2014-11-30 11:17:00

البابا فرنسيس: لنطلب من الله عطية الوحدة الكاملة والقدرة على قبولها في حياتنا


شارك قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأحد في الليتورجية الإلهية بمناسبة الاحتفال بعيد القديس أندراوس الرسول في كنيسة القديس جاورجيوس التابعة لبطريركية القسطنطينية المسكونيّة في اسطنبول، وفي ختام الاحتفال ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها إن اللقاء والنظر الواحد بوجه الآخر وتبادل معانقة السلام والصلاة الواحد من أجل الآخر هي أبعاد أساسية للمسيرة نحو استعادة ملء الشركة التي نصبو إليها، وأضاف أن الحوار الحقيقي هو على الدوام لقاء بين أشخاص لهم اسم ووجه وتاريخ وليس مجرّد تبادل أفكار. وتابع الأب الأقدس أن هذا الأمر ينطبق علينا بنوع خاص نحن المسيحيين لأن الحقيقة بالنسبة لنا هي شخص يسوع المسيح. ومثال القديس أندراوس، الذي قبل مع التلميذ الآخر دعوة المعلّم الإلهي: "هَلُمَّا فَانظُرا"، "فأَقاما عِندَه ذلك اليَوم" (يوحنا 1، 39)، يُظهر لنا بوضوح أن الحياة المسيحية هي خبرة شخصية ولقاء محوّل مع الذي يحبّنا ويريد أن يخلصنا. والإعلان المسيحي أيضًا ينتشر بفضل أشخاص يحبون المسيح ولا يمكنهم ألا ينقلوا فرح أن يكونوا محبوبين ومخلّصين. 

أضاف الأب الأقدس أن ليس من قبيل الصدفة إذًا أن تكون مسيرة المصالحة والسلام بين الكاثوليك والأرثوذكس قد افتُتحت بلقاء ومعانقة بين سلفينا المكرمين، البطريرك المسكوني أتيناغوراس والبابا بولس السادس منذ خمسين سنة في القدس، حدثٌ أردنا أن نُحيي ذكراه حديثًا بلقائنا مجدّدًا في المدينة حيث مات الرب يسوع المسيح وقام. ولمصادفة سعيدة، تأتي زيارتي هذه بعد مرور بضعة أيام على الاحتفال بالذكرى الخمسين لصدور قرار المجمع الفاتيكاني الثاني حول استعادة وحدة جميع المسيحيين. وأضاف بهذا القرار تعترف الكنيسة الكاثوليكية بأن الكنائس الأرثوذكسيّة "تملك أسراراً حقيقية، وبنوع خاص، بفعل الخلافة الرسولية، الكهنوت والافخارستيا، اللذين يؤلفان بيننا وبينها أوثق صلة" (عدد 15). وبالتالي يمكن التأكيد على أنه للحفاظ بأمانة على ملء التقليد المسيحي ولتحقيق المصالحة بين مسيحيي الشرق والغرب من الأهمية بمكان الحفاظ على الإرث الغني لكنائس الشرق ودعمه، ليس فقط فيما يختص بالتقاليد الليتورجية والروحية وإنما أيضًا بالقوانين التي تنظم حياة هذه الكنائس (راجع أعداد 15 – 16). وتابع البابا فرنسيس: أرغب أن أؤكّد لكل فرد منكم بأنه، ولبلوغ الهدف المنشود بالوحدة الكاملة، لا تسعى الكنيسة الكاثوليكية لفرض أي متطلبات باستثناء إعلان الإيمان المشترك وبأننا على استعداد للبحث معًا، في ضوء تعليم الكتاب المقدس وخبرة الألفية الأولى، عن الأساليب التي تضمن الوحدة الضرورية للكنيسة في الأوضاع الراهنة: فالأمر الوحيد الذي ترغب فيه الكنيسة الكاثوليكية والذي أبحث عنه كأسقف روما، "الكنيسة التي ترأس بالمحبة"، هو الشركة مع الكنائس الأرثوذكسيّة.

أضاف الحبر الأعظم يقول: ترتفع بقوة في عالم اليوم أصوات لا يمكننا ألا نسمعها وتطلب من كنائسنا أن تعيش بعمق التتلمذ للرب يسوع المسيح. وأول هذه الأصوات هو صوت الفقراء. لا يمكننا أن نقف غير مبالين أمام أصوات هؤلاء الإخوة والأخوات. فهم لا يطلبون منا فقط أن نعطيهم المساعدة المادية، الضرورية في العديد من الظروف، وإنما وبشكل خاص أن نساعدهم ليدافعوا عن كرامتهم كأشخاص ليتمكنوا من استعادة طاقاتهم الروحية كي ينهضوا ويصبحوا مجدّدًا رواد تاريخهم. أما الصوت الثاني الذي يصرخ بقوة، تابع البابا فرنسيس، هو صوت ضحايا النزاعات في العديد من أنحاء العالم. هذا الصوت الذي نسمع صداه يتردد جيدًا من هنا لأن بعض الدول القريبة تطبعها حرب شرسة ولا إنسانية. زعزعة سلام شعب، وارتكاب جميع أشكال العنف أو السكوت عنها، وخصوصًا ضد الأشخاص الضعفاء والعزّل، هي خطيئة عظيمة ضد الله، لأنها لا تحترم صورة الله التي في الإنسان. لذلك فصوت ضحايا النزاعات يدفعنا لنسرع في مسيرة المصالحة والشركة بين الكاثوليك والأرثوذكس.

وتابع الأب الأقدس أن الصوت الثالث الذي يُسائلنا هو صوت الشباب. للأسف نجد اليوم العديد من الشباب الذين يعيشون بدون رجاء. إن الأجيال الجديدة لن تتمكن أبدًا من الحصول على الحكمة الحقيقية والمحافظة على شعلة الرجاء حية إن لم نتمكن من تثمين ونقل أنسنة أصيلة تتدفق من الإنجيل ومن الخبرة الألفية للكنيسة. فالشباب هم الذين يطلبون منا اليوم أن نمضي قدمًا نحو ملء الشركة، وذلك ليس لأنهم يجهلون معنى الاختلافات التي تفصلنا وإنما لأنهم يعرفون كيف ينظرون أبعد منها وهم قادرون على فهم الجوهري الذي يجمعنا. وختم الأب الأقدس كلمته بالقول: لنطلب إذًا من الله عطية الوحدة الكاملة والقدرة على قبولها في حياتنا. ولا ننسينّ أبدًا أن نصلّي من أجل بعضنا البعض.                        








All the contents on this site are copyrighted ©.