2013-11-20 14:44:38

في مقابلته العامة مع المؤمنين البابا فرنسيس: يحق للمؤمنين جميعًا أن يجدوا في الكهنة خَدَمةً لمغفرة الله!


أجرى قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأربعاء مقابلته العامة مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان واستهل تعليمه الأسبوعي بالقول: لقد تحدثنا في تعليم الأسبوع الماضي عن "مغفرة الخطايا" وارتباطها بسر المعموديّة، واليوم نتابع تعليمنا حول الموضوع عينه وإنما بارتباطه بـ "سلطان مفاتيح ملكوت السماوات" وهو الرمز الكتابي للرسالة التي أعطاها يسوع للرسل.

قال الأب الأقدس: يجب التذكير أولاً أن الروح القدس هو الذي يمنح الغفران. ففي أول ظهور للتلاميذ المجتمعين في العليّة، وقف يسوع بينهم ونفخ فيهم وقال لهم: "خذوا الرُّوحَ القدس. مَن غفرتم لهم خطاياهم تغفر لهم، ومَن أَمسَكتم عليهمِ الغُفران يمسَك عليهم" (يو 20، 22- 23). إن يسوع الإنسان الجديد يمنح المواهب الفصحيّة ثمرة موته وقيامته. وما هي هذه المواهب؟ تابع البابا يقول، إنها السلام والفرح، مغفرة الخطايا والرسالة، ولكنه يعطي خصوصًا الروح القدس مصدر هذه المواهب كلها، وقبل أن ينفخ في تلاميذه ويمنحهم الروح القدس، أراهم جراحه في يديه وجنبه، هذه الجراح التي تمثل ثمن خلاصنا. والروح القدس يحمل إلينا غفران الله من خلال جراح يسوع، هذه الجراح افتدانا بها ولا يزال يحتفظ بها الآن في السماء ويظهرها للآب. بقوة هذه الجراح تُغفر خطايانا، ويسوع قد بذل حياته ليمنحنا السلام والفرح والنعمة لنفوسنا والغفران لخطايانا، وهذا لأمر رائع!

بهذا نصل إلى العنصر الثاني: لقد منح يسوع الرسل سلطان مغفرة الخطايا، تابع البابا يقول، كيف يكون هذا؟ لأنه من الصعب أن نفهم كيف يمكن لإنسان أن يغفر الخطايا. إن يسوع يمنح هذا السلطان، والله هو الذي برحمته السامية يغفر لكل إنسان، وهو الذي أراد أن ينال الغفران جميع الذين ينتمون للمسيح وكنيسته بواسطة خَدَمة الجماعة. إن رحمة الله تطالنا بواسطة الخدمة الرسوليّة فتغفر خطايانا وننال الفرح. بهذا الشكل يدعونا يسوع لعيش المصالحة في البعد الكنسي والجماعي أيضًا. وهذا لأمر رائع. فالكنيسة المقدسة والمحتاجة للتوبة ترافق مسيرة توبتنا طول الحياة، لكنها ليست سيّدة "سلطان مفاتيح ملكوت السماوات" بل هي في خدمة سرّ الرحمة وتفرح في كل مرة تمنح فيها هذه الموهبة الإلهيّة.

أضاف الحبر الأعظم يقول: قد لا يفهم العديد من الأشخاص هذا البعد الكنسي للغفران لاسيما وأن نزعة الفردانيّة والذاتيّة تسيطران أكثر فأكثر، ونحن كمسيحيين نتأثر بهما أيضًا. صحيح أن الله يغفر لكل خاطئ تائب بمفرده، لكن المسيحي مرتبط بالمسيح والمسيح متّحدٌ بالكنيسة، وهذه نعمة أكبر لنا نحن المسيحيين والتزام بأن نمر بتواضع عبر هذه الخدمة الكنسيّة، ويجب علينا أن نفهم قيمتها! إنها عطيّة ولكنها أيضًا علاج! إنها حماية ولكنها أيضًا ثقة بأن الله قد سامحني. وهذا لأمر رائع! لأن الله يسامحنا دائمًا ولا يتعب أبدًا من مسامحتنا وعلينا نحن أيضًا ألا نتعب من الذهاب إليه لطلب المغفرة.

نصل إلى النقطة الأخيرة، تابع البابا فرنسيس يقول، الكاهن هو الأداة لمغفرة الخطايا. إن مغفرة الخطايا التي ننالها بواسطة الكنيسة تُنقل إلينا من خلال خدمة أخينا الكاهن، إنه إنسان مثلنا وبحاجة بدوره للرحمة، لكنه يصبح أداة للرحمة ويقدم لنا محبة الله الآب التي لا تعرف الحدود. فالكهنة والأساقفة يعترفون أيضًا بخطاياهم! جميعنا خطأة. حتى الأب الأقدس يعترف كل خمسة عشر يومًا، لأنه خاطئ أيضًا. ومُعرّفي يصغي للأشياء التي أقولها له، ومن ثم ينصحني ويغفر لي لأننا جميعنا بحاجة لهذا الغفران!

قد نسمع أحيانًا بعض الأشخاص الذي يزعمون بأنهم يعترفون مباشرة لله. نعم وكما قلت لكم سابقًا، إن الله يصغي دائمًا ولكنه في سرّ المصالحة يرسل لنا أخًا ليحمل إلينا المغفرة والثقة بهذه المغفرة باسم الكنيسة. فالخدمة التي يقوم بها الكاهن كخادم من قبل الله لمغفرة الخطايا هي خدمة حساسة وتتطلب منه قلبًا يعيش بسلام ولا يعامل المؤمنين بقساوة، كما وتتطلب منه قلبًا متواضعًا محبًا ورحيمًا يعرف كيف يزرع الرجاء في القلوب ويدرك خصوصًا أن الشخص الذي يقترب من سرّ المصالحة هو شخص يبحث عن المغفرة وباقترابه هذا يقترب منه كالعديد من الأشخاص الذين كانوا يبحثون عن يسوع ويقتربون منه ليشفيهم. لذلك فإن لم يوجد في الكاهن هذه الجهوزية من الأفضل له ألا يتقدم لمنح هذا السرّ لأنه يحق للمؤمنين جميعًا أن يجدوا في الكهنة خَدَمةً لمغفرة الله!

وختم الأب الأقدس تعليمه الأسبوعي بالقول: إخوتي وأخواتي الأعزاء، أسألكم كأعضاء في الكنيسة هل ندرك جمال هذه الموهبة التي يمنحنا الله إياها؟ هل نشعر بفرح هذا الاهتمام والانتباه الوالدي الذي تقوم به الكنيسة تجاهنا؟ هل نعرف ببساطة قيمة هذا الاهتمام؟ لا يغيبنَّ عن فكرنا أبدًا أن الله لا يتعب أبدًا من مسامحتنا، ومن خلال خدمة الكاهن هو يضمّنا مجددًا إلى حضنه ويلدنا من جديد ويُنهضنا لنتابع مسيرتنا. هذه هي حياتنا: نهوض مستمرّ لمتابعة المسيرة.








All the contents on this site are copyrighted ©.