2014-09-21 11:06:00

كلمة البابا خلال لقائه السلطات والسلك الدبلوماسي في القصر الرئاسي في تيرانا


بدأ قداسة البابا فرنسيس صباح الأحد زيارة رسولية إلى ألبانيا تستغرق يوما واحدا، وهي الرابعة خارج الأراضي الإيطالية. وقد وصل الحبر الأعظم العاصمة تيرانا عند التاسعة حيث كان في استقباله على أرض المطار السفير البابوي ووفد رسمي يتقدمه رئيس الوزراء إضافة إلى أساقفة ألبانيا، وانتقل بعدها إلى القصر الرئاسي، حيث كان في استقباله رئيس جمهورية ألبانيا السيد بوجار نيشاني، وعُقد لقاء خاص بين الطرفين وجرى تبادل للهدايا، وانتقل بعدها البابا يرافقه الرئيس الألباني للقاء السلطات والسلك الدبلوماسي.

وفي كلمته للمناسبة، قال البابا فرنسيس إنه مسرور جدا بزيارة ألبانيا، أرض أبطال بذلوا حياتهم من أجل استقلال البلاد، وأرض شهداء شهدوا لإيمانهم خلال أزمنة الاضطهاد الصعبة. ووجه الحبر الأعظم تحية شكر على الدعوة لزيارة بلدهم الملقب "بأرض النسور"، وعلى استقبالهم الحار. وأشار بعدها لمرور نحو ربع قرن على مسيرة الحرية التي، وكما قال قداسته، أتاحت للمجتمع الألباني المباشرة بمسيرة إعادة إعمار مادي وروحي، وإطلاق الكثير من المبادرات، والانفتاح على التعاون والتبادل مع البلدان المجاورة في البلقان والبحر الأبيض المتوسط، ومع أوروبا والعالم كله. وتابع الحبر الأعظم قائلا إن الحرية المستعادة أتاحت لكم النظر بثقة ورجاء إلى المستقبل وإطلاق مشاريع وإعادة نسج علاقات صداقة مع دول قريبة وبعيدة.

وأشار البابا فرنسيس في كلمته أمام السلطات والسلك الدبلوماسي في القصر الرئاسي في تيرانا إلى أن احترام الحقوق الإنسانية، ومن بينها على وجه الخصوص الحرية الدينية وحرية التعبير، هو شرط أوليّ للنمو الاجتماعي والاقتصادي. فعندما تُحترم كرامة الإنسان ويتم الاعتراف بحقوقه وضمانها، يُزهر الإبداع أيضا وروح المبادرة، وتتمكن الشخصية الإنسانية من القيام بمبادراتها المتعددة لصالح الخير العام. كما وعبّر الحبر الأعظم عن سروره الكبير بميزة جميلة لألبانيا، ألا وهي التعايش السلمي والتعاون بين المنتمين لديانات متعددة، وقال إن مناخ الاحترام والثقة المتبادلة بين الكاثوليك والأرثوذكس والمسلمين هو خير ثمين للبلاد، ويتّخذ أهمية خاصة في وقتنا الحاضر، حيث يُشوَّه المعنى الديني الحقيقي من قبل مجموعات متطرفة. وأضاف البابا أنه لا يجوز لأحد أن يتذرّع بالدين للقيام بأعمال تتعارض مع كرامة الإنسان وحقوقه الأساسية، وفي طليعتها الحق في الحياة والحرية الدينية للجميع.

وتابع البابا فرنسيس قائلا إن ما يحصل في ألبانيا يُظهر أن التعايش السلمي والمثمر بين أشخاص وجماعات من ديانات متعددة هو مرغوب به وممكن أيضا. فالتعايش السلمي بين مختلف الجماعات الدينية، أضاف الحبر الأعظم يقول، هو بالفعل خير متعذِّر تقديره من أجل السلام والنمو المتناغم للشعب. ويشكل قيمة ينبغي الحفاظ عليها وتعزيزها يومًا فيوم، من خلال التربية على احترام الاختلافات والهويات الخاصة المنفتحة على الحوار والتعاون لخير الجميع، كما هو عطية ينبغي أن نطلبها من الرب في الصلاة. لتواصل ألبانيا السير دوما على هذا الطريق، وتصبح لكثير من البلدان مثالا يُستلهم منه! ومضى البابا فرنسيس قائلا في كلمته: بعد شتاء العزلة والاضطهادات، حلّ أخيرًا ربيع الحرية. فمن خلال انتخابات حرة وأشكال مؤسساتية جديدة تم ترسيخ التعددية الديمقراطية، ما عزّز أيضا عودة النشاطات الاقتصادية. وإن كثيرين، لاسيما في البداية، يحرّكهم البحث عن عمل وأوضاع حياة أفضل، قد اتخذوا طريق الهجرة ويساهمون بطريقتهم في نمو المجتمع الألباني. كما أن كثيرين قد اكتشفوا مجددا الأسباب للبقاء في وطنهم وبنائه من الداخل. إن أتعاب الجميع وتضحياتهم قد ساهمت في تحسين الأوضاع العامة.

وأشار البابا فرنسيس إلى أن الكنيسة الكاثوليكية، ومن جهتها، قد تمكّنت من استعادة حياة طبيعية، من خلال إعادة بناء هيكليتها، وقد تم بناء أو إعادة بناء أماكن العبادة، ومن بينها مزار العذراء مريم سيدة المشورة الصالحة في سكوتاري، كما تم إنشاء مدارس ومراكز تربوية ولتقديم المساعدة، في خدمة جميع المواطنين. وهكذا أضاف الحبر الأعظم يقول، يتم فهم حضور الكنيسة وعملها لا كخدمة للجماعة الكاثوليكية فقط، إنما للبلاد كلها. وأشار إلى أن الطوباوية الأم تريزا، ومع الشهداء الذين قدموا شهادة بطولية لإيمانهم، يفرحون حتما في السماء بالتزام الرجال والنساء ذوي الإرادة الطيبة في إعادة ازدهار المجتمع والكنيسة في ألبانيا.

وتابع الحبر الأعظم كلمته مشيرا لتحديات جديدة ينبغي مواجهتها، وقال: في عالم يميل للعولمة الاقتصادية والثقافية، ينبغي بذل كل جهد ممكن كي يستفيد الجميع من النمو، وأضاف أن هذا النمو لن يكون حقيقيا إن لم يكن أيضا دائما وعادلا، وبالتالي إن لم يأخذ في عين الاعتبار حقوق الفقراء ويحترم البيئة. وشدد قداسة البابا فرنسيس على عولمة التضامن، وأهمية أن يترافق النمو الاقتصادي مع احترام الخلق مشيرا أيضا لأهمية حماية حقوق العائلة، وختم الحبر الأعظم كلمته في القصر الرئاسي في تيرانا شاكرا الجميع مجددا على الاستقبال ومذكّرا بزيارة يوحنا بولس الثاني في نيسان أبريل من العام 1993، وموكلا للعذراء مريم، سيدة المشورة الصالحة، آمال الشعب الألباني كله.  








All the contents on this site are copyrighted ©.