2014-11-10 15:32:00

البابا فرنسيس: المسيحي يعرف كيف يسامح ولا يكون أبدًا حجر عثرة للآخرين


"على كل مسيحي، مهما كانت دعوته، أن يعرف على الدوام كيف يسامح وألا يكون أبدًا حجر عثرة للآخرين لأن العثرة تدمّر الإيمان" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الاثنين في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان.

استهل الأب الأقدس عظته انطلاقًا من الإنجيل الذي تقدّمه لنا الليتورجية اليوم من الإنجيلي لوقا والذي نقرأ فيه تعليم يسوع لتلاميذه إذ قال: "لا مَحالَةَ مِن وُجودِ أَسْبابِ العَثَرات، ولكَنِ الوَيلُ لِمنَ تَأتي عن يَدِه. فلأن تُعَلَّقَ الرَّحى في عُنُقِه ويُلْقى في البَحر أولى به مِن أَن يَكونَ حَجَرَ عَثرَةٍ لأَحَدِ هؤلاءِ الصِّغار. فخُذوا الحَذَرَ لأنفُسِكم. "إِذا خَطِئَ إِلَيكَ أَخوكَ فوَبِّخهُ، وإِن تابَ فَاغفِر له. وإِذا خَطِئَ إِلَيكَ سَبعَ مَرَّاتٍ في اليَوم، ورجَعَ إِلَيكَ سَبعَ مَرَّاتٍ فقال: أَنا تائِب، فَاغفِر له".

توقف الحبر الأعظم في تأمله الصباحي عند ثلاث كلمات: العثرة، الغفران والإيمان، وقال: يؤكد لنا المسيح: "الويل لمن تأتي الشكوك عن يده"، وفي رسالته إلى تلميذه طيطس يكتب القديس بولس في حديثه عن صفات الأسقف قائلاً: "إِنَّ الأُسقُفَ، وهو وَكيلُ الله، يَجِبُ أَن يَكون بَريئًا مِنَ اللَّوم، غَيرَ مُعجَبٍ بِنَفْسِه ولا غَضوبًا ولا مُدمِنًا لِلخَمْرِ ولا شرسًا ولا حَريصًا على المَكاسِبِ الخَسيسة، بل علَيه أَن يَكونَ مِضْيافًا مُحِبًّا لِلخَير، رزينًا عادِلاً تَقِيًّا مُتمالِكًا" أي أنه ينبغي عليه ألا يكون سبب شكٍّ وعثرة. وهذه الصفات لا تُطلب من الأسقف فقط وإنما من كل شخص مسيحي. فالمسيحي هو أيضًا أسلوب حياة والذي يقول إنه مسيحي ولا يعيش ما تتطلبه منه الحياة المسيحية يشكّل سبب عثرة للآخرين لأن شهادته ستكون ناقصة، إذ لا يكفي أن نعلن الإيمان فقط وإنما ينبغي أن نعيشه أيضًا.

أضاف الأب الأقدس يقول: عندما لا يعيش الإنسان المسيحي الذي يذهب إلى الكنيسة والرعية هذه الأمور يسبب عثرة للآخرين. كم من مرّة نسمع رجالاً ونساءً يقولون: "أنا لا أذهب إلى الكنيسة لأنني أُفضل أن أبقى في البيت وأكون صادقًا مع نفسي من أن أكون من أولئك الأشخاص الذين يذهبون إلى الكنيسة ومن ثم تكون حياتهم سبب عثرة للآخرين". العثرة تدمّر الإيمان! ولذلك تكلم يسوع بقسوة منبهًا: "الويل لمن تأتي الشكوك عن يده... خُذوا الحَذَرَ لأنفُسِكم". وسيساعدنا جميعًا اليوم أن نكرّر هذا القول: "الويل لنا إذا أتت الشكوك عن يدنا"، ولنأخذ الحَذَرَ لأنفُسِنا، لأننا قادرون جميعًا أن نسبب العثرات والشكوك.

تابع البابا فرنسيس يقول: كذلك ينبغي علينا جميعًا أن نعرف كيف نغفر، علينا أن نغفر على الدوام، كما يقول لنا يسوع نفسه في إنجيل اليوم: "إِذا خَطِئَ إِلَيكَ أَخوكَ فوَبِّخْهُ، وإِن تابَ فَاغفِرْ له. وإِذا خَطِئَ إِلَيكَ سَبعَ مَرَّاتٍ في اليَوم، ورجَعَ إِلَيكَ سَبعَ مَرَّاتٍ فقال: أَنا تائِب، فَاغفِرْ له". لقد بالغ يسوع في قوله ربما، ولكنه يريدنا أن نفهم معنى وأهمّية المغفرة، لأن المسيحي الذي لا يستطيع أن يغفر يسبب العثرة والشك وبالتالي فهو ليس مسيحيًّا! وأضاف البابا يقول: علينا أن نسامح ونغفر لأن الله سامحنا وغفر لنا، وهذا الأمر قد علمنا إياه يسوع في صلاة الأبانا وهذا ما لا يمكن فهمه بحسب المنطق البشري، لأن المنطق البشري لا يقبل الغفران بل يقود إلى الانتقام والكراهية والانقسام. ما أكثر العائلات المقسّمة بسبب عدم قدرتها على المغفرة! ما أكثرهم: أبناء يبتعدون عن والديهم، وأزواج يبتعدون عن زوجاتهم... وبالتالي من الأهمية بمكان أن يفكر كل منا في نفسه: "إن لم أغفر وأسامح لا يحُقُّ لي أن أنال المغفرة لأنني لم أفهم معنى المسامحة والغفران اللذين نلتهما من الرب! وهذه هي الكلمة الثانية: المغفرة!

أضاف الحبر الأعظم يقول: من هنا يمكننا أن نفهم قول التلاميذ ليسوع في إنجيل اليوم عندما قالوا له: "يا ربّ زدنا إيمانًا!" لأنه بدون الإيمان لا يمكننا أن نعيش بدون أن نسبب الشك والعثرة ولا يمكننا أن نغفر. وحده نور الإيمان، ذلك الإيمان الذي نلناه: الإيمان بأب رحيم، وابن بذل حياته من أجلنا، وروح قدس يقيم فينا ويساعدنا لننمو... الإيمان بالكنيسة وبشعب الله المُعمَّد والقديس. وهذه عطيّة كبيرة لأن الإيمان هو هدية وهبة، لا يمكننا أن نجده في الكتب أو من خلال المشاركة في محاضرات ومؤتمرات... الإيمان عطيّة من الله وهو الوحيد الذي يهبه لنا، ولذلك طلب التلاميذ من يسوع قائلين: "يا رب زدنا إيمانًا!" 








All the contents on this site are copyrighted ©.