2014-12-03 13:23:00

في مقابلته العامة مع المؤمنين البابا فرنسيس يتحدث عن زيارته الرسولية إلى تركيا


أجرى قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأربعاء مقابلته العامة مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان واستهل تعليمه الأسبوعي بالقول: أيّها الإخوةُ والأخواتُ الأعزّاءُ، أريد اليوم أن أطلعكم على بعض الأمور المرتبطة بالحجِّ الذي قمتُ به إلى تركيّا من يوم الجمعةِ الفائت إلى الأحدِ وكما سألتكُم أنْ تعدّوهُ وترافقوهُ بالصلاةِ، أدعوكُمُ الآنَ لرفعِ الشُّكرِ إلى الربِّ على إتمامِهِ ولكي تنتُجَ عنهُ ثمارُ حوارٍ في علاقاتِنا معَ الإخوةِ الأرثوذكسِ ومع الإخوةِ المسلمينِ وأيضاً في المسيرةِ نحوَ السلامِ بينَ الشّعوبِ. أشعرُ أولاً بواجبِ التعبيرِ مُجَدَّدًا عنِ امتناني لرئيسِ الجمهوريّةِ التركيّةِ ولرئيسِ الوزراءِ ورئيسِ الشؤونِ الدينيّةِ والسلطاتِ الأخرى الذينَ استقبلوني باحترامٍ ووفَّروا الأجواءَ المُلائمَةِ لتَتِمَّ هذهِ الزيارةُ على أكملِ وجهٍ. أتوجّهُ بشُكرٍ أخويٍّ إلى أساقفةِ الكنيسةِ الكاثوليكيَّةِ في تركيّا، ورئيس مجلس الأساقفة، كما وأشكر الجماعات الكاثوليكية على التزامِها، أشكرُ أيضًا البطريركَ المسكونيَّ برثلماوسَ الأوّلَ على الإستقبالِ الودِّيِّ. إنَّ الطوباويَّ بولسَ السادس والقدّيسَ يوحنا بولس الثاني قد زارا تركيّا، والقديسَ يوحنا الثالثَ والعشرين كان قاصدًا رسوليًّا  في تلكَ الأمّةِ، وقد حَمَوا منَ السّماءِ حجّي الذي تَمَّ بعدَ ثماني سنواتٍ من حجِّ سَلَفي بندكتُس السادس عشر. تلكَ الأرضُ غاليةٌ على كلِّ مسيحيٍّ لاسيما لأنَّها مَسقَطُ رأسِ بولسَ الرسول، ولأنَّها استقبلَتْ المجامعَ السبعةَ الأُولى ولوجودِ "بيت مريم" بالقربِ من أفسس، ويخبرنا التقليد أن العذراء عاشت هناك بعد حلول الروح القدس في العنصرة.

تابع البابا فرنسيس يقول: في اليومِ الأوّلِ منَ الزيارةِ الرسوليّةِ التقيتُ بسلطاتِ البلادِ، ذاتِ الأكثريَّةِ المُسلمةِ، ولكنَّ الدستورَ يؤكِّدُ على عَلمانيَّةِ الدّولةِ. ومع السلطات تحدثنا عن العنف. فما يولِّدُ العنفَ هو نِسيانُ اللهِ وليس تمجيدُهُ. ولذلك شَدَّدتُ على أهميّةِ أنْ يلتزمَ المسيحيونَ والمسلمونَ معًا من أجلِ التضامنِ والسلامِ والعدالةِ مُؤَكدًا أنّهُ ينبغي على كلِّ دولةٍ أنْ تضمنَ للمواطنينَ وللجماعاتِ الدينيّةِ حريّةَ عبادةٍ حقيقيّةٍ.

أضاف الحبر الأعظم يقول: في اليومِ الثاني زرتُ بعضَ الأماكنِ التي تُشَكِّلُ رموزًا لمختلفِ الطوائفِ الدينيّةِ الحاضرةِ في تركيّا. لقد قمتُ بهذهِ الزياراتِ حاملاً في قلبي الدُّعاءَ إلى الربّ، إلهُ السماءِ والأرضِ، الأبُ الرحوم للبشريّةِ بأسرها. وكانَ في صُلبِ ذلكَ اليومِ الإحتفالُ الإفخارستيُّ الذي جَمَعَ في الكاتدرائيّةِ رُعاةً ومؤمنينَ من مُختَلفِ الطقوسِ الكاثوليكيّةِ الحاضرةِ في تركيا. وقد شاركَ أيضًا البطريركُ المسكونيُّ، والنائبُ البطريركيُّ للأرمنِ في إسطنبول، ومتروبوليتُ السّريانِ الأرثوذكس، ومسؤولونَ عن البروتستانت. وقد استدعَينا معًا الروحَ القُدُسَ الذي يصنعُ وحدةَ الكنيسةِ: وحدةٌ في الإيمانِ، وحدةٌ في المحبّةِ ووحدةٌ في التّماسُكِ الدّاخليّ. فَشَعبُ اللهِ، في غنى تقاليدِهِ وتنوّعِهِ، مَدعوٌّ للسَماحِ للروحِ القدسِ بأنْ يقودَهُ، من خلالِ وَضْعِ ذاتِهِ على الدوامِ في موقفِ انفتاحٍ ووداعةٍ وطاعةٍ. إن الروح القدس هو الذي يصنع كل شيء في مسيرة حوارنا المسكوني ووحدة كنيستنا الكاثوليكية، وبالتالي ينبغي علينا أن ندعه يعمل فينا ونقبله ونتبع إلهاماته. 

أمّا في اليومِ الثالثِ والأخيرِ، تابع الأب الأقدس يقول، قدَّمَ عيدُ القديسِ أندراوسَ الرسولِ الإطارَ المثاليَّ لتوثيقِ العلاقاتِ الأخويّةِ بينَ أسقفِ روما، خليفة بطرس، وبطريركِ القسطنطينيّةِ المسكونيِّ، خليفة أندراوسُ الرسولُ أخو سمعانَ بطرسَ، والذي أسَّسَ هذه الكنيسة. لقد جدّدتُ مع صاحبِ الغبطةِ برثلماوس الأول الإلتزامَ المتبادلَ للمضيِّ في الدربِ نحوَ استعادةِ ملءِ الشّركةِ بينَ الكاثوليكِ والأرثوذكس. ومعًا وقَّعنا بيانًا مُشتركًا، مرحلةٌ إضافيّةُ في هذه المسيرةِ. وقد تَمَّ هذا الأمرُ في ختامِ الإحتفالِ الليتورجيِّ بعيدِ القدّيسِ أندراوسَ الذي شاركتُ فيهِ بفرحٍ كبيرٍ وقد تَلَتْهُ البركةُ المزدوجةُ التي منحَها بطريركُ القسطنطينيّةِ وأسقفُ روما. فالصّلاةُ في الواقعِ هي أساسُ كلّ حوارٍ مسكونيٍّ مُثْمِرٍ تحتَ إرشادِ الروحِ القدسِ، الذي وكما قلت سابقًا هو الذي يصنع الوحدة.

أضاف البابا يقول: أما اللقاء الأخير، والذي كان جميلاً وأليمًا في الوقت عينه، فكان مع عدد من الشباب اللاجئين، الذين يستضيفهم رهبان الساليزيان. لقد كان مهمٌّ جدًّا بالنسبة لي أن ألتقي ببعض اللاجئين من منطقة الحرب في الشرق الأوسط، لأعبر لهم عن قربي وقرب الكنيسة ولأشدد على قيمة الاستقبال الذي تلتزم به أيضًا تركيا. أشكر تركيا مجدّدًا على استقبالها للعديد من اللاجئين كما وأشكر من كل قلبي رهبان الساليزيان في اسطنبول على عملهم مع اللاجئين. لقد التقيت أيضًا بكهنة آخرين من بينهم كاهن يسوعي وكهنة ألمان يعملون أيضًا مع اللاجئين ولكن ما يقوم به مركز اللاجئين لرهبان الساليزيان هو أمر جميل جدًا وهو أيضًا عمل في الخفاء. أشكر أيضًا جميع الأشخاص الذين يعملون مع اللاجئين. لنصلِّ من أجل جميع النازحين واللاجئين ولكي تزول أسباب هذه الآفة الأليمة.  

وختم البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعي بالقول: أيّها الإخوةُ والأخواتُ الأعزّاءُ، ليستمِرَّ اللهُ الضابطُ الكلِّ والرحومُ بحمايةِ الشعبِ التركيِّ وحُكّامِهِ ومُمَثليّ الدياناتِ المُتعَدّدةِ، فيتمكَّنوا معًا من بناءِ مستقبلَ سلامٍ فتصبحَ تركيّا مكانًا للتعايشِ المسالمِ بينَ دياناتٍ وثقافاتٍ مُختلفةٍ. لنرفعِ الصلاةَ، بشفاعةِ العذراءِ مريم، لكيما يُخصبَ الروحُ القدسِ هذه الزيارةَ الرسوليّةَ ويعزّزَ في الكنيسةِ الحماسَ الإرساليَّ ليُعلنَ لجميعِ الشعوبِ، في الإحترامِ والحوارِ الأخويّ، أنَّ الربَّ يسوعَ هو حقٌّ وسلامٌ وحبٌّ، وهو الرب الأوحد.








All the contents on this site are copyrighted ©.