2014-01-11 16:30:58

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


في ذلِكَ الوَقْت ظَهَرَ يسوع وقَد أَتى مِنَ الجَليلِ إِلى الأُردُنّ، قاصِدًا يُوحنَّا لِيَعتَمِدَ عن يَدِه. فجَعلَ يُوحنَّا يُمانِعُه فيَقول: "أَنا أَحتاجُ إِلى الاِعتِمَادِ عن يَدِكَ، أَوَأَنتَ تَأتي إِليَّ؟" فأَجابَه يسوع: "دَعْني الآنَ وما أُريد، فهكذا يَحسُنُ بِنا أَن نُتِمَّ كُلَّ بِرّ". فَتَركَه وما أَراد. واعتَمَدَ يسوع وخَرجَ لِوَقتِه مِنَ الماء، فإِذا السَّمَواتُ قدِ انفتَحَت فرأَى رُوحَ اللهِ يَهبِطُ كأَنَّه حَمامةٌ ويَنزِلُ علَيه. وإِذا صَوتٌ مِنَ السَّمَواتِ يقول: "هذا هُوَ ابنِيَ الحَبيبُ الَّذي عَنه رَضِيت".

 

للتأمّل

تحتفل الكنيسة اليوم بعماد يسوع في مياه الأردن على يد يوحنا المعمدان، والذي يمكننا فهمه في ضوء كلمة الله التي تضعنا في إطار ظهور المسيح العلنيّ كابن الله ومخلّص العالم. فبعد أيام قليلة من احتفالنا بالطفل الذي بلقائه بالمجوس أُعلن به الخلاص الشامل للبشريّة جمعاء، نحتفل اليوم بعماده وبدء رسالته الخلاصيّة. يخبرنا الإنجيلي متى أن يسوع هو ابن الآب الحبيب، الذي به يتحقق كل مشروع خلاص ورجاء للبشريّة، لذا فعماد المسيح هو سرّ النور الذي من خلاله يُفتح أمامنا الطريق الرئيسيّ لقداستنا الشخصيّة، هو نقطة الانطلاق، الذي من خلاله تتّقد فينا شعلة المحبة فيمكننا عندها أن نعترف بيسوع حياتنا، رجاءنا وقيامتنا.

تدعونا الكنيسة اليوم للبحث عن هذا النور الذي تحجبه حياتنا اليومية، والذي يخنقه الغضب والكبرياء فلا يمكنه أن يُدفأ قلوبنا وعقولنا لنرى وندرك مسيرة خلاصنا. تدعونا الكنيسة اليوم أيضا إلى التأمل بدعوتنا في ضوء معموديّة المسيح، فبالمعموديّة نعلن أنّنا مُلك الله، نرفض الشيطان وكلّ تعاليمه، نعلن أنّ خيرنا الأوحد هو الله وحده. بالمعموديّة نلبس المسيح أي أبناء الكنيسة وأعضاءها. بواسطتنا تعلن الكنيسة حبّ الله للعالم، بواسطتنا تقدّس الكنيسة العالم، بواسطتنا تعلن الكنيسة إنجيل الخلاص.

معموديتنا هي دعوة إلى القداسة: معموديّة المسيح هي صورة عن حقيقة كلّ واحد منّا، نصغي لدعوة الله في قلبنا، نعود إلى صوت الضمير، نقبل الله في حياتنا، نتكرّس له بالمعموديّة، نصبح له بكلّيتنا، نضع ذاتنا بين يديه، نقول له: أريد أن أكون وسيلة لك، لتقدّس الإخوة من خلالي. حلول الرّوح على المسيح في الأردن هي صورة عن حلول الله على حياتي، فيجعلني تحفة رائعة الجمال، أعلن للكون عن جمال الله من خلال جمال النعمة التي نلتها، نعمة أن أكون إبناً لله. معموديتنا هي دعوة إلى التوبة: الله لا يختار كمالي، فهو أحبّني رغم ضعفي، ورغم خطيئتي، أحبّني كما يحب الأب ابنه المريض الضعيف، يحبّني رغم سقطاتي ورغم هفواتي، يريدني أن أكون له، ليعمل في حياتي، ويبدّل ضعفي بقوّته، ويبدّل خطيئتي بنعمته.

بالمعموديّة تتحقّق في حياتنا الشخصيّة إمكانيّة الإتّحاد بالحبّ الإلهيّ، فبالمعموديّة نصبح أبناء الله، نسمع صوته يقول لنا: أنت ابني الحبيب. يفرح قلب الآب بنا، ويُسرّ بأن قد وُلد له بالنعمة وبالرّوح القدس ابن جديد. هذا هو سرّ المعموديّة، هذا سبب دخول المسيح اليوم في مياه الأردنّ. فهل نعي في حياتنا هذه الحقيقة؟ هل ندرك عظمة حبّ الله لنا؟ هل نفهم كم أنّنا نجرح قلب الله الّذي أحبّنا بإصرارنا على البقاء في خطيئتنا؟ هي دعوة لنا لأن نتوب، فالله يحبّنا وينتظرنا، ينتظرنا ليغفر لنا، ويضمّنا إلى قلبه، ويهمس في أذننا من جديد: أنت هو ابني الحبيب، بك أنا سُررت.








All the contents on this site are copyrighted ©.