2014-08-13 15:14:49

مقابلة مع الكاردينال بارولين حول زيارة البابا فرنسيس إلى كوريا


مع اقتراب زيارة البابا فرنسيس إلى كوريا الجنوبية المرتقبة من الثالث عشر وحتى الثامن عشر من شهر آب أغسطس الجاري أجرت صحيفة الأوسرفاتوريه رومانو الفاتيكانية مقابلة مع أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين تحدث فيها عن أهمية هذه الزيارة لاسيما في ضوء الاحتفال بيوم الشباب الآسيوي.

قال الكاردينال بارولين: ترتبط أهمية هذه الزيارة بثلاثة عوامل: الأول وهو أن البابا فرنسيس ولأول مرة يزور الشرق الأقصى، ولاسيما منطقة من العالم بدأت تكتسب أكثر فأكثر أهمية في السياسة والاقتصاد العالمي. صحيح أن الأب الأقدس يزور كوريا ولكنه بزيارته هذه سيتوجه لجميع بلدان القارة أيضًا وذلك بفضل مشاركته في يوم الشباب الآسيوي والذي سيشارك فيه شباب من مختلف البلدان القريبة. أما الجانب الثالث لهذه الزيارة فهو المستقبل، فالشباب يمثلون المستقبل والأب الأقدس سيلتقي بمستقبل هذه القارة وسيحاكي مستقبل آسيا.

تابع أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان يقول: لم تكن مسيرة الإنجيل في آسيا سريعة كما يمكننا أن نعتقد، ونعلم جيّدًا أن المسيحيين يشكلون فقط أثنين بالمائة من سكان آسيا. ولكن أعتقد بأنه ينبغي علينا أن ننظر أبعد من الأرقام ونعترف أنه لا تزال في آسيا – وبالرغم من انتشار ظاهرة العولمة والمادية – رغبة حيّة لله وعطش عميق للقيم الروحية، كما وأن هناك حيوية كبيرة في الديانات التي أظهرت قدرة على التأقلم والتغيير إزاء تغيّر الظروف. وهذه علامات إيجابية وتؤكد على ما كتبه البابا يوحنا بولس الثاني في الإرشاد الرسولي "الكنيسة في آسيا": "في الألفية الثالثة سنتمكن من جمع حصاد إيمان كبير في هذه القارة الشاسعة والحيويّة".

أضاف الكاردينال بييترو بارولين يقول: نجد في خبرة الكنيسة الكورية النضارة الأولى لكنيسة تقبل البشارة لتصبح بدورها مُبشِّرة ولكنيسة تقبل بشرى الإنجيل لتحمل بعدها بدورها بشرى الإنجيل وتشهد له. وبالتالي فهذا واقع إرسالي متماسك وفي طور النمو، وتأتي زيارة الأب الأقدس لتعزز وتقوي هذه الحركة الإرسالية داخل الكنيسة الكورية، وأعتقد أن البابا سيقوم بذلك على طريقته الخاصة علمًا بأنه ومنذ بدأ حبريته كما وفي الإرشاد الرسولي فرح الإنجيل قد شدّد على هذا البعد الرسولي للكنيسة وخروجها والانطلاق نحو الضواحي الوجودية والجغرافية لاسيما وأنه ينبغي على الكنيسة أن تحمل البشرى السارة للجميع.

ينبغي القول أيضًا أن الكنيسة الكورية قد أظهرت على الدوام اهتمامًا وعناية راعوية كبيرين تجاه الشباب. وأعتقد أن الرسالة التي سيحملها الأب الأقدس لهؤلاء الشباب هي بأنه يجب عليهم أن يصبحوا صانعي حياة الكنيسة، أي أن يكونوا حضورًا فعّالاً ومشاركًا، حضورًا يصبح تعاونًا ومشاركة في المسؤولية. فالكنيسة بحاجة للشباب وهذا الأمر ذكرنا به البابا يوحنا بولس الثاني في الماضي ويذكرنا به اليوم البابا فرنسيس، وعلى الشباب – وهذه دعوتهم الأساسية – أن يصبحوا مبشرين لأترابهم: هذه الرسالة التي سيحملها لهم الحبر الأعظم، بالإضافة إلى التشديد أيضًا على عدم السماح لقيم مجتمعنا وعالمنا الزائلة بأن تُعميهم وإنما أن يبحثوا عن يسوع الجواب الحقيقي لكل تساؤلاتهم وتطلعاتهم.

تابع أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان يقول: يزور البابا كوريا أيضًا ليحتفل بتطويب مائة وأربعة وعشرين شهيدًا كوريًّا، وهذا الأمر يعيدنا إلى إحدى ميزات الكنيسة الكورية ألا وأنها كنيسة ولدت من شهادة والتزام العلمانيين المؤمنين الذين عرفوا أن يحافظوا على الإيمان وينقلوه. وأعتقد أنها رسالة جوهرية وهي بأننا قد دُعينا جميعًا للتعاون في رسالة إعلان الإنجيل وبأننا دُعينا جميعًا للقداسة، قداسة تظهر من خلال أشكال عديدة ولكنها تتميّز بالتزام كل فرد بمفرده. إذ لا يمكننا أن نكون مسيحيين إذا غاب عن حياتنا هذا التوق اليومي والمستمرّ للقداسة من خلال شهادة صادقة وحقيقية تحمل الذين أُعطيت لهم نعمة الاستشهاد نحو بذل الحياة، هذه هي الرسالة التي سيسلّمها الأب الأقدس أيضًا لهؤلاء الشباب وللكنيسة الكورية بأسرها.

أضاف الكاردينال بارولين يقول: يمكن لكوريا أن تمثل رجاء وتحديات القارة الآسيوية وبالتالي يمكن لزيارة الأب الأقدس هذه أن تقدم أيضًا شهادة محبة، لاسيما وأن المحبة قد كانت على الدوام إحدى "الأدوات" – إن صح القول – لإعلان الإنجيل. وقد تميّزت الكنيسة دائمًا ومنذ بدايتها باهتمامها بالضعفاء والفقراء والمهمشين، وبالتالي يمكننا أن نرى زيارة البابا التي سيقوم بها خلال تواجده في كوريا لمركز إعادة التأهيل ولـ "حديقة الأطفال المُجهضين" كتحقيق لرسالة الكنيسة من خلال الاهتمام بالأشد عوزًا. لذا فالمحبة هي أداة لإعلان الإنجيل بطريقة صحيحة في الحالات الصعبة وحالات التهميش.

وختم أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين مقابلته مع صحيفة الأوسرفاتوريه رومانو الفاتيكانية بالقول: لقد التزم الكرسي الرسولي على الدوام وبشكل ملموس في سبيل السلام والمصالحة، وشبه الجزيرة الكورية هو بأمس الحاجة للسلام والمصالحة وبالتالي أعتقد أن زيارة الأب الأقدس هذه ستساعد في استمرار أعمال التضامن تجاه المعوزين وتعزيز، قدر المستطاع، التواصل والحوار، وهذا ما كرّره الأب الأقدس لمرات عديدة بأنه فقط من خلال التواصل والحوار يمكن حل المشاكل، وإن وُجدت الإرادة الطيبة من قبل الجميع وُجدت أيضًا السبل للحلول.








All the contents on this site are copyrighted ©.