2014-05-25 17:12:08

كلمة البابا فرنسيس في مطار بن غوريون الدولي في تل أبيب


قبل مغادرته بيت لحم التقى البابا فرنسيس عصر الأحد عددا من الأطفال من مخيمات اللاجئين في الدهيشة، عايدة وبيت جبرين، ذلك في مركز الفينيق التابع لمخيم الدهيشة، وتوجّه بعدها إلى مطار بن غوريون الدولي في تل أبيب، وقد وجه الحبر الأعظم كلمة قال فيها:

السيد الرئيس،

السيد رئيس الوزراء،

أيها السيدات والسادة والأخوة

أشكركم جزيل الشكر على الاستقبال في دولة إسرائيل التي أنا سعيد بزيارتها في زيارة حجي هذه. أشكر السيد الرئيس شيمون بيريز، ورئيس الوزراء السيد بنيامين نتانياهو على الكلمات اللطيفة، وأتذكّر بسرور اللقاءات معهما في الفاتيكان. كما تعلمون، آتي حاجًا بعد مضي خمسين سنة على الزيارة التاريخية للبابا بولس السادس. ومذ ذاك الحين، تبدّلت أمور كثيرة بين الكرسي الرسولي ودولة إسرائيل: فالعلاقات الدبلوماسية القائمة بيننا منذ عشرين سنة، قد عزّزت نمو علاقات جيدة وودية، كما يشهد على ذلك الاتفاقان الموقعان والمصدّق عليهما، والاتفاق قيد الانجاز. وبهذه الروح أحيي الشعب الإسرائيلي كله وآمل بأن تتحقق تطلعاته للسلام والازدهار.

على خطى أسلافي، وصلت كحاج إلى الأرض المقدسة، حيث انتشر تاريخ له آلاف السنين، وحصلت الأحداث الأساسية المرتبطة بنشأة ونمو الديانات التوحيدية الكبرى الثلاث، اليهودية، المسيحية والإسلام؛ ولذا فهذه الأرض المقدسة هي مرجع روحي لجزء كبير من البشرية. وآمل بالتالي بأن تكون هذه الأرض المباركة مكانا، لا تكون فيه أية فسحة لِمن، وباستغلال وإثارة قيمة الانتماء الديني الخاص، يصبح غير متسامح وعنيفًا إزاء الانتماء الديني للآخر.

خلال زيارة حجي إلى الأرض المقدسة، سأزور بعض الأماكن الأكثر تعبيرا في القدس، مدينة ذات قيمة عالمية. فالقدس تعني "مدينة السلام". هكذا يريدها الله وهكذا يرغب جميع البشر ذوي الإرادة الطيبة بأن تكون. لكن وللأسف، لا تزال هذه المدينة تتألم بسبب تبعات نزاعات طويلة. نعلم جميعا كم هي ملحّة الحاجة للسلام، ليس لإسرائيل فقط، إنما أيضا للمنطقة كلها. لتتضاعف إذا الجهود بهدف بلوغ تسوية عادلة ودائمة للنزاعات التي سبّبت آلاما جمة. وباتحاد مع جميع البشر ذوي الإرادة الطيبة، أتوسل جميع من يضطلعون بالمسؤولية، بذل كل ما يمكن للبحث عن حلول عادلة للمشاكل المعقدة، فيتمكن هكذا الإسرائيليون والفلسطينيون من أن يعيشوا بسلام. ينبغي أن يتم دائما، بشجاعة وبلا كلل، اعتماد طريق الحوار والمصالحة والسلام. لا يوجد طريق آخر. وبالتالي، أجدّد النداء الذي أطلقه بندكتس السادس عشر من هذا المكان: ليتمّ الاعتراف عالميا بأن لدولة إسرائيل الحق في الوجود والتنعم بالسلام والأمن داخل حدود معترف بها دوليا. وليتمّ الاعتراف كذلك بأن للشعب الفلسطيني الحق بوطن سيّد، والعيش بكرامة والتنقّل بحرية. ليصبح "حل الدولتين" واقعًا ولا يبقى حلما.

وستكون لحظةً مؤثرة جدا خلال إقامتي في بلادكم، زيارةُ نصب ياد فاشيم، تذكارا لستة ملايين يهودي ضحايا المحرقة، مأساة تظل كرمز للدرجة التي يمكن لشراسة الإنسان أن تصل إليها، حين تحرّكها إيديولوجيات خاطئة فتنسى الكرامة الجوهرية لكل شخص والذي يستحق الاحترام المطلق، أيًا كان الشعب الذي ينتمي إليه، والديانة التي يعلنها. أرفع الصلاة لله كيلا تتكرّر أبدًا جريمة كهذه، وكان ضحاياها أولا اليهود إضافة إلى مسيحيين كثيرين وآخرين. ومن خلال تذكار الماضي دائما، لنعزّز تربيةً حيث يأخذ القبول واللقاء مكان التهميش والصدام، وحيث لا يكون هناك مكان لمعاداة السامية، بأي شكل تظهر فيه، وحيث لا يكون هناك مكان لأيّ تعبير عن العدائية والتمييز أو غياب التسامح إزاء الأشخاص والشعوب.

وبقلب حزين جدا، أفكّر بالذين فقدوا حياتهم جراء اعتداء عنيف يوم أمس في بروكسيل. وإذ أجدّد إدانتي بشدة لهذا العمل الإجرامي من الكراهية ومعاداة السامية، أكل إلى الله الرحيم الضحايا، سائلا الشفاء للجرحى

إن زيارتي القصيرة تحدّ بالطبع من إمكانيات اللقاء. وأودّ من هنا أن أحيي جميع المواطنين الإسرائيليين وأعبّر لهم عن قربي، لاسيما العائشين في الناصرة والجليل، حيث توجد أيضا جماعات مسيحية كثيرة

وإلى الأساقفة والمؤمنين المسيحيين، أوجّه تحيتي الأخوية والودية. أشجعهم على أن يواصلوا بثقة ورجاء شهادتهم الهادئة من أجل المصالحة والمغفرة، بإتباع تعليم ومَثَل الرب يسوع، الذي بذل حياته من أجل السلام بين الإنسان والله، بين الأخ والأخ. كونوا خميرة مصالحة، حاملي رجاء، وشهود محبة. كونوا واثقين بأنني أذكركم دائما في صلواتي.

أود أن أوجه دعوة لك، السيد الرئيس، وللسيد الرئيس محمود عباس لترفعا معي صلاة مبتهلين من الله هبة السلام. وأضع بيتي في الفاتيكان بتصرفكما لاستضافة لقاء الصلاة هذا. كلنا نطمح إلى السلام؛ أشخاص كثيرون يبنونه كل يوم من خلال أعمال بسيطة؛ وكثيرون يتألمون ويتحملون بصبر مشقات العديد من محاولات بنائه. ومن واجبنا كلنا – لاسيما الأشخاص القيمين على خدمة شعوبهم – أن نكون أدوات السلام وبُناته، من خلال الصلاة قبل كل شيء. بناء السلام صعب، لكن العيش بدون سلام عذاب. جميع رجال ونساء هذه الأرض والعالم كله يطلبون منا أن نرفع أمام الله تطلعهم المتّقد نحو السلام. 

السيد الرئيس، السيد رئيس الوزراء، أيها السيدات والسادة، أشكركم مجددا على استقبالكم.

ليحلّ السلام والازدهار بوفرة على إسرائيل. ليبارك الله شعبه بالسلام! شالوم!

 

عن مغادرة البابا فرنسيس بيت لحم، واستقباله في مطار بن غوريون الدولي في تل أبيب حدثنا الأب جان بيار يمين من القدس. RealAudioMP3

 








All the contents on this site are copyrighted ©.