2014-09-11 12:45:00

البابا فرنسيس: محبة الأعداء تخيفنا لكن يسوع يطلبها منا!


"وحده القلب الرحوم يسمح لنا بإتباع يسوع حقًا" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الخميس في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان وأكّد أن الحياة المسيحية ليست حياة "مرجعيّة ذاتيّة" وإنما هي بذل ذات حتى النهاية بعيدًا عن أي أنانية، وعندها فقط سنتمكن من محبّة أعدائنا كما يطلب الرب منا.

أحبوا أعداءكم: استهل الأب الأقدس عظته انطلاقًا من الإنجيل الذي تقدمه لنا الليتورجية اليوم من القديس لوقا والذي يدلنا يسوع من خلاله على درب المحبة التي لا تعرف الحدود. قال البابا: يسوع يطلب منا أن نصلّي لمن يعاملنا بالسوء وأشار إلى الأفعال التي استعملها الرب في وصيّته: "أحبوا، أحسنوا، باركوا، صلّوا" و"كلُّ من سألك فأعطه". هذا هو بذل الذات الحقيقي، تابع الأب الأقدس يقول، محبة الذين يبغون لنا الشر ويؤذوننا، محبة الأعداء، وهذه هي حداثة الإنجيل. فيسوع يظهر لنا، في الواقع، أنه ما من فضل لنا إذا أحببنا الذين يحبوننا، لأَنَّ الخاطِئينَ أَنفُسَهُم يَفعَلونَ ذلك. أما المسيحيون فهم مدعوون ليحبوا أعداءهم كما يقول لنا يسوع: "أَحِبُّوا أَعداءَكم، وأَحِسِنوا وأَقرِضوا غَيرَ راجينَ عِوَضًا، فيَكونَ أَجرُكم عَظيمًا"، هذه هي حداثة الإنجيل، حداثة ليس من السهل تحقيقها ولكنها إتباع يسوع.

تابع الحبر الأعظم يقول: قد يقول لي أحدكم "ولكن يا أبت لا يمكنني أن أقوم بهذا!" نعم ولكن هذه هي مسيرة المسيحي، هذه هي المسيرة التي يعلّمنا إياها يسوع. لذا سيروا على درب المسيح يسوع الذي هو درب الرحمة، كونوا رحماء كما أباكم السماوي رحيم هو. وحده صاحب القلب الرحيم يمكنه أن يحقق ما يطلبه الرب منّا. فالحياة المسيحية ليست حياة "مرجعيّة ذاتيّة"، بل هي حياة تخرج من ذاتها لتبذل ذاتها من أجل الآخرين. إنها عطاء ومحبة، إنها المحبة التي لا ترجو شيئًا لنفسها لأنها ليست أنانية بل تعطي ذاتها.

أضاف البابا فرنسيس يقول يطلب منا يسوع أيضًا أن نكون رحماء وألا ندين أحدًا أو نحكم على أحدٍ، لكننا غالبًا ما نصبح ديّانين للآخرين ونحاكم الجميع لكن يسوع يقول لنا: "لا تَدينوا فَلا تُدانوا. لا تَحكُموا على أَحَدٍ فلا يُحكَمَ علَيكم" ويؤكّد لنا أيضًا: "أُعْفُوا يُعْفَ عَنكم". وهذا ما نردّده يوميًّا في صلاة الأبانا: "أغفر لنا ذنوبنا وخطايانا كما نحن نغفر لمن أخطأ وأساء إلينا" ولكن إن لم أغفر كيف يمكنني أن اطلب من الآب أن يغفر لي؟

هذه هي الحياة المسيحية، تابع البابا يقول، ولكن قد يقول لي أحدكم: "يا أبت إنها لجهالة! لقد سمعنا القديس بولس في القراءات التي قدمتها لنا الليتورجية في الأيام الماضية يتحدث عن "جهالة" صليب المسيح الذي يختلف عن حكمة هذا العالم، ولكن هل على المسيحي أن يكون "أحمقًا"؟ أقول لكم نعم! لأنه ينبغي علينا أن نرفض حكمة هذا العالم لنعيش ما يطلبه منا يسوع، وإن أعدنا النظر فسنجد بأن الأمر – وبحسب حكمة هذا العالم – ليس لصالحنا، ولكن هذه هي الدرب التي يعلمنا إياها يسوع: درب المحبة والسخاء وبذل الذات بلا مقاييس. فيسوع قد جاء إلى العالم وهذا ما فعله: أعطى وغفر، لم يتكلّم بالسوء على أحد ولم يدن أحدًا ولم يحكم على أحد!

أضاف البابا فرنسيس يقول: ليس من السهل أن نكون مسيحيين، ولا يمكننا أن نصبح مسيحيين بقوّتنا فقط لأننا نحتاج أيضًا لنعمة الله وبالتالي علينا أن نرفع الصلاة يوميًّا لله قائلين: "أعطني يا رب نعمة أن أصبح مسيحيًّا صالحًا لأنه لا يمكنني أن أحقق ذلك لوحدي". وختم البابا عظته بالقول: إن ما يطلبه منا يسوع في الفصل السادس من إنجيل القديس لوقا قد يخيفنا ولكن الرب قادر على تحقيقه فينا، فلنسأله إذًا النعمة لنفهم معنى أن نكون مسيحيين ونعمة أن يجعلنا مسيحيين صالحين لأننا لا يمكننا ذلك بدونه!     








All the contents on this site are copyrighted ©.