2014-04-21 10:38:14

تأملات للكاردينال جوفاني باتيستا ريه حول البابوين يوحنا الثالث والعشرين ويوحنا بولس الثاني


مع اقتراب موعد تقديس البابوين يوحنا الثالث والعشرين ويوحنا بولس الثاني، المرتقب يوم الأحد المقبل، السابع والعشرين من الجاري، نشرت صحيفة أوسيرفاتوريه رومانو الفاتيكانية تأملات أعدها الكاردينال جوفاني باتيستا ريه، الرئيس الفخري لمجمع الأساقفة والذي عرف هذين البابوين وكان من بين معاونيهما. كتب نيافته أن هذين الرجلين تمكنا من الدخول إلى قلوب الناس وفتحا أفقا جديدا أمام مسيرة الكنيسة الجامعة، كما تركا بصماتهما في تاريخ العالم المعاصر. بابوان جاءا من بيئتين مختلفتين وتلقيا تنشئتين مختلفتين، لكنهما كانا رجلين عظيمين ونبيلي النفس، نظرا لغناهما البشري وروحانيتهما وذكائهما الخارقين.

تابع الكاردينال ريه يقول: لقد حظي البابا أنجيلو رونكالي بشعبية كبيرة بعد انتخابه بسبب طيبته التي تجلت من خلال علامات عفوية كان يقوم بها، كما فعل، على سبيل المثال، عشية افتتاح أعمال المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني، عندما قال للمؤمنين المحتشدين في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان أن يلاطفوا أبناءهم ويقولوا لهم إن هذه هي ملاطفة البابا. فالبشرية متعطشة للطيبة والمحبة والدفء البشري، لذا شعر الناس بقرب البابا يوحنا الثالث والعشرين منهم بفضل هذه الطيبة التي كانت تشع منه. كما كان هذا الحبر الأعظم الراحل يتمتع بشخصية فرحة، هادئة ومتفائلة، وكانت حياته كلها ثمرة حياة صلاة عميقة وراسخة، ولم يفتقر البابا رونكالي إلى الحكمة والعقلانية وبعد النظر.

وبعد انتخابه حبرا أعظم اتخذ بعض الإجراءات والقرارات التي فاجأت الجميع، ومن بينها الإعلان عن عقد مجمع مسكوني (المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني)، كما تمكن من إقامة علاقات وطيدة وجيدة مع أشخاص كانوا بعيدين كل البعد عن الكنيسة وعن الإيمان المسيحي. ولم يكن يوما من بناة الجدران، بل كان يبني الجسور. وجاء المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني بمثابة جسر بناه مع العالم المعاصر. كما أصدر رسالتين عامتين خاطب من خلالهما العالم، متطرقا إلى قضايا تتعلق بالاقتصاد والعمل والعدالة الاجتماعية والسلام. وتمكن هذا البابا ـ عندما كان سفيرا بابويا وبعد أن أصبح بطريركا للبندقية ثم حبرا أعظم ـ أن يحل كل المشاكل التي كانت تعترضه بفضل طيبته، لأن هذه الطيبة كانت تفتح الأبواب أمام الحوار، وكان هذا الواقع يسهّل التوصل إلى حلول عادلة.

بعدها انتقل الكاردينال جوفاني باتيستا ريه ليسلط الضوء على حبرية البابا يوحنا بولس الثاني الطويلة، وقال إن العالم كله نظر بأعين التقدير إلى شخصية البابا كارول فويتيوا، لاسيما إلى الإنجازات التي حققها على مدى ست وعشرين ستة ونصف من حبريته. وقد كانت الصلاة جزءا أساسيا من حياة هذا الحبر الأعظم، وكانت تتصدر كل أولوياته. فكان فويتيوا يحب الصلاة منذ صغر سنه وكانت بالتالي المحرك الأساسي وراء الديناميكية التي ميّزت شخصيته ونشاطه الرسولي. ولكونه تعاون عن كثب مع البابا يوحنا بولس الثاني، كتب الكاردينال ريه: إن هذا الرجل كان يتمتع بثقة كبيرة بالإضافة إلى عمقه الفكري وقدرته على مخاطبة الحشود والتكلم بلغات عدة بالإضافة إلى سرعة البديهة التي ميّزته.

وأكد نيافته أن ما ترك أثرا كبيرا لديه هي الصلاة التي عكست علاقة وطيدة كانت تجمع البابا فويتوا مع الله. وكان يتوقف لفترات عدة في اليوم الواحد لتلاوة صلوات قصيرة بين الالتزام والآخر. وقد اتخذ كل القرارات الصعبة في حبريته بعد التعمق في الصلاة. وبعد أسبوعين على انتخابه حبرا أعظم قام بزيارة إلى معبد منتوريلا المريمي بالقرب من روما حيث تحدث عن أهمية الصلاة بالنسبة للبابا كي يتمكن من خدمة الكنيسة والعالم على أكمل وجه. وكان هذا البابا يعانق العالم كله من خلال الصلاة وقد تحدث في أكثر من مناسبة عن "جغرافيا الصلاة"، وكان يقول إنه عندما كان يصلّي كان في الواقع يقوم بجولة حول العالم، متوقفا في الدول الأكثر حاجة وقمعا. وكانت كل النشاطات التي قام بها البابا فويتوا ترمي إلى تقريب الرجال والنساء من الله وجعل الله يدخل إلى عالمنا المعاصر.








All the contents on this site are copyrighted ©.