2014-10-07 14:15:00

البابا فرنسيس: الصلاة هي تذكر تاريخنا أمام الله!


"عندما نصلّي لا ينبغي علينا أن ننسى تاريخنا" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الثلاثاء في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان وأكّد أن الرب يسير بقربنا طوال مسيرة حياتنا ودعا المؤمنين كي لا يسمحوا للأمور اليومية بأن تُبعدهم عن الصلاة.

استهل الأب الأقدس عظته انطلاقًا من القراءة التي تقدمها لنا الليتورجية اليوم من رسالة القديس بولس إلى أهل غلاطية والتي يتحدث فيها عن سيرة حياته الماضية بدون أن يخفي الخطايا التي ارتكبها، وقال لقد اختار الرب شعبه ورافقه خلال مسيرته في الصحراء وطوال حياته، وما فعله الله مع شعبه يفعله أيضًا مع كلّ شخص منا. فالله قد اختارنا أيضًا، وهذه نعمة، وهي نعمة محبّة! وبالتالي ينبغي أن نتذكر هذه الحقيقة على الدوام تمامًا كما فعل القديس بولس الذي اعترف بأنه اضطهد الكنيسة وحاول تدميرها، فهو لم يخف خطاياه ولم يحاول أن يظهر بما ليس هو عليه لا بل قال: "لقَد سَمِعتُم بِسيرَتي الماضِيَةِ في مِلَّةِ اليَهود إِذ كُنتُ أَضطَهِدُ كَنيسةَ اللهِ غايةَ الاِضْطِهاد وأُحاوِلُ تَدميرَها"، فهو يتذكر تاريخ مسيرته ويتذكر بداية الطريق.

تابع البابا فرنسيس يقول: ما من أحد منا قد اعتاد على تذكر تاريخ حياته، فنحن ننسى الأمور عادة ونعيش اللحظة وننسى التاريخ. لكن لكلّ منا قصته وتاريخه: تاريخ نعمة، تاريخ خطيئة وتاريخ مسيرة... وسيساعدنا جدًا أن نصلي واضعين أمامنا تاريخنا هذا. وهذا ما يفعله القديس بولس الذي بعد أن شرح ما كانت حياته عليه قال: "لقد اختارني ودعاني وخلّصني! لقد كان رفيق دربي..."

أضاف الحبر الأعظم يقول: عندما نتذكر تاريخنا نحن نمجد الله، وعندما نتذكر الخطايا التي خلصنا الرب منها فنحن نمجّد الله أيضًا، ولذلك نجد القديس بولس يفتخر بخطاياه وبنعمة الله المصلوب. فهو كان يتذكر تاريخه وخطاياه ويفتخر قائلاً: "كُنتُ أَضطَهِدُ كَنيسةَ اللهِ غايةَ الاِضْطِهاد وأُحاوِلُ تَدميرَها... ولكِن لَمَّا حَسُنَ لدى ذاك، الَّذي اختارني مُذ كُنتُ في بَطْنِ أُمِّي، ودَعاني بنِعمَتِه، أَن يَكشِفَ ابنَه فِيَّ، لأُبَشِّرَ بِه بَينَ الوَثنِيَّين..." هذه هي ذكرى القديس بولس وهذه هي الذكرى التي يدعونا يسوع لنتذكّرها!

تابع الأب الأقدس يقول: عندما قال يسوع لمرتا: " مَرتا، مَرتا، إِنَّكِ في هَمٍّ وارتِباكٍ بِأُمورٍ كَثيرَة، مَعَ أنَّ الحاجَةَ إلى أَمرٍ واحِد. فَقدِ اختارَتْ مَريمُ النَّصيبَ الأَفضلَ، ولَن يُنزَعَ مِنها" فهو بذلك كان يقصد الإصغاء للرب والذكرى، إذ لا يمكننا أن نصلّي يوميًّا ما لم يكن لدينا تاريخ! لكلّ منا تاريخه ونحن نحمل هذا التاريخ في قلوبنا عندما نتوجّه للصلاة على مثال مريم، ولكن أحيانًا تشغلنا أمور كثيرة أخرى خلال النهار على مثال مرتا فننهمك بها وننسى هذا التاريخ!

أضاف البابا فرنسيس يقول: إن علاقتنا مع الله لا تبدأ يوم عمادنا وإنما تُختم بواسطة المعمودية لأنها كانت قد بدأت منذ الأزل عندما نظر إلينا الله واختارنا، وبالتالي فهذه العلاقة تبدأ في قلب الله. لذلك فهذه الذكرى هي ذكرى اختيار الله لنا وما فعله معنا! إنها ذكرى العهد الذي أقامه معنا بالرغم من عدما أمانتنا له، لأننا خطأة ولكن الذكرى هي تذكار وعود الله، رجاؤنا الذي لا يخيّب! وهذه هي الصلاة الحقيقيّة!

وختم البابا فرنسيس عظته داعيًا الجميع للصلاة بكلمات المزمور 138 القائل: " يا رَبُّ، ٱختَبَرتَني وَأَنتَ بي عَليم، إِنَّكَ عَرَفتَ قِيامي وَقُعودي وَأَنتَ لأَفكاري مِن بَعيدٍ فَهيم، وَإِنَّكَ مُطَّلِعٌ عَلى حَرَكَتي وَرُكودي وَلَقَد تَبَيَّنتَ جَميعَ سُبُلي" وقال: هذه هي الصلاة، إنها تذكّر تاريخنا أمام الله لأنه تاريخ محبّته لنا!








All the contents on this site are copyrighted ©.