2014-01-31 16:06:11

كلمة البابا فرنسيس لأساقفة النمسا في زيارتهم التقليدية للأعتاب الرسوليّة


استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح أمس الخميس في القصر الرسولي بالفاتيكان أساقفة النمسا في زيارتهم التقليديّة للأعتاب الرسوليّة وللمناسبة سلّمهم الأب الأقدس رسالة كتب فيها: كلٌّ منا يمثل المسيح، وسيط الخلاص الأوحد ويجسّد في الجماعة عمله الكهنوتي، مساهمًا بهذا الشكل في جعل محبة الله حاضرة دائمًا في العالم. وأضاف: يمكننا أن نشكر الله على ما تقوم به الكنيسة في النمسا من أجل خلاص المؤمنين ولخير العديد من الأشخاص، وأرغب في التعبير عن امتناني لكل واحد منكم ومن خلالكم للكهنة والشمامسة والرهبان والراهبات والعلمانيين الملتزمين الذين يعملون بجهوزية وسخاء في كرم الرب. ولكن لا يكفي أن ندبر أمور ما نلناه وما نملكه، لأنه على حقل الرب أن يُفلح ويزرع ليحمل ثمرًا دائم حتى في المستقبل. أن نكون كنيسة لا يعني مجرد تدبير أمور، بل الخروج من ذواتنا لنكون مرسلين ونحمل للبشر نور الإيمان وفرح الإنجيل.

تابع البابا فرنسيس يقول: إن أبناء الله لا يختبئون بل يحملون فرح بنوتهم الإلهية للعالم. وهذا يعني أيضًا أن يلتزموا بعيش حياة مقدّسة. وبالتالي هذا واجب لنا تجاه الكنيسة المقدسة كما نعلنها في قانون الإيمان. بالطبع، وكما يؤكد المجمع الفاتيكاني الثاني: "إن الكنيسة تضم في حضنها الخطأة أيضًا" (نور الأمم عدد 8)، لكن علينا ألا نستسلم للخطيئة لأن "الكنيسة تحتاج دائمًا للتطهير" (نور الأمم عدد 8). وهذا يعني أنه علينا أن نعمل دائمًا من أجل تطهير أنفسنا بواسطة سرّ المصالحة. فالاعتراف هو المكان الذي نختبر فيه محبة الله الرحيمة وحيث نلتقي بالمسيح الذي يعطينا القوة للارتداد ولحياة جديدة. لذلك أسألكم ألا تتعبوا من دعوة البشر للقاء المسيح في سرّ التوبة والمصالحة.

هناك أيضًا حقل آخر مهم لعملنا كرعاة وهو العائلة. فهي تقوم في قلب الكنيسة المبشرة. "وفي الواقع إن العائلة المسيحية هي الجماعة الأولى المدعوة إلى تبشير الشخص البشري، في طور نموّه بالإنجيل، وإلى قيادته، بفضل تربية وثقافة دينية متدرّجة، إلى بلوغ ملء نضجه الإنساني والمسيحي" (الإرشاد الرسولي في وظائف العائلة المسيحية عدد 2). لكن وللأسف نرى في عالم اليوم أن العائلة والزواج، في بلدان العالم الغربي، يعانيان من أزمة داخلية عميقة. وهنا ينفتح أمام الكنيسة حقلاً رسوليًّا جديدًا، وعلى سبيل المثال مجموعات العائلات التي تُُخلق فيها فسحات للعلاقات بين الأشخاص والله، وحيث تنمو شركة حقيقية تقبل الجميع بالطريقة نفسها ولا تنغلق على مجموعات "من النخبة"، فتشفي الجراح وتبني الجسور وتذهب للبحث عن البعيدين وتساعد "لِيَحمِل بَعضنا أَثقالَ بَعض" (غل 6، 2). فالعائلات هي مكان التبشير ونقل الإيمان الحي بامتياز. لنقم إذًا بما في وسعنا لكي تعيش عائلاتنا الصلاة وتختبر الإيمان وتنقله كجزء لا يتجزأ من حياتها اليومية.

تابع البابا فرنسيس يقول: من العائلة "الكنيسة البيتية" ننتقل إلى الرعية حقل الرب الكبير الذي أوكله الرب لنا لنجعله خصبًا بواسطة العمل الراعوي. ولذلك على الكهنة وخدمة الرعايا أن يتيقنوا أن واجبهم في قيادة شعب الله هو خدمة روحيّة محضة. فخادم الرعية هو الذي عليه أن يقود الجماعة الراعوية متكلاً في الوقت عينه على المساعدة والمساهمة القيمة التي يقدمها له معاونيه وجميع المؤمنين العلمانيين. أضاف الحبر الأعظم يقول: كل منا مدعو، ودعوة الله تطالنا في مختلف أماكن حياتنا. فالحديث عن الله وحمل رسالة محبة الله والخلاص بيسوع المسيح للبشر هو واجب كلّ معمّد! وهذا الواجب لا يتضمن الكلام فقط وإنما التصرف أيضًا. على كياننا كله أن يحدث عن الله! فالله لا يسمح لنا فقط بأن نجده ولكنه بمحبته ينحني ليذهب للقاء من يبحث عنه أيضًا. والذي يسلّم ذاته لمحبة الله، يعرف كيف يفتح قلوب الآخرين على المحبة الإلهيّة ليظهر لهم أن الحياة تتحقق بملئها فقط من خلال الشركة مع الله. وفي هذا الزمن الذي يبدو لنا فيه أن القطيع أصبح صغيرًا، نحن مدعوون كتلاميذ للرب لنعيش كجماعة تكون ملحًا للأرض ونورًا للعالم. وختم البابا فرنسيس كلمته التي سلّمها لأساقفة النمسا في زيارتهم التقليديّة للأعتاب الرسوليّة بالقول: لتساعدنا العذراء مريم أمنا لننفتح على الرب مثلها فنصبح قادرين على أن نظهر للآخرين الدرب نحو الله الحي معطي الحياة.








All the contents on this site are copyrighted ©.