2014-05-10 15:10:53

البابا فرنسيس: أنتم قلب الله في العالم!


استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم السبت في القصر الرسولي بالفاتيكان المجلس الإيطالي للمعاهد العلمانية، وللمناسبة رحّب الأب الأقدس بضيوفه وسلّمهم كلمة كتب فيها: أنتم وبحسب دعوتكم علمانيون وكهنة كالآخرين وفي وسطهم، تعيشون حياة عادية، خالية من العلامات الخارجية، دون دعم حياة جماعيّة ودون أي عمل رسالة منظم منظور أو أي أعمال خاصة. أنتم أغنياء فقط بخبرة محبة الله الشاملة ولذلك يمكنكم أن تعرفوا وتتشاركوا تعب الحياة في مختلف أشكاله وتخمّروه في نور الإنجيل وقوته.

تابع الأب الأقدس يقول: أنتم علامة للكنيسة المحاورة التي يتحدث عنها البابا بولس السادس في الرسالة العامة "كنيسة المسيح" إذ يقول: "إننا لا نخلص العالم من الخارج. فينبغي، كما فعل كلمة الله المتجسّد أن نستسيغ، إلى حد ما، صيغ حياة من نريد أن نحمل إليهم رسالة المسيح، دون أن نطالب بالامتيازات التي تباعد ودون أن نتمسك بحدود لغة غير مفهومة، يجب أن نتقاسم العادات العامة شرط أن تكون إنسانية وشريفة وبخاصة عادات الوضعاء، إذا شئنا أن يُصغى إلينا ونُفهم. ينبغي حتى قبل أن نتكلم، أن نصغي إلى صوت الإنسان، لا بل، إلى قلبه. ينبغي أن نفهمه، ونحترمه وندعمه، إذا كان مستحقاً. ينبغي أن نجعل من أنفسنا إخوة الناس إن أردنا أن نكون رعاتهم وأباءهم ومعلميهم. لأن مناخ الحوار هو المحبة، أو بالأحرى، هي الخدمة" (عدد 90).

أضاف الحبر الأعظم يقول إن موضوع جمعيتكم "في محور الأحداث البشريّة: تحديات مجتمع معقّد"، يشير إلى مجال رسالتكم ونبوءتكم. أنتم في العالم ولكنكم لستم من العالم، وتحملون في داخلكم جوهر الرسالة المسيحية: محبة الآب التي تخلّص! أنتم في قلب العالم ولكنكم تحملون قلب الله! ودعوتكم تجعلكم تهتمون بكل إنسان وحاجاته العميقة التي غالبًا لا يُعبَّرُ عنها وتبقى مستترة. وهكذا يمكنكم أن تقتربوا من الآخرين وتلمسونهم وتلمسوا جراحهم وانتظاراتهم، أسئلتهم وحاجاتهم بلمسة الحنان التي تُعبَّر عن الاهتمام وتلغي المسافات، تمامًا كالسامري الذي مرّ بقرب ذلك الرجل رآه وأشفق عليه، وهذا هو التصرف الذي تُلزمكم به دعوتكم: أن تسيروا بالقرب من كل إنسان وتقتربوا من كل إنسان تلتقونه، لأن وجودكم في العالم ليس مجرّد حالة سوسيولوجيّة وإنما هو واقع لاهوتي يدعوكم لحضور مدرك ومتنبّه يعرف كيف يرى ويلمس جسد الإخوة، لأن دعوتكم بطبيعتها هي خروج ليس فقط لأنها تحملكم نحو الآخر وإنما أيضًا وبشكل خاص لأنها تطلب منكم أن تُقيموا حيث يُقيم كل إنسان!

تابع البابا فرنسيس يقول: إيطاليا هي البلد الذي يحتوي على أكبر عدد من المعاهد العلمانية. أنتم خميرة يمكنها أن تعطي خبزا طيّبًا لكثيرين، ذلك الخبز الذي يجوع إليه الكثيرون: الإصغاء لحاجاتهم ورغباتهم، لخيباتهم ورجائهم. وعلى مثال من سبقوكم في هذه الدعوة يمكنكم أن تُعيدوا الرجاء للشباب، وتساعدوا المسنين وتفتحوا الدروب نحو المستقبل وتنشروا الحب في كل مكان. فإن لم يكن الأمر هكذا وكانت حياتكم العادية تنقصها الشهادة والنبوءة، أكرر لكم دعوتي إذًا لتوبة ضروريّة! لا تفقدوا الدفع أبدًا في السير عبر دروب العالم، فاليقين بأنكم تسيرون ولو ربما بخطى غير واثقة أو واهنة فهذا أفضل من الركود والانغلاق. فالشغف الرسولي وفرح اللقاء مع المسيح اللذان يدفعانكم لتتشاركوا بجمال الإيمان مع الآخرين يبعدان عنكم خطر الانغلاق والفردانيّة. ولذلك إذا كان كل فرد منكم مناسبة ثمينة للآخرين ليلتقوا بالله، فمن الأهمية بمكان إذًا أن تكتشفوا مجدّدًا مسؤوليّة نبوءتكم كجماعة، وتبحثوا معًا، بتواضع وصبر، عن كلمة يمكنها أن تكون عطية للكنيسة والبلاد وتشهدوا لها ببساطة. أنتم كالهوائيات الجاهزة لتلتقط بذار التجدد التي يولدها الروح القدس ويمكنكم أن تساعدوا الجماعة الكنسيّة لتقبل هذه الرؤية الصالحة وتجد سبلاً جديدة وشجاعة لتصل إلى الجميع.

وختم الأب الأقدس كلمته بالقول: فقراء بين الفقراء ولكن قلوبكم تتقد، في سير دائم دون توقّف، مرسلون معًا حتى عندما تكونون وحدكم لأن التكرُّس يجعل منكم شرارات حيّة في الكنيسة! سيروا دائمًا إلى الأمام تقودكم فضيلة الفرح! أشكركم أيها الأعزاء على ما أنتم عليه! ليبارككم الرب ولتحفظكم العذراء. أسألكم أن تصلّوا من أجلي!








All the contents on this site are copyrighted ©.