أمام سر تجسد كلمة الله الأزلي، الذي صار إنساناً وسكن بيننا، نريد أن نفكّر في وضعنا الإنساني في هذا البلد الذي هو محط أنظار العالم كله، ومحَجُّ الملايين القادمين، ليلتقوا الله في أماكن وحيه وفي جماعاتنا البشرية، القائمة حول الأماكن المقدسة، والتي أصبحت جزءاً من سر الله فيها. في هذه الأرض المقدسة، جمع الله المؤمنين من الديانات الثلاث، ودعاهم إلى العيش معاً. ولن تُبدِّل أية قوة بشرية تاريخاً بدأه الله في هذه الأرض. فمصير المؤمنين، يهوداً كانوا أو مسلمين أومسيحيين أو دروزا، هو أن يعيشوا معاً باحترام متبادل. ومن ثمّ فإن الحائط الفاصل، بالإضافة إلى ما يُلحق من أضرار مادية ببيوت الناس وحتى ببعض بيوت العبادة، فإنه ينقض طبيعة أرض الله هذه، وطبيعة كِلا الشعبين المدعُوَّيْن إلى العيش معاً بتناغم وسلام.

تابع البطريرك طوال يقول: كنّا في الماضي نحزن ونشفق على طفلنا رسول السلام، لأنه ولد في مغارة، وأصبحنا اليوم نحسده على المغارة ودفئها وأمنها. آلاف الأطفال من العراق وسوريا يحسدون الطفل، فلا مغارة تحميهم من شر الحرب والمحاربين ولا مخيمات تكفيهم. نصلّي في هذه الليلة: يا طفل بيت لحم، يا من أرهب في ميلاده الملك هيرودس الظالم، حطّم بمحبتك وطفولتك كبرياء وعجرفة بعض الناس. يا طفل بيت لحم، بحق ذكرى ميلادك، أرجع إلينا معنى الطفولة والوداعة والمسامحة. يا طفل بيت لحم، لقد تعبنا من أوضاعنا وأتعبنا الناس معنا، أسمعنا من جديد صوتك الحنون ووعدك الأمين: لا تخافوا. أنا معكم إلى منتهى الدهر. أيها الإخوة والأخوات، لنصل هذه الليلة من أجل السلام في أرضنا. لنُصلِّ من أجل جميع الأسرى السياسيين والمنسيين في السجون. لنُصلِّ من أجل سكان المخيمات الكثيرة المزروعة في بلادنا. لنُصلِّ لبعضنا البعض. وكل عام وأنتم بخير.








All the contents on this site are copyrighted ©.