2014-03-15 14:19:43

الأب كانتلاميسا: يسوع ينتظرنا في الصحراء فلنذهب إليه!


"علينا أن نجد وقتًا للصمت ونمارس الصوم لا بالامتناع عن الأكل فقط وإنما بالتخلي عن بعض الرفاهيّة فنتغلب بهذا على كل ما يبعدنا عن تحقيق مشيئة الله: هذا هو صوم المسيحي" هذا ما قاله الأب رانييرو كانتالاميسا واعظ القصر الرسولي في عظة الصوم الأولى من سلسلة العظات التي سيلقيها خلال زمن الصوم على أعضاء الـ "كوريا" الرومانية بحضور الأب الأقدس.

قال الأب كانتالاميسا: علينا أن ننتقل من الإنجيل إلى حياة كلِّ فرد منا: إن يسوع قد خرج إلى البريّة حيث صام أربعين يومًا وجُرِّب، ماذا يجب علينا إذًا أن نفعل لنتشبّه به؟ استهل واعظ القصر الرسولي عظته ناقلاً كل تصرّف من تصرفات يسوع إلى حياتنا اليومية وقال: إن الخروج إلى البريّة هو بالنسبة لنا أن نجد لأنفسنا فسحات صمت واختلاء لنضع أنفسنا بحقيقتها أمام الله. إنها دعوة "للعودة إلى القلب" كما يقول القديس أغوسطينوس، أي أن نعود إلى عمق أعماقنا ونغوص كلّ في داخله... للأسف لقد فقدت الحياة الداخلية قيمتها وأصبح من الصعب جدًا علينا أن نقوم بهذا السفر الداخلي لأننا نتوق إلى كل ما هو خارجي ومرئي... من هنا تأتي ضرورة العودة إلى القلب لاسيما بالنسبة لنا نحن الكهنة والمكرسين.

تابع واعظ القصر الرسولي يقول: ولتحقيق هذه العودة من الأهمية بمكان أن نبتعد عن الضجيج ومختلف أشكال الثقافة الحديثة والأدوات التكنولوجية وبالتالي جميع وسائل الاتصالات الاجتماعية التي تجتاح عزلة قلوبنا الحميمة وتبدد طاقاتنا. ليكن هذا صومنا اليوم، فيسوع قد صام عن الأكل لكن زمننا الحاضر يتطلب صومًا مختلفًا: صوم اليوم يدعى بساطة واتّزان... أي أن نحرم أنفسنا وطوعيًّا من بعض أساليب الرفاهية والراحة، مما هو غير ضروري وغالبًا ما يسبب لنا الأذى. بذلك يشكل صومنا هذا تضامنًا مع الفقراء، واحتجاجًا ضد الذهنية الاستهلاكية المسيطرة في عالم اليوم. وأضاف الأب كانتلاميسا يقول: فأن نحرم أنفسنا من الأشياء غير الضرورية والثانوية ومن أمور الرفاهية المتزايدة هو أكثر فعالية من أن نفرض على أنفسنا أنواعًا من التقشفات القاسية.

تابع الأب كاتالاميسا يقول: هناك أيضًا صوم النظر عن تلك الصور والمشاهد التي تنقل لنا العنف والشهوانية وتشوّه صورة الحياة والآخر، كما وأن هناك صوم الفم عن التفوه الشر والكلمات المؤذية التي تسلّط الضوء على جوانب الضعف في إخوتنا وتزرع الشك والخلاف. نحن مدعوون إذًا للابتعاد عن كل ما يسبب أذى وإحباطًا واستياء... وأضاف نحن أيضًا نتعرض للتجارب على مثال يسوع، فالشيطان بدهائه يستعمل حتى ما هو جيد أحيانًا كأداة ليبعدنا عن الله، فالمال صالح إن استعمل جيّدًا، والحياة الجنسية هي عطية من الله ولكن كليهما بإمكانهما أن يصبحا أصنامًا لنا وأدوات مدمّرة. لذلك يأتي الخروج على البريّة ليساعدنا في الابتعاد عن كلّ شيء لنقيم حوارًا شخصيًّا مع الله، فالله قد أراد بالمسيح أن يأخذ وجهًا بشريًا وقلبًا بشريًا ليقترب منا ويساعدنا لنحبه بالطريقة التي نعلم أنه يحبنا بها. وبالتالي فالروح القدس الذي قاد يسوع إلى البريّة هو يقودنا اليوم إلى البريّة لنلتقي بالله، كما يقول الرب: "هاأنذا أتملقها وأذهب بها إلى البرية وألاطفها" (هو 2، 16). وختم الأب رانييرو كانتالاميسا عظة الصوم الأولى بالقول: يسوع ينتظرنا في الصحراء فلنذهب إليه ولا نتركنّه وحده خلال زمن الصوم هذا!








All the contents on this site are copyrighted ©.