2014-12-02 14:29:00

البابا فرنسيس: عظمة سرّ الله تظهر لنا في سرّ يسوع الوديع والمتواضع


"ينبغي على الذي يدرس سرّ الله أن يجثو على ركبتيه لأن الله يُظهر نفسه لمتواضعي القلوب" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الثلاثاء في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان.

قال البابا: "وحدها عيون الفقير قادرة على رؤية المسيح ومن خلاله يمكنه أن يرى الله، أما الآخرون الذين يعتبرون أنفسهم قادرين على فهم عمق هذا السرّ بواسطة ذكائهم الخاص فعليهم أن يجثوا على ركبتيهم بموقف تواضع وإلا فلن يتمكنوا من فهم شيء". استهل الأب الأقدس عظته انطلاقًا من الإنجيل الذي تقدمه لنا الليتورجية اليوم من القديس لوقا والذي نقرأ فيه ابتهال يسوع بالروح عندما رفع الحمد والشكر للآب لأنه أخفى ذاته عن "الحُكَماءِ والأَذكِياء، وَكَشَفَها لِلصِّغار"، وأكّد أن حقيقة سرّ البشرى السارة هي أن ملكوت الآب يُعطى للفقراء بالروح.

تابع الأب الأقدس يقول إن يسوع يكشف لنا الآب وحياته الداخليّة لكن الآب لمن يُظهر نفسه؟ ولمن يهب هذا النعمة الكبيرة؟ نقرأ في ابتهال يسوع: "أَحمَدُكَ يا أَبَتِ، رَبَّ السَّماءِ والأَرض، على أَنَّكَ أَخفَيتَ هذِه الأَشياءَ على الحُكَماءِ والأَذكِياء، وَكَشَفْتَها لِلصِّغار. نَعَم، يا أَبَتِ، هذا ما حَسُنَ لَدَيكَ". وحدهم الصغار إذًا سينالون هذه النعمة، وحدهم ذوي القلوب الوديعة والمتواضعة الذين يشعرون بالحاجة للصلاة والانفتاح على الله، يظهر الله نفسه لهم، لأنهم يشعرون بضعفهم وفقرهم، كما يقول لنا يسوع أيضًا في التطويبات: "طوبى للفقراء بالروح فإنّ لهم ملكوت السماوات".

أضاف الحبر الأعظم يقول إن الفقر إذًا هو الميزة التي تفتح لنا باب سرّ الله، ولكن غالبًا ما تغيب هذه الميزة في من يكرّس حياته لفهم ودراسة هذا السرّ، نجد الكثير من العلماء واللاهوتيين، ولكنهم إن لم يقوموا بدراساتهم جاثين على ركبهم أي بتواضع كهؤلاء الصغار فلن يتمكنوا أبدًا من فهم شيء. وحده هذا الفقر قادر أن ينال لنا هذه النعمة من الآب بواسطة يسوع، ويسوع لا يأتي إلينا كقائد أو كصاحب سلطان وإنما – وكما سمعنا في القراءة الأولى من سفر أشعيا: "في ذلكَ اليوم، يَخرُجُ قَضيبٌ مِن جذرِ يَسَّى، وَينمي فَرعٌ مِن أُصولِه وَيَستَقِرُّ علَيه روحُ الرَّبّ" – كقضيب: فهو وديع ومتواضع وقد جاء للمتواضعين والودعاء، ليحمل الخلاص للمرضى والفقراء والمساكين.

تابع البابا فرنسيس يقول إن يسوع هو أول الفقراء والمساكين، وعظمة سرّ الله تظهر لنا فقط في سرّ يسوع المسيح، سرّ التنازل وإخلاء الذات والتواضع الذي يحمل الخلاص للفقراء والمساكين والذين تسحقهم الأمراض والخطايا والظروف الصعبة؛ وخارج هذا الإطار لن نتمكن أبدًا من فهم سرّ يسوع.

وختم البابا فرنسيس عظته بالقول: لنطلب من الرب في زمن المجيء هذا أن يمنحنا النعمة لنقترب أكثر فأكثر من سرّه ونسير في الدرب التي يريدنا أن نمضي بها: درب التواضع والوداعة، درب الفقر والاعتراف بضعفنا وخطايانا، ليتمكن عندها من المجيء إلينا ليخلصنا ويحررنا!                   








All the contents on this site are copyrighted ©.