2014-03-26 14:50:52

مداخلة أمين سر المجلس البابوي للحوار بين الأديان في لقاء الصلاة الإسلامي ـ المسيحي في لبنان


شارك أمين سر المجلس البابوي للحوار بين الأديان الأب ميغيل أنخيل أيوزو غوكسوت عصر أمس الثلاثاء في لقاء الصلاة الإسلامي ـ المسيحي الذي نظتمه رابطة قدامى جامعة القديس يوسف ومدرسة سيدة الجمهور، لمناسبة عيد البشارة، وقد ألقى الأب أيوزو مداخلة للمناسبة قال فيها: في كلّ سنة وفي الخامس والعشرين من شهر آذار تجتمعون حول مريم أنتم مسلمو ومسيحيو لبنان. وهذا اللقاء مهم لدرجة أن قررت الحكومة اللبنانيّة عام 2010 إعلان هذا التاريخ عيدًا وطنيًّا للإسلام والمسيحيين معًا. إنه حقًّا مثالٌ عن التعايش الطويل بين المسلمين والمسيحيين الذي وبين العديد من الصعوبات قد طبع دائمًا تاريخ لبنان الذي أصبح أيضًا شهادة لشعوب عديدة أخرى.

تابع الأب أيوزو يقول: منذ المجمع الفاتيكاني المسكوني الثاني، اعترفت الكنيسة الكاثوليكية بأن المسلمين "يكرمون مريم العذراء أم يسوع ويدعونها أحيانًا بتقوى" (في عصرنا، عدد 3). تعرفون أفضل مني أن مريم ذُكرت في القرآن مرات عديدة ويبدو جليًّا الاحترام المخصص لها إذ أنه كلما ذُكر اسمها في الإسلام يضاف إليه "عليها السلام". تضرُّعٌ يرفعه المسيحيون أيضا. كما أريد أن أشير أيضًا إلى المزارات المكرّسة لمريم والتي يؤمها المسلمون والمسيحيون معًا. هنا في لبنان، يطيب لي أن أذكر بشكل خاص سيدة لبنان في حريصا.

أضاف أمين سر المجلس البابوي للحوار بين الأديان يقول: فيما يختص بمنهجية الحوار بين الأديان، والحوار الإسلامي المسيحي أيضًا، علينا التذكير أن الحوار هو تواصل مزدوج. فهو يتطلب التحدث والإصغاء، الأخذ والعطاء من أجل غنى ونمو متبادل. ويقوم على شهادة الإيمان الشخصي وبالوقت عينه على الانفتاح على ديانة الآخر. وهذه ليست خيانة لرسالة الكنيسة، ولا طريقة جديدة للارتداد إلى المسيحية.

تابع الأب أيوزو يقول: أود أن أتوقف عند شخصية مريم مذكّرا بعنوان عيدكم الوطني "معا حول مريم، سيدتنا". ففي العام 1988 تمحورت رسالة المجلس إلى المسلمين لمناسبة نهاية شهر رمضان حول موضوع "مريم نموذج للمؤمنين"، ومما جاء في الرسالة "هكذا يمكنها أن تكون بالنسبة لنا نموذجا للإيمان والصلاة والثقة بالله، مثالا للنقاوة والخدمة والقداسة". أما الإرشاد الرسولي "التقوى المريمية"، الذي أصدره البابا بولس السادس في العام 1974، فيقدّم مريم كـ"عذراء مصغية" (عدد 17)، "عذراء مصلية" (عدد 18) تعزي وتشجع التلاميذ الحاضرين معها في العلية، لدى ولادة الكنيسة، وهي "المأخوذة في الحوار مع الله" (عدد 37). يمكن القول أيضًا إنها نموذج للحوار الداخلي "فكانت تحفظ هذه الأقوال كلها، وتتأمل فيها في قلبها" (لوقا 2، 19. 51)، كما وتميّزت أيضا بحوار مَن يبحث، عندما خاطبت الملاك جبرائيل متسائلة "كيف يكون ذلك؟" (لوقا 1، 34). مريم نموذج للمسلمين والمسيحيين، إنها أيضا نموذج للحوار لأنها تعلمنا أن نؤمن، وألا ننغلق داخل أي يقين، بل أن ننفتح على الآخرين باستعداد تام.

ختم أمين سر المجلس البابوي للحوار بين الأديان الأب ميغيل أنخيل أيوزو غوكسوت مداخلته بالقول: نعلم جيدا أن مريم هي "أم الله" بالنسبة للمسيحيين. والأمر لا يتعلق بغض الطرف عن الاختلافات اللاهوتية الهامة. لكن الإكرام المشترك لمريم يمكن أن يشكل أرضية متقاسمة تعزز التعايش بين الجماعتين، ويدفعهما إلى الاتكال على شفاعة مريم التي "اصطفاها الله وطهّرها واصطفاها على نساء العالمين" (راجع سورة آل عمران، 42) والتي "ستطوبها جميع الأجيال" (لوقا 1، 48). فلننظر إلى مريم فهي "تعرف كيف تتعرف على خطى روح الله في الأحداث الكبيرة وأيضا في تلك التي تبدو غير مرئية. إنها تتأمل بسر الله في العالم، في التاريخ وفي الحياة اليومية لكل شخص وللجميع" (الأرشاد الرسولي قرح الإنجيل عدد 288). أتمنى لكم جميعا أن تتابعوا السير في درب المعرفة والتقدير المتبادل، مسيرة يمكن تسميتها "طريق مريم"، التي تحثنا على الخروج من ذواتنا للقاء الآخرين بثقة ومحبة.








All the contents on this site are copyrighted ©.