2013-10-29 14:26:53

البابا فرنسيس: "الرجاء المسيحي حي ويعطي الحياة"


"الرجاء ليس مجرد تفاؤل وإنما هو انتظار وشوق لظهور ابن الله" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته صباح اليوم الثلاثاء مترئسًا القداس الإلهي في بيت القديسة مرتا بالفاتيكان، وأكد أن الرجاء المسيحي هو رجاء حيّ ويعطي الحياة.

ما هو الرجاء المسيحي؟ استهل الأب الأقدس عظته انطلاقًا من كلمات القديس بولس في رسالته إلى أهل روما ليسلّط الضوء على بعد الرجاء المسيحي، فهو ليس مجرّد تفاؤلٍ وإنما هو انتظار وشوق لظهور ابن الله. فالخليقة قد "أُخضِعَت لِلباطِل بِسُلطانِ الَّذي أَخضَعَها" ولذا يعيش المسيحي بين العبوديّة والرجاء، وهذا الرجاء كما يقول القديس بولس "أمين لا يخيّب أبدًا"، وإنما قد يصعب علينا فهمه أحيانًا ونحوله إلى مجرّد تفاؤل بشريّ.

تابع البابا فرنسيس يقول: الرجاء ليس مجرّد تفاؤل، فهو ليس القدرة على النظر للأمور وقبولها والمضي إلى الأمام! لا هذا ليس رجاء. الرجاء ليس موقفًا إيجابيًّا أمام الصعوبات والمشاكل! والشخص الذي يرجو ليس الشخص الايجابي الذي يقبل كلّ شيء، إنها صفات حسنة ولكنها ليست رجاء! ليس من السهل أن نفهم الرجاء، فهو أكثر الفضائل تواضعًا لأنه يختبئ في يوميّات الحياة. يمكننا أن نشعر بالإيمان وأن نرى أعماله وكذلك المحبة! لكن ما هو الرجاء؟ كيف يكون موقف الإنسان الذي يرجو؟ يمكننا أن نقول قبل كل شيء أن الرجاء هو مخاطرة! إنه، كما يقول القديس بولس، فضيلة "الانتظار بفارغ الصبر لتجلّي ابن الله"، ولذا فهو ليس وهمًا.

فالرجاء، تابع البابا فرنسيس يقول، هو التوق نحو هذا الظهور، هذا الفرح الذي سيرسم البهجة على وجوهنا ويفرج أساريرنا. فالقديس بولس يؤكد أن الرجاء هو أكثر من مجرّد تفاؤل بشريّ، إنه شيء مختلف! لقد كان المسيحيون الأوائل يصوّرون الرجاء ويرمزون إليه بالمرساة، كعلامة للثبات على ضفاف الأبديّة، وحياتنا هي مسيرة نحو هذه المرساة.

أضاف الأب الأقدس يقول لنسأل أنفسنا: أين يرسو كلٌّ منا؟ هل نرسو على ضفاف محيط الأبديّة أم في بحيرة اصطناعيّة من صنع أيدينا، تتماشى مع قوانيننا وتصرفاتنا، أوقاتنا ومواقفنا الكنسيّة وغير الكنسيّة؟ هل نرسو هناك حيث ضماناتنا وحيث كلّ شيء يريحنا ويناسبنا؟ أقول لكم هذا ليس رجاء! إن كان قلبي يرسو في تلك البحيرة فهذا ليس رجاء!

تابع البابا فرنسيس يقول: يعطينا القديس بولس تشبيهًا آخر عن الرجاء وهو لحظة الولادة، عندما نكون في انتظار تلك اللحظة يكون رجاؤنا حيًّا لأنه انتظار يعطي الحياة. وأضاف يقول: نحن لا نرى الروح عندما يعمل لكننا نعرف أنه يعمل فينا ومن خلالنا كما ولو كنا حبّة خردل صغيرة تنبض بالحياة والقوة لتنمو وتصبح شجرة كبيرة تعشش فيها طيور السماء. فالروح يعمل فينا تمامًا كالخميرة، لا نراه ولكنه يعمل! لذلك فهناك فرق كبير بين عيش الرجاء لأننا بالرجاء نلنا الخلاص، والعيش كمجرّد مسيحيّين صالحين. كما وأن هناك فرقًا أيضًا بين أن عيش في انتظار ظهور ابن الله أوأن أعيش فقط بحسب الوصايا، وأن أرسو على ضفاف الأبديّة أو في بحيرة اصطناعيّة! لنتأمل بمريم تلك الصبيّة التي عندما نالت البشرى من عند الله بأنها ستلد ابن الله تغيّرت في كيانها وانطلقت تُنشد نشيدها وذهبت لتساعد نسيبتها. وهذه حال كل امرأة حامل، فهي لم تعد مجرّد امرأة فقط بل هي أم وهذا هو الرجاء! الرجاء يغيّرنا فنكون أنفسنا ولسنا أنفسنا، نعيش هنا ولكننا نتوق إلى هناك حيث نرسو!

وختم الأب الأقدس عظته متوجهًا لمجموعة من الكهنة المكسيكيين، عاونوه بالاحتفال بالذبيحة الإلهيّة بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين على سيامتهم الكهنوتيّة، وقال لهم: اسألوا العذراء أم الرجاء أن تمنحكم النعمة لتكون سنيكم سنين رجاء فتكونوا كهنة رجاء يزرعون الرجاء أينما حلّوا!








All the contents on this site are copyrighted ©.