2014-08-04 14:33:27

البطريرك الراعي يصلّي من أجل السلام ووقف العنف في سوريا والعراق وفلسطين


ترأس غبطة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي صباح أمس الأحد القداس الإلهي في المقرّ البطريركي الصيفي في الديمان وألقى عظة استهلها متحدثًا عن نبوءة أشعيا التي تحققت في شخص يسوع النبي والكاهن والملك بامتياز وقال: إنّنا نجدّد التزامنا بمسحة الروح القدس التي نلناها بالمعمودية والميرون، وقد أعطتنا الكيان المسيحي على صورة يسوع المسيح، وأشركتنا في رسالته المثلّثة. وهذا الكيان المسيحي والرسالة يحدّدان معنى وجودنا كمسيحيّين في لبنان وبلدان الشَّرق الأوسط، على صورة المسيح في ضوء نبوءة أشعيا التي تحققت في شخصه أولاً ثمّ في المؤمنين به. فالمسيح كنبي، "يبشّر المساكين". يعلن إنجيل الخلاص، كلمةً هادية للعقول والضمائر. والمسيح ككاهن، "يحرّر الأسرى والمظلومين ويعيد البصر للعميان". إنّه الكاهن الذي افتدى بموته جميع الناس، وأقامهم لحياة جديدة بقيامته. والمسيح كملك، "يعلن زمناً مرضيّاً للربّ". هو زمن الروح القدس، زمن الحقيقة والمحبة والعدالة والحرية والسلام، هذه المعروفة بقيم ملكوت المسيح.  

تابع الكاردينال الراعي يقول: يعلّم القديس البابا يوحنا بولس الثاني في إرشاده الرسولي: "العلمانيّون المؤمنون بالمسيح"، أن المسيحيين مدعوّون لممارسة مسيحية في شؤونهم العائلية والزمنية، لأن البشرى الإنجيلية تنير جميع الشؤون البشرية، لتجعلها أداة خير وسعادة وخلاص لجميع الناس. فمشاركتهم في خدمة المسيح النبوية تؤهّلهم لقبول كلمة الإنجيل بالإيمان، وللشهادة لها بالأعمال، مندّدين بالشر بجرأة. وتدعوهم لتجسيد جدّة الإنجيل في حياتهم العائلية والاجتماعية. ومشاركتهم في خدمة المسيح الكهنوتية تشجّعهم ليتّحدوا بذبيحته في القداس، ويقدّموا معها قرابين أعمالهم وصلواتهم ونشاطاتهم وحياتهم الزوجية والعائلية، وأشغالهم اليومية، وأفراحهم وأتعابهم.

ومشاركتهم في خدمة المسيح النبوية تدعوهم لخدمة ملكوت الله، ملكوت الحقيقة والمحبة، ملكوت العدالة والحرية والسلام (راجع العلمانيون المؤمنون بالمسيح، 14).

أما في الإرشاد الرسولي "رجاء جديد للبنان" (الفقرة 13)، تابع البطريرك الماروني يقول، يدعو القديس البابا يوحنا بولس الثاني المسيحيِّين الذين يمارسون العمل السياسي، لأن يفعلوا ذلك ملتزمين بخدمة حقيقية للإنسان والمجتمع والوطن، بحكم معموديتهم ومسحة الميرون التي أشركتهم في وظيفة المسيح المثلّثة. فإنّهم يشاركون في الوظيفة النبوية، عندما يجسّدون جدّة الإنجيل وفعاليته في حياتهم اليومية، العائلية والاجتماعية، ويعملون على إحياء الرجاء بمستقبل أفضل لدى مواطنيهم وبالأخصّ لدى الشباب منهم، ويساهمون بفعالية في إجراء التحوّلات الضرورية لتحسين وضع المواطنين، وللبلوغ إلى حياة مشتركة أفضل. ويشاركون في الوظيفة الكهنوتية، عندما يمارسون عملهم السياسي، جاعلين منه تسبيحًا للخالق، فيما هم يُكمّلون عمل الخلق على أساس من الحقيقة والخير والجمال؛ ويشاركون في الوظيفة الملوكية، عندما يعملون على إحلال العدالة والسلام، ويقاومون الظلم والعنف؛ ويسعون إلى بناء الوحدة الوطنية ونبذ الانقسامات والخلافات؛ ويمارسون نشاطهم السياسي بنزاهة وتجرّد، وبالإلتزام في تأمين الخير العام الذي هو "مجمل أوضاع الحياة الاجتماعية والاقتصادية التي تمكّن الأشخاص والجماعات من تحقيق ذواتهم تحقيقًا أفضل"(العلمانيون المؤمنون بالمسيح، 42).

أضاف صاحب الغبطة يقول: نحن بحاجة إلى رجال سياسة مؤمنين حقًّا بالله، يَجمعون بين موجبات العمل السياسي والمبادئ الأخلاقيّة، ويناغمون بين الروحي والزمني، لأنّهم أصبحوا بالمعمودية خلقًا جديدًا. نحتاج إلى رجال سياسة يشهدون للقيم الإنجيلية والأخلاقية في نشاطهم السياسي، بحيث يتفانون في سبيل العدالة الاجتماعية والخير العام، ويتميّزون ببساطة العيش وحب الفقراء، مستنيرين بمبادئ تعليم الكنيسة الاجتماعي (راجع شرعة العمل السياسي، ص20-21).

وختم الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عظته بالقول: نُصلّي إلى الله لكي يرسل لنا رجال سياسة مثل هؤلاء، لكي يُخرجوا بلادنا من أزماتها الخطيرة والخطرة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، ونصلّي إلى الله أيضًا لكي يحرّك ضمائر قادة الدول فيعملوا بإخلاص وبمخافته على إحلال السلام في العراق، والحدّ من التقاتل الأخوي المذهبي، وعلى عودة المسيحيين إلى بيوتهم وأراضيهم في الموصل، ووضع حدّ لممارسات تنظيم "داعش" المنافية للإنسانية وللقوانين الدولية والأعراف الاجتماعية والمبادئ القرآنية. نصلّي من أجل السلام في سوريا، بإيقاف الحرب وعودة النازحين إلى مناطقهم منعًا لاستغلالهم من قبل المسلّحين غير الشرعيّين، وإيجاد حلٍّ للنّزاع الداخلي بالطرق السلمية، رحمةً بالمواطنين الآمنين، وحمايةً للتراث والحضارة. ونصلّي من أجل سكان غزّة في فلسطين الجريحة، سائلين الله أن يُحرّك ضمائر المسؤولين عن الشرعية الدولية، لكي يوقفوا هذا التعدّي اللاإنساني والظالم من قبل إسرائيل على السكّان الآمنين، وهذا الهدم الشامل للبيوت والمؤسسات ودور العبادة. ينبغي وقف إطلاق النار فورًا وحلّ الخلاف بالتفاوض والحوار، وحلّ القضيّة الفلسطينية بكل مندرجاتها.








All the contents on this site are copyrighted ©.