2013-10-17 13:15:58

البابا فرنسيس: "عندما يصبح المسيحي تلميذًا لأيديولوجية معيّنة يفقد إيمانه"


"عندما يصبح المسيحي تلميذًا لأيديولوجية معيّنة يفقد إيمانه" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الخميس في عظته مترئسًا القداس الإلهي في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان ونبّه المؤمنين من خطر التقوقع والانغلاق على الذات وقال إن الذي لا يصلّي يفقد إيمانه ويضيع في الايديولوجيات والتشدّد الأخلاقي.

"الوَيلُ لَكُم يا عُلَماءَ الشَّريعَة، قَدِ استَولَيتُم على مِفتاحِ المَعرِفة، فلم تَدخُلوا أَنتُم، والَّذينَ أَرادوا الدُّخولَ مَنَعتُموهم!" استهل الأب الأقدس عظته انطلاقًا من تحذير يسوع الذي نقرؤه في نص الإنجيل الذي تقدمه لنا الليتورجية اليوم وقال: عندما نسير في الطريق ونصل أمام كنيسة ونجد أبوابها مغلقة، يراودنا شعور غريب ونقول بأنفسنا: لماذا ماذا يجري؟ ويأتي الجواب أحيانًا مع شروحات ليست في أغلب الأوقات إلا حججًا وأعذارًا، لأن الواقع هو أن الكنيسة مغلقة ولا يمكن لأحد من الناس أن يدخل، والأسوأ من ذلك أن الرب لا يمكنه أن يخرج أيضًا.

يحدثنا يسوع اليوم عن هذا الانغلاق، عن هؤلاء المسيحيين الذين يستولون على المفتاح ويغلقون الأبواب، فلا يدخلون ويمنعون الآخرين من الدخول، أضاف البابا يقول: هذا هو الخلل في تقديم الشهادة ويصبح الخلل أكبر إذا كان هذا الشخص كاهنًا أو أسقفًا! لكن كيف يمكن للمسيحي أن يقع في هذه التجربة؟ تابع الأب الأقدس يقول: يمر الإيمان في أنبيق ويصبح إيديولوجيّة! والإيديولوجيات لا تعرف يسوع ومحبته ووداعته! الإيديولوجيات صارمة ومتشدّدة! وعندما يصبح المسيحي تلميذًا لأيديولوجية معيّنة يفقد إيمانه، ويفقد انتماءه وتتلمذه ليسوع. لذلك يقول يسوع لعلماء الشريعة في الإنجيل: "قَدِ استَولَيتُم على مِفتاحِ المَعرِفة"، لأن معرفة يسوع قد تحوّلت بالنسبة لهم إلى مجرد معرفة إيديولوجية وأخلاقيّة.

ويقول يسوع أيضًا: "الوَيلُ لكم، أَيُّها الفِرِّيسِيُّونَ، فإِنَّكم تُؤَدُّونَ عُشْرَ النَّعنَعِ والسَّذابِ وسائِرِ البُقول، وتُهمِلونَ العَدلَ ومحبَّةَ الله... الوَيلُ لَكُم، أَنتُم أَيضًا، يا عُلَماءَ الشَّريعَة، فإِنَّكم تُحَمِّلونَ النَّاسَ أَحمالاً باهظة، وأَنتُم لا تَمَسُّونَ هذِه الأَحمالَ بإِحْدى أَصابِعِكم". هذا هو موقف من يقفل الباب ويستولي على المفتاح: يصبح الإيمان إيديولوجيّة، والإيديولوجيّة تخيف وتبعد الناس وتبعد الكنيسة عن الناس! إنها مرض خطير! مرض تحدث عنه القديس يوحنا في رسالته الأولى، عن أولئك المسيحيين الذين تركوا إيمانهم وخرجوا يتبعون الإيديولوجيات التي كانت معاصرة لهم! وعندما يترك التلميذ إيمانه يصبح قاسيًًا ومتشدّدًا ويصبح قلبه خاليًا من كل محبة وطيبة! لكننا قد نتساءل لماذا يصبح المسيحي هكذا؟ ماذا يحدث له ولقلبه؟ أضاف البابا يقول: ببساطة أقول لكم لأنه أهمل صلاته! وعندما تغيب الصلاة يُقفل الباب!

تابع البابا فرنسيس يقول: الصلاة هي المفتاح الذي يفتح باب الإيمان! وعندما يُهمل المسيحيُّ صلاته تصبح شهادته شهادة كبرياء وتعجرف! يفقد الوداعة وتصبح حياته بحثاً عن مجده وكراماته. لكن عندما أصلّي ينمو إيماني وأبني علاقة حوار وصداقة مع يسوع! وأشدّد على كلمة "أُصلي" والتي تختلف عن عبارة "تلاوة الصلوات"، فالفريسيون وعلماء الشريعة كانوا يتلون كلّ الصلوات المفروضة في المجامع وفي زوايا الشوارع، لكي يظهروا للناس، لكن يسوع يقول لنا: "وأما أنت فمتى صليت فادخل إلى مخدعك وأغلق بابك، وصل إلى أبيك الذي في الخفاء. فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية".

أضاف البابا يقول: فالذين لا يصلّون يفقدون إيمانهم ويحولونه لأيديولوجية متشدّدة لا تعرف يسوع، وعندما يأتي إليهم مسيحيٌّ صالح وينبّههم على أخطائهم، يتصرفون تمامًا كالكتبة مع يسوع كما يخبرنا الإنجيلي لوقا: "فلمَّا خَرَجَ مِن هُناك، بَلَغَ حِقْدُ الكَتَبَةِ والفِرِّيسيِّينَ عَليهِ مَبلغًا شَديدًا، فجعَلوا يَستَدرِجونَه إلى الكَلامِ على أُمورٍ كَثيرة، وهُم يَنصُبونَ المَكايِدَ لِيَصطادوا مِن فَمِه كَلِمَة".

وختم البابا فرنسيس عظته بالقول: لنطلب من الرب نعمة المداومة على الصلاة لكي لا نفقد إيماننا ونحافظ على تواضعنا، فلا ننغلق على ذواتنا ولا نغلق الأبواب في وجه الرب والآخرين!








All the contents on this site are copyrighted ©.