2014-05-24 14:25:46

خطاب البابا فرنسيس إلى السلطات الأردنية


لدى وصوله إلى المملكة الهاشمية لقي البابا استقبالا رسميا حارا من قبل العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في القصر الملكي بعمان حيث التقى بعدها السلطات الأردنية ووجه خطابا قال فيه:

صاحب الجلالة،

أصحاب السعادة،

أيها الأخوة الأساقفة،

أيها الأصدقاء الأعزاء،

أشكر الله على الفرصة التي أتاحها لي كي أزور المملكة الهاشمية الأردنية، على خطى أسلافي: بولس السادس، يوحنا بولس الثاني وبندكتس السادس عشر، كما أشكر جلالة الملك عبدالله الثاني على كلمات الترحيب الودية، فيما تبقى حية في ذهني ذكرى اللقاء الأخير في الفاتيكان. أحيي أيضا أعضاء العائلة المالكة، والحكومة وشعب الأردن، الأرض الغنية بالتاريخ وبالمعاني الدينية العظيمة بالنسبة لليهودية والمسيحية والإسلام.

إن هذا البلد يستضيف بسخاء عددا كبيرا من اللاجئين الفلسطينيين والعراقيين وآخرين قادمين من مناطق تشهد أزمات، لاسيما من سورية المجاورة التي تعاني من صراع يدوم منذ فترة طويلة. وهذه الضيافة تستأهل تقدير الجماعة الدولية ودعمها. إن الكنيسة الكاثوليكية، ووفقا لإمكاناتها، تريد الالتزام في مساعدة اللاجئين ومن يعانون من العوز، لاسيما من خلال كاريتاس الأردن.

وفيما ألاحظ بألم استمرار توترات قوية في منطقة الشرق الأوسط، أتوجه بالشكر إلى سلطات المملكة على ما تقوم به وأشجعها على متابعة التزامها في البحث عن السلام المرجو والدائم من أجل المنطقة بأسرها؛ من هذا المنظار يصبح التوصل إلى حل سلمي للأزمة السورية وحل عادل للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني أمرا ضروريا وطارئا. 

أريد الإفادة من هذه الفرصة لأجدد التعبير عن احترامي العميق وتقديري للجماعة المسلمة ولأعرب عن تثميني للدور القيادي الذي يقوم به جلالة الملك من أجل تعزيز فهم أفضل للفضائل التي يعلنها الإسلام وتعايش صاف بين مؤمني مختلف الديانات. معروف عنك أنك رجل سلام وصانع سلام. وأعبر عن امتناني للأردن على تشجيعه بعض المبادرات الهامة لصالح الحوار بين الأديان بغية تعزيز التفاهم بين اليهود والمسيحيين والمسلمين، ومن بينها "رسالة عمان"، وعلى إطلاقه، داخل منظمة الأمم المتحدة، مبادرة الاحتفال السنوي بـ"أسبوع الوئام العالمي بين الأديان".

أود الآن أن أوجه تحية مفعمة بالمشاعر إلى الجماعات المسيحية المتواجدة في البلاد منذ زمن الرسل، والتي تقدّم إسهامها لصالح الخير المشترك للمجتمع المنخرطة فيه بشكل كامل. ومع أنها اليوم أقلية من حيث العدد، فهي تقوم بنشاط جدير ومثمَّن على الصعيدين التربوي والصحي، من خلال المدارس والمستشفيات، كما تستطيع هذه الجماعات التعبير عن إيمانها بكل طمأنينة، في إطار احترام الحرية الدينية التي تشكل حقا إنسانيا أساسيا، وآمل بشدة أن يؤخذ هذا الحق في عين الاعتبار في كل مناطق الشرق الأوسط وفي العالم بأسره. إنه "يشمل في الوقت ذاته، الصّعيدين الفرديّ والجماعيّ، حُرِّيّة اتباع الضَّمير في المسائل الدِّينيِّة، وكذلك حُرِّيّة العبادة ... حريّة اختيار الدّيانة الَّتي يرتئي الشَّخص أنَّها صحيحة والتّعبير علانية عن هذا المعتقد" (بندكتس السادس عشر، الإرشاد الرسولي الكنيسة في الشرق الأوسط، 26). المسيحيون يشعرون بأنهم مواطنون يتمتعون بمواطنة كاملة، وهم كذلك، ويريدون الإسهام في بناء المجتمع مع مواطنيهم المسلمين من خلال تقديم إسهامهم الخاص والمميز.

وأوجه في الختام أمنية خاصة كي تنعم مملكة الأردن مع شعبها بالسلام والازدهار، على أمل أن تساهم هذه الزيارة في تكثيف وتعزيز العلاقات الطيبة والودية بين المسيحيين والمسلمين، سائلين الرب الإله أن يجنّبنا الخوف من التغيير الذي أشرت إليه يا صاحب جلالة.

أشكركم على اللطف وحسن الضيافة. وليمنح الله الرحوم والكلي القدرة جلالتَكما السعادة والعمر المديد، وليسكب على الأردن فيض بركاته. سلام!

 








All the contents on this site are copyrighted ©.