2014-09-25 14:15:00

البابا فرنسيس: وحدها الحقيقة تعطينا السلام!


"لنتنبّه من الكبرياء الذي يبعدنا عن الحقيقة ويجعلنا نبدو كفقاقيع الصابون" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الخميس في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان.

استهل الأب الأقدس عظته انطلاقًا من القراءة الأولى التي تقدمها لنا الليتورجية اليوم من سفر الجامعة والتي نقرأ فيها: "باطلُ الأَباطيل، يَقولُ الجامِعة؛ باطلُ الأَباطيل، وكُلُّ شيَءٍ باطِل..." ليتوقف في تأمله الصباحي حول الكبرياء: التجربة التي تطال المسيحيين والمؤمنين أيضًا. وقال لقد كان يسوع يوبّخ المتكبرين باستمرار، وكان يتوجّه لمعلمي الشريعة منبهًا إياهم لأنهم يحبون "المجالس الأولى في المجامع والتحيات في الساحات العامة"، وكان يوبّخهم قائلاً: "ومتى صليت فلا تكن كالمرائين، فإنهم يحبون أن يصلوا قائمين في المجامع وفي زوايا الشوارع، لكي يظهروا للناس... وأما أنت فمتى صليت فادخل إلى مخدعك وأغلق بابك، وصلِّ إلى أبيك الذي في الخفاء. فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك" ويقول لهم أيضًا: "احترزوا من أن تصنعوا صدقتكم قدام الناس لكي ينظروكم... ومتى صنعت صدقة فلا تصوت قدامك بالبوق" وإنما "فلا تعرف شمالك ما تفعل يمينك... لكي تكون صدقتك في الخفاء".

تابع الأب الأقدس يقول: ولكن ماذا يفعل المتكبّر؟ يتبجّح بنفسه قائلاً: "أنظروا أنا أتصدّق من أجل أعمال الكنيسة ويصنع صدقته ليراه الناس... هكذا هو المتكبر يعيش ليراه الآخرين". لكن الرب ماذا يقول لهؤلاء المتكبرين: "ومتى صمتم فلا تكونوا عابسين كالمرائين، فإنهم يغيرون وجوههم لكي يظهروا للناس صائمين... أما أنت فصم بفرح وتقشّف بفرح لكي لا يظهر للناس أنك صائم" ولكن الكبرياء هو حب الظهور والمتكبر يفعل كلّ شيء ليراه الناس.

أضاف الحبر الأعظم يقول: كم من المسيحيين يعيشون ليراهم الآخرون ويتبجّحون كالطواويس قائلين "أنا قريب ذلك الكاهن أو تلك الراهبة أو ذلك الأسقف وبالتالي فعائلتي مسيحية"، يتبجحون ويتكبرون فقط، ولكن ما هو الواقع؟ تابع البابا يقول، "كيف هي علاقتك مع الرب؟ هل تصلّي؟ كيف تصلّي؟ ما هي حال أعمال الرحمة في حياتك؟ هل تزور المرضى؟ لذلك يطلب منا يسوع أن نبني بيتنا، أي حياتنا المسيحية على الصخر أي على الحقيقة، لأن المتكبرين يبنون بيوتهم على الرمل فيسقط ذلك البيت وتسقط حياتهم المسيحية وتنجرف لأنها غير قادرة على الصمود أمام التجارب.

تابع البابا فرنسيس يقول: هؤلاء المسيحيون يعيشون ليراهم الآخرون، وحياتهم هي كفقاقيع الصابون. جميلة هي فقاقيع الصابون وتنعكس فيها جميع الألوان ولكنها تدوم لثوان فقط ولكن ماذا بعدها؟ وعندما نشارك في مأتم ما نفهم أن كل شيء باطل وأن الحقيقة هي أننا سنعود إلى التراب وإلى الأرض كما كان يقول خادم الله البابا بولس السادس سنعود إلى التراب وهذه هي الحقيقة الأخيرة. ولكن خلال هذه الأثناء ماذا سأفعل؟ هل سأفعل الخير؟ هل سأبحث عن الله؟ هل سأصلّي؟ هذه هي الأشياء التي لن تبطل. لأن الكبرياء والتبجح هما مجرّد هباء وضلال يخدعان أيضًا نفسيهما، فالمتكبر يبدأ أولاً بإقناع نفسه بما ليست الأمور عليه ولكنه وفي آخر المطاف يجد نفسه قد اقتنع بكذبته وبالتالي يعيشها...

وهذا ما حصل مع أَميرُ الرُّبْعِ هيرودُس الذي يخبرنا عنه الإنجيل الذي تقدمه لنا الليتورجية اليوم من إنجيل القديس لوقا، إذ كان هيرودس قد سمع بأعمال يسوع ولكنه كان حائرًا بأمره وبهويّته، على أنه كان يسائل نفسه قائلاً: "أَمَّا يوحنَّا فَقَد قَطَعتُ أَنا رَأسَه. فمَن هذا الَّذي أَسمَعُ عنه مِثلَ هذِه الأُمور؟". أضاف البابا يقول: الكبرياء يزرع القلق ويحرم الإنسان سلامه. تمامًا كأولئك الأشخاص الذين يبالغون في التبرُّج فيخافون بعدها من الخروج خوفًا من أن يلقاهم المطر فيزول التبرُّج ويظهروا على حقيقتهم! الكبرياء يحرمنا السلام وحدها الحقيقة تعطينا السلام! ووحده يسوع هو الصخر الذي ينبغي أن نبني حياتنا عليه. لنتأمل في تجربة الكبرياء التي جرّب فيها الشيطانُ يسوع في البريّة إذ أصعده على شرفة الهيكل وقال له: "إِن كُنتَ ابنَ اللّهِ فَاطرَحْ نَفسَكَ إِلَى أَسفَلُ، لأَنَّهُ مَكتُوبٌ أَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ، فَعَلَى أيَادِيهِم يَحمِلُونَكَ لِكَي لاَ تَصدِمَ بِحَجَرٍ" فيؤمن هكذا بك الجميع! لكن يسوع رفض التجربة وتغلب عليها.

تابع البابا فرنسيس يقول: الكبرياء هو مرض روحيّ خطير. لقد كان آباء الصحراء في مصر يقولون إن الكبرياء هو تجربة ينبغي أن نحاربها يوميًّا ومدى حياتنا لأنها تعود دائمًا لتسلبنا الحقيقة. وكانوا يشرحون هذا القول قائلين: كما تمسك البصلة بيدك وتبدأ شيئًا فشيئًا بنزع قشرتها طبقة بعد طبقة هكذا أيضًا جهادنا ضد تجربة الكبرياء ننزع القليل اليوم والقليل غدًا لنتمكن من التغلب عليها في النهاية. وختم الأب الأقدس عظته بالقول: لنطلب من الرب نعمة ألا نصبح أبدًا متكبرين بل أن نكون حقيقيّين نقيم في الحقيقة في الواقع وفي الإنجيل.      








All the contents on this site are copyrighted ©.