2014-06-29 13:15:30

البابا فرنسيس يحتفل بالذبيحة الإلهية في عيد القديسين بطرس وبولس


ترأس قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأحد القداس الإلهي في بازيليك القديس بطرس بالفاتيكان بمناسبة الاحتفال بعيد القديسين الرسولين بطرس وبولس، وللمناسبة ألقى الأب الأقدس عظة استهلها بالقول: في عيد القديسين الرسولين بطرس وبولس، شفيعي روما الرئيسيين، نستقبل بفرح وامتنان الوفد المرسل من قبل البطريرك المسكوني، الأخ المكرم والحبيب برتلماوس، على رأسه المتروبوليت يوانس. نرفع الصلاة للرب لكيما تتمكن هذه الزيارة أيضًا من تعزيز روابط الأخوة في المسيرة نحو الشركة الكاملة بين الكنيستين الأختين، والتي نرغب بها كلنا بحرارة.

تابع البابا فرنسيس يقول: "الرَّب أَرسَلَ مَلاكَه فأَنقَذَني مِن يَدِ هِيرودُس" (أعمال ١٢، ١١). في بداية خدمة بطرس في الجماعة المسيحية في أورشليم، كان هناك أيضًا خوف كبير بسبب اضطهادات هيرودس ضدّ بعض أفراد الكنيسة. كان قد قتل يعقوب، والآن يسجن بطرس من أجل إرضاء الشعب. وبينما كان في السجن مشدودًا بالسلاسل، سمع صوت ملاك يقول له: "قُم على عَجَل... أُشدُد وَسَطَكَ بِالزُّنّار، وَاربِط نَعلَيكَ... إِلبَس رِداءَكَ وَاتبَعني" (أعمال ١٢، ٧-٨). وسقطت السلاسل وفُتح باب السجن وحده. أيقن بطرس أن الرب قد "أنقذه من يد هيرودس" وأدرك بأن الله حرره من الخوف والسلاسل. نعم، الرب يحررنا من كل خوف ومن كل سلسلة، لكي نُصبح أحرارًا حقًّا. واحتفال اليوم الليتورجي يعبّر جيّدًا عن هذا الواقع من خلال كلمات لازمة المزمور "من جميع ما أرهب خلصني الرب".  وهذه هي مشكلة الخوف والملاجئ الراعوية بالنسبة لنا.

أضاف الأب الأقدس يقول: ونحن - أتساءل - أيها الإخوة الأساقفة الأعزاء، هل نخاف؟ ماذا يخيفنا؟ وإن كنا نخاف، ما هي الملاجئ التي نبحث عنها في حياتنا الراعوية لنكون بأمان؟ هل نبحث ربما عن دعم الذين يتمتعون بسلطة هذا العالم؟ أم نسمح أن يخدعنا الكبرياء الذي يبحث عن إرضاء الذات والإشادات وعندها يبدو لنا بأننا بأمان؟ أين نضع أماننا؟ تذكرنا شهادة بطرس الرسول بأن ملجأنا الوحيد هو الثقة بالله: فهي تبعد عنا كلّ خوف وتجعلنا أحرارًا من كل عبوديّة وكل تجربة دنيويّة. واليوم، نحن - أسقف روما والأساقفة الآخرون، لاسيما المتروبوليت الذين نالوا الدرع - نشعر بأنّ مثال القديس بطرس يُسائلنا لنتأكد من ثقتنا بالرب.

تابع الحبر الأعظم يقول: استعاد بطرس ثقته عندما قال له يسوع ثلاث مرّات: "ارع خرافي" (يوحنا ٢١، ١٥. ١٦. ١٧). وفي الوقت عينه هو، سمعان، اعترف ثلاث مرات بحبه ليسوع مصلحًا بذلك النكران المثلّث الذي حصل خلال الآلام. فبطرس لا يزال يشعر بداخله بحرقة جرح خيبة الأمل التي سببها لربّه في ليلة الخيانة. والآن إذ يسأله: "أتحبني؟"، لكن بطرس لم يتكل على نفسه أو على قواه بل على يسوع ورحمته: "يا رب أنت تعرف كل شيء؛ أَنتَ تَعلَمُ أَنِّي أُحِبُّكَ حُباً شَديداً" (يوحنا ٢١، ١٧). وهنا يختفي الخوف وانعدام الأمان والجُبن. لقد اختبر بطرس بأن أمانة الرب هي أكبر من عدم أمانتنا وأقوى من نكراننا. وأدرك أنَّ أمانة الرب تبعد مخاوفنا وتتخطى أي تصوّر بشريّ. واليوم، يوجّه لنا يسوع أيضًا السؤال: "أتحبني؟". يسألنا لأنه يعرف مخاوفنا وأتعابنا. وبطرس يظهر لنا الطريق: أن نثق به، هو الذي "يعرف كلّ شيء" عنا، ونتّكل لا على قدرتنا في البقاء أمناء له وإنما على أمانته التي لا تتزعزع. فيسوع لا يتركنا أبدًا لأنه لا يمكنه أن ينكر ذاته (راجع 2 طيم 2، 13). إنَّ الأمانة التي يؤكدها الله لنا أيضًا نحن الرعاة باستمرار والتي تفوق استحقاقاتنا، هي مصدر ثقتنا وسلامنا، وأمانة الرب تجاهنا تحافظ على شعلة الرغبة بخدمته وخدمة إخوتنا بالمحبة متّقدة فينا على الدوام.

وختم البابا فرنسيس عظته في عيد القديسين بطرس وبولس بالقول: ينبغي على محبة يسوع أن تكفي بطرس، كما وعليه ألا يستسلم لتجربة الفضوليّة والحسد، كما عندما رأى يوحنا بالقرب من يسوع وسأله: "يا ربّ، وهذا ما شأنُه؟" (يوحنا ٢١، ٢١). أما يسوع فأجابه:"ما لَكَ وذلك؟ أَمَّا أَنتَ فَاتبَعْني" (يوحنا ٢١، ٢٢). تشكل خبرة بطرس هذه رسالة مهمة لنا نحن أيضًا، أيها الإخوة رؤساء الأساقفة الأعزاء. الرب يكرر اليوم لي ولكم ولجميع الرعاة: اتبعني! لا تضيع الوقت في أسئلة أو ثرثرات لا فائدة منها، لا تتوقف عند الأمور الثانوية، بل انظر إلى الجوهري واتبعني. اتبعني بالرغم من الصعوبات. اتبعني في البشارة بالإنجيل. اتبعني في شهادة حياة تتطابق مع عطية نعمة المعمودية والسيامة الكهنوتيّة. اتبعني في التحدث عني مع الذين يعيشون معك، يومًا بعد يوم، في تعب العمل والحوار والصداقة. اتبعني في إعلان الإنجيل للجميع لاسيما للآخرين، لكي لا تنقص لدى أي شخص كلمة الحياة التي تحرر من كل خوف وتمنح الثقة في أمانة الله.








All the contents on this site are copyrighted ©.