2014-02-23 13:59:32

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


في ذلك الزّمان، قالَ يسوعُ لتلاميذِهِ: "سَمِعتُم أَنَّه قيل: "العَينُ بِالعَين والسِّنُّ بِالسِّنّ" أَمَّا أَنا فأَقولُ لكم: لا تُقاوِموا الشِّرِّير، بَل مَن لَطَمَكَ على خَدِّكَ الأَيْمَن فاعرِضْ لهُ الآخَر. ومَن أَرادَ أَن يُحاكِمَكَ لِيَأخُذَ قَميصَكَ، فاترُكْ لَه رِداءَكَ أَيضًا. ومَن سَخَّرَكَ أَن تَسيرَ معه ميلاً واحِدًا. فسِر معَه ميلَين. مَن سأَلَكَ فأَعطِه، ومَنِ استَقرَضَكَ فلا تُعرِض عنه. سَمِعتُم أَنَّه قِيل: "أَحبِب قَريبَك وأَبْغِض عَدُوَّك". أَمَّا أَنا فأَقولُ لكم: أَحِبُّوا أَعداءَكم وصَلُّوا مِن أَجلِ مُضطَهِديكُم، لِتَصيروا بني أَبيكُمُ الَّذي في السَّمَوات، لأَنَّه يُطلِعُ شَمسَه على الأَشرارِ والأَخيار، ويُنزِلُ المَطَرَ على الأَبرارِ والفُجَّار. فإِن أَحبَبتُم مَن يُحِبُّكُم، فأَيُّ أَجرٍ لكم؟ أَوَلَيسَ العَشّارون يفعَلونَ ذلك؟ وإِن سلَّمتُم على إِخواِنكم وحدهم، فأَيَّ زِيادةٍ فعَلتُم؟ أَوَلَيسَ الوَثَنِيُّونَ يَفعَلونَ ذلك؟ فكونوا أَنتُم كامِلين، كما أَنَّ أَباكُمُ السَّماويَّ كامِل (متى 5، 38 – 48).

 

للتـأمل

يدعونا الرب يسوع في هذا الأحد لنتشبه به في كماله "كونوا كاملين كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل". إنها دعوة للنمو الروحي المستمر، متكلين على نعم الرب التي يمنحنا إياها لنبلغ "ملء قامة المسيح" (أف 4، 13). لذلك يمكن لكل منا أن يحقق هذه الدعوة في حياته بالنمو في الفضائل وعمل الخير والخدمة، من خلال المحبة التي تبذل نفسها في سبيل الآخرين و"التي هي رباط الكمال" (كور 3، 14)، والإتّضاع والطاعة والحكمة ونقاوة القلب والحواس.... ليس هذا بالأمر السهل لأن الدرب التي يختارها يسوع هي درب الصليب، ولكنه افتتحها لنا ودعانا لإتباع خطاه قائلاً لنا: "لا تخافوا أنا غلبت العالم! لا تخافوا أنا معكم مدى الدهر!"

يكتب القديس بطرس أن الله "هو الَّذي يُعافيكمَ ويُثَبِّتُكم ويُقَوِّيكم ويَجعَلُكم راسِخين" (1 بط 5، 10). فهل نثق في وعد الله هذا في أنه يسندنا في سيرنا في طريق الكمال الروحي؟! يأتينا الجواب في كلمة القديس بولس الذي اختبر معونة الله في الضعف والتجارب إذ يكتب: "وسأَلتُ اللهَ...فقالَ لي: "حَسبُكَ نِعمَتي، فإِنَّ القُدرَةَ تَبلُغُ الكَمالَ في الضُّعف" (2 كو 12، 9). فبالرغم من ضعفه ثابر بولس الرسول في مسيرته وجهاده الروحي حتى نال الإكليل، وعلَمنا أن نقول دائماً "أَستَطيعُ كُلَّ شيَءٍ بِذاكَ الَّذي يُقوِّيني" (في 4، 13). لذلك بالاتكال على المسيح يمكننا جميعًا أن نحقق في حياتنا هذه الدعوة للكمال. فالكمال والقداسة هما من صفات أبناء الله، بالرغم من ضعفهم وخطيئتهم لأن الله أب وهو يحبنا ويغفر لنا ويفيض علينا رحمته، وإن قالت النفس "أنا سوداء كخيام قيدار" يقول الرب المحب "كلك جميلة يا حبيبتي وليس فيك عيب" (نشيد الأناشيد 1، 5؛ 4، 7). لنقبل إذًا هذه الدعوة التي يوجهها إلينا اليوم يسوع ولنجاهد لنصل إلى الكمال الذي يريده الله لنا.








All the contents on this site are copyrighted ©.